الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تم الحكم على رئيس الادارة الفلانية بمصادرة امواله الناتجة من الرشاوى والاختلاس وغسل الأموال! تمت مصادرة المنازل والمزارع واليخوت لفلان من الناس بسبب تورطه بجرائم فساد! اصبحت مثل هذه الاخبار رائج سماعها في الفترة الاخيرة، السؤال هنا هو ماذا بعد استرداد هذه الأموال وقبل صدور الحكم القضائي؟ بينما تعمل الدول على تحسين قدرتها على استرداد الأصول المتأتية من نشاط إجرامي كالفساد، فإنها تواجه تحديًا آخر هو: كيف ينبغي إدارة هذه الأصول أثناء سير الإجراءات القضائية؟
باختصار: جزء لا يتجزأ من عملية استرداد الأصول هو القدرة على اتخاذ تدابير وقائية مؤقتة لمنع إخفاء الأصول أو إنفاقها أو بيعها من قبل المشتبه بهم قبل أن تصدر المحكمة الأمر النهائي للمصادرة. قد يشمل ذلك أمر محكمة أو مدع عام بمصادرة الأصول أو تجميدها، أو وضعها في عهدة الآخرين لإدارتها ، أو تركها مع المالك بشروط صارمة.
لا يعتبر التحدي كبيرا بالنسبة للسيولة التي في الحسابات المصرفية حيث يمكن تجميدها دون الحاجة إلى إدارة نشطة لهذه الارصدة. لكن التحدي الاكبر يكون فيما يتعلق بالأصول المادية أو المنقولة – المنازل والسيارات واليخوت وما إلى ذلك. قد تتطلب هذه الأصول تخزينًا أو صيانة دورية لإبقائها في حالة جيدة وعلى مدار إجراءات المحكمة الجنائية ، وهذا قد يؤدي إلى تكبد تكاليف كبيرة كأن تنخفض قيمة الأصول خلال فترة الحجز وقد يهلك الآخرون أو يهترئ بمرور الوقت.
بالطبع، الدول لم يطلق لها العنان للتصرف بهذه الأصول غير المشروعة او المشبوهة ، بل لابد من مراعاة الالتزامات الدولية ومراعاة التوجيهات والتوصيات بشأن أفضل الممارسات من المنظمات الدولية في هذا الخصوص.
تناول جوناثان سبايسر، كبير أخصائي استرداد الأصول في المركز الدولي لاسترداد الأصول (ICAR) هذا الموضوع في اجتماع المنتدى العالمي حول التدفقات المالية غير المشروعة والتنمية المستدامة في 21-22 سبتمبر. تحدث جوناثان أمام ممثلي مؤسسات إدارة الأصول في أوروبا وأمريكا اللاتينية وخبراء دوليين آخرين وممثلي المجتمع المدني، وأوضح النتائج الرئيسية لدراسة حديثة حول المعايير الدولية في إدارة الأصول. حللت هذه الدراسة المعايير والتوجيهات الدولية ذات الصلة بشأن أفضل الممارسات في إدارة الأصول وأخذت بعين الاعتبار الالتزامات القانونية الدولية المطبقة.
التقرير النهائي يسعى الى بدء وضع التشريعات حول هذا الموضوع وتطبيقه على خمسة دول وتجربته لاكتشاف الثغرات القانونية وكيف يمكن تعديله. لكن بشكل عام، حتى الآن، لا يوجد نموذج محدد لإدارة الأصول في قضايا المصادرة الجنائية أو في حالات المحاكمة من دون الوصول لمرحلة الإدانة. بالطبع كل دولة سيكون لها نظامها الخاص ولكنها ستراعي الاتفاقيات والمعايير الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. سيكون المعيار في اختلاف هذه الانظمة مبني على
القدرة على استرداد الأصول الإجرامية ؛حجم وطبيعة الأصول التي يتم استردادها ؛ الموارد المتاحة لإدارة الأصول المحجوزة.
تعتبر هذه المسألة القانونية من احدث المسائل التي يتم مناقشتها في العالم، اذ ان العائد من ورائها ليس فقط اقتصادي، وإنما لها هدف اقتصادي وسياسي واجتماعي.
تعود هذه الأهمية للحاجة إلى التخطيط المسبق قبل الاستيلاء على الأصول والحاجة إلى القدرة على التصرف في الأصول و المحافظه عليها قبل المصادرة النهائية لتحقيق القيمة الكاملة للأصول وتقليل التكاليف. أحد الموضوعات الرئيسية التي يجب التفكير بها هو كيفية التخلص من الأصول بعد المصادرة النهائية: هل يمكن إعادة استخدام الأصول للأغراض الاجتماعية أو هل يمكن إعادة توجيه الأموال المحققة من بيع الأصول إلى مبادرات مكافحة الجريمة ، على سبيل المثال؟ لو تم التعامل مع هذه الأصول بهذا الشكل سوف يحقق المشرع الثقة بالسلطة الحاكمة وبالارادة السياسية، واستقرار المجتمع وشعورهم بالولاء، وبهذه الطريقة، ستزداد ثقة الجمهور في استرداد الأصول الإجرامية حيث يُنظر إلى مرتكبي الجرائم على أنهم غير قادرين على الاحتفاظ بالربح و الرفاهية من خلال ارتكاب جرائمهم.
لذلك، يجب ممارسة سلطات إدارة الأصول بشفافية. يمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام أنظمة تكنولوجيا المعلومات لتسجيل وتتبع الأصول المصادرة حتى الوصول الى الحكم النهائي ، كما يجب تفعيل السياسات الإدارية الحديثة وعمليات التدقيق المنتظمة للاستفادة من الجهود المبذولة في مكافحة الجريمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال