الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقال عن تجربة نفذت في إحدى أخطر المدن الأمريكية ومفادها أن بلدية المدينة قامت بوضع صورة كبيرة لشرطي في زاوية مهمة داخل إحدى أخطر أحياء المدينة المكتظة بالفقراء والمجرمين. وخلال فترة بسيطة انخفضت نسبة الجريمة الى أكثر من الثلث وأن البلاغات انخفضت الى نسبة أكثر من النصف. أصدقكم القول، لم أجد ما يوثق هذه التجربة ونتائجها خلال بحثي السريع في زوايا الإنترنت سواء كان ما نُشر باللغة العربية أو الإنجليزية ولكن التجربة ونتائجها بدت لي أنها منطقية.
فوجود صورة أو تمثال لمراقب داخل المدن وإن كان معدوم الفائدة سيساعد بطريقة واضحة في تطبيق القانون وإمكانية انخفاض الجريمة – ولا تعنينا هنا نسبة الانخفاض – وهو أمر عقلاني لأنه تذكير للجميع بدون استثناء بأهمية الامتثال للقانون والنظام المفروض من الدولة. والأن، دعونا جميعاً نتشارك نفس الأحداث لنفس القصة في مخيلتنا بوجود صورة أو تمثال لمراجع داخلي أو لمسؤول التزام في منظمة ما حتى لو اختلفت طبيعة تلك المنظمة بين مخيلتنا، سنجد أن الخيال “تلقائياً” سيخبرنا عن ارتفاع في كفاءة العمليات التشغيلية وانخفاض في نسبة الفساد في تلك المنظمة. والأن دعونا نطلق العنان لمخيلتنا ونستبدل التمثال بوجود مراجع داخلي أو مسؤول التزام داخل المنظمة ويقوم بدروه بكل جد واجتهاد وكفاءة ثم أطلقوا العنان مرة أخرى للنتائج المتوقعة من وجود هذا الشخص.
تفعيل العدالة والمساءلة وسيادة القانون تعتبر من ركائز الحوكمة الرشيدة التي تنشدها المنظمات الحكومية أو الشركات أو الجهات الخيرية. فالعدالة تكون عن طريق اعتماد ثم نشر سياسات وقوانين تضمن التعامل مع الجميع بمبدأ المساواة دون تميز عرقي أو اجتماعي أو ديني أو حتى مذهبي. ثم نتبعه بالمساءلة في تحمل الالتزامات وتبعات المسؤوليات عن طريق تطبيق الطرق المتعددة للرقابة الداخلية. ثم نردفه بسيادة القانون من خلال خضوع الجميع للقانون وتشمل العقوبات المنفذة على المقصرين. ملخص القول والمقال بأن وجود المراجع الداخلي أو مسؤول الالتزام في أي منظمة وقيامه بالحد الأدنى من واجباته سوف يساعد في رفع كفاءة ونضج الحوكمة في تلك المنظمة.
سأخرج قليلاً عن سياق هذه المقالة وسنأخذ سوياً “خط الخدمات” عندما أحدثكم عن أهم نظم الرقابة في العالم باختصار شديد. من أهم وأشهر النظم العالمية في الرقابة الداخلية هو نظام المطور من قبل معهد المدققين الداخليين الذي تأسس في فلوريدا في عام 1941م ويعتبر المرجع الأساسي لأنظمة المراجعين الداخليين على مستوى العالم. ولا ننسى هنا الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين والذي تأسس في عام 2011 بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 84 عام 1432 هـ وربما يأتي الوقت لنتحدث عن الدور العميق والبين للجمعية على مستوى المملكة “فأنعم بهم وأكرم”. وأيضاً، يعد نظام الأيزو 19600 في عام 2014 الخاص بنظام إدارة الالتزام من أشمل وأسهل منهجيات الالتزام كأداة رقابية فعالة في المنظمات وخصوصا البنوك وقد تم تحديثه مؤخرا بنظام الأيزو 37301 في عام 2021 حيث تم دعمه بعناصر قوة مساعدة على رفع فاعلية إدارات الالتزام. أعتذر على إجباركم في أخذ “خط الخدمات” من الطريق الرئيسي للمقالة ولكن للفائدة ورجائي أن تعم الفائدة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال