الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هناك العديد من الناس التي تتساءل هل النفط سينتهي قريبا ؟ الاجابة : لا , فالنفط باق الى حد بعيد على اقل تقديرعلى لكن الطلب على النفط هو الذي سيقل، لأن دول العالم تريد التقليل من خطر التلوث والتقليل من استعمال المحروقات والاعتماد على الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية والطاقة الريحية وغيرها من الطاقات صديقة البيئة.
هل صحيح أن دول الخليج ستنفذ مدخراتها؟
أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا متوقعا فيه أن دول الخليج ستنفذ مدخراتها عام 2035 أي بعد 14 سنة، بحيث قدرت ثرواتها ب 2000 مليار دولار؛ مفسرا ذلك سبب إفلاسها بانخفاض الطلب على النفط وإنخفاض أسعاره.
وسيعزى إنخفاض الطلب وسعر النفط إلى عدة عوامل من أبرزها: أن هناك وفرة في المعروض من البترول وسوف تزيد هذه الوفرة بسبب تطور تكنولوجيا إستخراج الزيت من الأماكن التقليدية، بالإضافة إلى مزاحمة الطاقة البديلة من الشمس، الرياح، المياه… للطاقة الأحفورية المتمثلة في النفط. هذه العوامل سوف تؤثر في إنخفاض عوائد دول الخليج التي تعتمد إقتصادتها بشكل رئيسي على العوائد النفطية، وحسب التقرير فإن ثروة المنطقة المادية قد تستنزف بحلول 2035، كما عانت دول الخليج على رأسها السعودية أكبر مصدر للنفط بالعالم، من عجز في الموازنة وتراجع النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الأجنبية ما دفعها إلى اللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي، حيث في سنة 2014 تسبب إنهيار أسعار النفط بخسارة إقتصادات دول الخليج المليارات من الدولارات.
فما هي الاجراءت المتخذة من طرف دول الخليج بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة للاستعداد لهذا الوضع؟
سعت دول الخليج من أجل النهوض باقتصاداتها وعدم التأثر بالأمر إلى تعزيز الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية بهدف دعم تنافسية الاقتصاد المحلي وتعزيز مكانته على المستوى العالمي. ونجحت العديد من الدول بتنفيذ عدد من المشاريع الضخمة في هذا المجال مثل دولة قطر التي تعد من الدول التي وضعت خططا تعتبر كمفتاح للدفع بعجلة الإقتصاد القطري نحو الأمام ، ومن بينها ميناء حمد ومطار حمد الدولي ومشروع مترو الدوحة ، ناهيك عن مشاريع تشييد ملاعب بمقومات دولية إستعدادا لإستضافة الحدث العالمي الأضخم ( كأس العالم 2022 )، هذا الأخير من شأنه أن يفتح فرصا كبيرة لتطور الإقتصاد القطري وذلك عن طريق الجذب السياحي على طول فترة هذا المحفل الدولي.
كما الحال مع الكويت التي تمتلك اقتصاد جيد، والذي يمثل قطاع النفط والغاز اكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي وحوالي 95% من عائدات التصدير، والتي أطلقت رؤيتها 2035 التي تسميها “مرحلة ما بعد النفط”، بحيث تهدف هذه الرؤية إلى خلق مشاريع بنية تحتية ضخمة من أبرزها مبنى الركاب ومطار الكويت الدولي الذي سيزيد الطاقة الاستيعابية بـ25 مليون راكب سنويا، وهنالك 15 مشروعا جاري طرحها بتكلفة 1.2 مليار دينار والتي تعد من الركائز من أجل النهوض بالإقتصاد الكويتي.
في إطار تطوير إقتصادات دول الخليج قامت كذلك دولة الإمارات بوضع مقترحات لمشاريع قادمة تعتمد على القطاعات التي تحتاج إلى التحسين، كما قامت بإطلاق خطة طويلة المدى لتحويل اقتصاد الإمارات إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وتقليل الاعتماد على قطاع النفط كمصدر رئيسي للنشاط الاقتصادي الإماراتي، تعمل رؤية 2030 الاقتصادية على بناء اقتصاد مستمر وتضمن تطبيق منهج متوازن للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعد هذه الرؤية هي ثمرة جهود مكثفة قامت بها الحكومة سواء في القطاع الخاص أوالعام، بحيث تهدف هذه الرؤية الاقتصادية إلى أن تبني سياسات مالية منضبطة لديها القدرة على خلق مشاريع تساهم في تطوير الدولة الإماراتية، وبناء بيئة أعمال منفتحة وفعالة ومندمجة مع الاقتصاد العالمي، وتقدم البنية التحتية كالسكك الحديدية… دعما للنموالاقتصادي المتوقع بالإضافة إلى تمكين الأسواق المالية لتصبح الممول الرئيسي للقطاعات والمشاريع الاقتصادية.
اما عن السعودية والتي تمتلك أكبر اقتصاد في دول الخليج وتصنف أيضا من أكبر دول العالم اقتصادا، فحسب المركز الإحصائي الخليجي تساهم السعودية بأكثر من 48٪ من الناتج المحلي الخليجي أي حوالي 793 مليار دولار.
تنعم المملكة بالعديد من الثروات الغنية، بحيث مكنتها مزاياها الجغرافية والثقافية والاجتماعية والديمغرافية والاقتصادية من اتخاذ مكانة رائدة في العالم.
وتسعى المملكة السعودية بخلق قوة استثمارية رائدة، وذلك بخلق مجتمع حيوي ابتداء من تشييد المتاحف و وسياحة الآثار والعديد من الأهداف التي تساهم في ازدهار اقتصاد المملكة لبناء مستقبل تقدمي للبلاد، ووضعت المملكة العربية السعودية رؤية تستند إلى ثلاث ركائز تسلط الضوء على مزاياها التنافسية الفريدة. وستستخدم المملكة قوتها الاستثمارية لخلق اقتصاد أكثر تنوعا واستمرارية. كما ستقوم المملكة باستخدام موقعها الاستراتيجي للربط بين القارات الثلاث إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأيضا دون نسيان مجهودات الحكومة التي تمكنت من وضع خطط من أجل جعل الإقتصاد السعودي مزدهر، بحيث أكدت تقارير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية سجل نموا إيجابيا للمرة الأولى منذ بدء جائحة كورونا، بنسبة قدرها 1.5 ٪.
في ما كان صندوق النقد الدولي يتوقع إنكماشا في الإقتصاد الخليجي إلا أن التقديرات الحكومية تشير إلى أن الإقتصاد السعودي تمكن مخالفة تلك التوقعات وذلك بفضل الحكومة السعودية التي وضعت عدة برامج تطور من الإقتصاد السعودي، كما حقق الإقتصاد السعودي مستويات إيجابية في الأنشطة غير النفطية خلال العام الماضي بلغت حوالي 357 مليار ريال.
كما تتمثل القوة الإقتصادية السعودية في وضع رؤية مستقبلية 2030 التي تسميها “خطة ما بعد النفط”، وتستعد المملكة السعودية للإعلان عن الإنتهاء من تسليم حوالي 80 مشروع حكومي كبير، بحيث تبلغ 20 مليار ريال كما تهدف الحكومة السعودية بهذه الرؤية إلى خلق مشاريع من أبرزها زيادة الأنشطة غير النفطية إلى ستة أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويا إلى 267 مليار دولار سنويا، كما تهدف إلى زيادة حصة الصادرات غيرالنفطية من 16% من الناتج المحلي حاليا إلى 50%. وتسعى السعودية إلى تحسين وضعها لتصبح ضمن أفضل الدول اقتصادا في العالم.
الصندوق السيادي السعودي قد يصل حجمه إلى 1.8 تريليون دولار بعد إعلانها عن مشاريع كبيرة والتي تعتبر الأولى الصعيد العالمي وهو ما سيؤدي في النهاية إلى جعل الصندوق السيادي السعودي قوة عالمية مؤثرة في الاقتصاد العالمي بأكمله.
ويرى خبراء اقتصاديين أن الصندوق السيادي السعودي يساهم بشكل أساسي في الحفاظ على القدرة المالية التي تمتلكها المملكة السعودية، بحيث يساعدها في تنويع مصادر الدخل.
ووفقا للخبير الاقتصادي (سعود الأحمد) ” فإن الصندوق السيادي السعودي يعمل على توفير مصادر للدخل في السوق المحلية متنوعة، ويساعد على تأسيس الشركات عبر تأمين القروض بنحو 10 ملايين دولار مما يؤدي إلى تنويع الدخل، ومساعدة المواطنين على الانخراط في العمل داخل مناطق المملكة وتحقيق الأرباح وزيادة قدراتهم المالية. ”
هذا من جهة أما من جهة أخرى فقد قامت المملكة السعودية بعدة إجراءت كفرض الضرائب بحيث أكد ولي العهد أن هذه الضرائب لن تستمر طويلا، وأنها فقط من أجل تعزيز بعض الخسائر التي خلفتها جائحة كورونا وتمويل بعض المشاريع التي تفيد الصالح العام، بالإضافة إلى المشروع الذي أطلقه الأمير والذي تكلم عنه الكل (مدينة نيوم و البحر الاحمر)، وتهدف المشاريع ضمن التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحويل المملكة إلى نموذج عالمي بحيث قد تم تدعيم المشاريع بـ 500 مليار دولار، كما يأتي ضمن مبادرات رؤية 2030 توطين الصناعات العسكرية بحيث يشكل أحد أهم الخطط الطموحة للرؤية والذي يهدف الى تعزيز قدرات التصنيع العسكري الوطني وتوطينها، لتكون جزء هاما للاقتصاد السعودي.
زيادة على كل ذلك فإن المملكة تعزز مكانتها الإنتاجية والاستثمارية في قطاع الغاز، وذلك عبر اكتشاف الشركة العملاقة (أرامكو) حقل إضافي للغاز في القطب الشمالي من المملكة، فوفقا لولي العهد السعودي سيحقق دخلا حكوميا يبلغ ما يقارب 9 مليارات دولار سنويا ويساهم في الناتج المحلي الإجمالي سنويا بحوالي 20 مليار دولار.
بالإضافة إلى استغلال احتياطاتها من الغاز الصخري، وتوسيع إنتاجها الذي يبلغ أكثر من 10 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا، حيث إن السعودية تمتلك سادس أكبر احتياطي عالمي من الغاز في العالم، يقدر بنحو 324.4 تريليون قدم مكعبة، وتنتج نحو 13 مليار قدم يوميا.
وتهدف المملكة إلى تصدير ما يصل إلى 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا بحلول عام 2030، كجزء من استراتيجيتها لتعزيز لمستها الدولية لأعمالها في الغاز الطبيعي.
ووفقا للرئيس التنفيذي لشركة سي ماركيتس (يوسف الشمري) ”تصدير السعودية للغاز سيدعم الأسواق العالمية ويسهم في سد الطلب، كما أنه سيعزز من الوضع المالي للشركات الوطنية العاملة في هذا القطاع أو تلك التي ستفكر بدخوله.”
ومن أبرز الاهداف لرؤية 2030 هو مشروع (حقل الجافورة) والذي يعد من أكبر حقول الغاز بالعالم، بحيث أن الهدف منه هو جعل المملكة السعودية تحتل المراكز الأولى في إنتاج الغاز، والذي من خلاله سيتم إنتاج حوالي 2.2 ترليون قدم مكعبة عام 2036 تمثل 25% من الناتج المحلي. كما يمثل طموح رؤية 2030 في تحقيق المزيج الأفضل لاستهلاك أنواع الطاقة، وتوفير فرص عمل للمواطنين في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تأمين حوالي 33 مليار ريال سنويا كدخل للحكومة.
فوفقا للباحث الاقتصادي (ستيوارت ويليامز) والذي بحث في مشاريع الغاز في المملكة العربية السعودية، ” عن الغاز فهم يعملون على تطويره تطويراً كبيراً. فهم يرغبون بالاستفادة من كل جزء منه.”
وبناء عليه إذ يتبين أن المملكة العربية السعودية تمتاز بالعديد من الإمكانيات ومشاريع استثمارية ضخمة، بالإضافة الحنكة والحكمة الجيدة فكلها عوامل ستحول دون تأثر الاقتصاد السعودي بانخفاض الطلب على النفط، ويتبين هذا من خلال بناء أعمدة اقتصادية واستثمارات ذات أبعاد مستقبلية تبلور اقتصاد البلاد وتدفع بعجلته لينافس اقتصادات دول العالم.
خلاصة القول فإن دل ما سبق ذكره في المقال عن شيء فإنما يدل على وعي دول الخليج عامة بإستباق الزمن وبعد نظرة المملكة العربية السعودية خاصة فيما يتعلق بتطوير المجال الاقتصادي وهذا لا يتأتى إلا تحت قيادة شابة رشيدة تحت ظل سمو ولي العهد الاميرمحمد بن سلمان التي أبانت الذكاء و الحكامة، للنهوض باقتصاد البلاد وتمكينه من مواجهة مختلف تقلبات السوق الدولية. وهذا ما عبرت عنه هنا بلغة الأرقام و الوقائع لا العاطفة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال