الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل تذكرون حملة إطلاق (ماكدونالدز) لمنتج جديد في ألمانيا من خلال الاستفادة من شاشات العرض وتقنيات الإضاءة على ملعب بايرن ميونخ؟ لمدة ثلاث أيام متواصلة تم الاستفادة من الملعب كأداة لإيصال الرسالة إلى الجمهور بطريقة ذكية.
هذه المقدمة تقودنا إلى نقاط التلاقي بين المعارف المختلفة، وأنماط الفنون يمكننا أن نستطيع أن نستشفها في التطور الذي يطرأ على الصناعة عبر السنين. والمتابع للتطور المذهل في هوية المدن خلال السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، يطرح كثير من تساؤلات حول العوامل المؤثرة في تلك الهوية.
وحيث أني اليوم أكتب عن العمارة تحديدا، فإنني أجد هذه الفرصة سانحة لأبلور أحد الأفكار التي تطرح على ساحة الحوار من فترة لأخرى. عندما بدأ المختصون بصناعة الإعلان في اكتشاف فرص إعلانية على البنايات الشاهقة، وحجز مساحات للعرض الإعلاني، بهدف الترويج للشركات المعلنة، تشكلت شراكات من نوع جديد مع الوقت بين فرق الإعلان من جهة، والمختصين بفنون العمارة من جهة أخري.
هذه الشراكات كانت دوما تتمحور حول فكرة أن التصميم الإبداعي للمباني يمكن أن يستفاد منه في تحقيق عوائد مجزية من خلال الإعلانات، والتي تسهم بدورها في رفع مستوى الرضا للطرفين.
الدكتور (جريس أونج يان) هو أستاذ مساعد في التصميم الداخلي، كلية جيفرسون للهندسة المعمارية والبيئة. صدر له كتاب يمثل خلاصة أفكاره في تصميم البيئات ذات الهوية. وحين نتكلم عن هذا النوع من البيئات فمن منا اليوم لا يعرف ال (تايم سكوير)؟ وكيف أصبحت المنطقة محط أنظار وجذب لصناع الإعلان، حتى انعكس ذلك على المشهد الحضري في سبيل الوصول إلى الحصة الأكبر من العملاء. هذه النظرة ليست سلبية بطبيعتها، لكن البعض يراها انجرافا عن المسار الطبيعي الذي ينبغي أن تسير عليه فنون العمارة.
على الطرف الآخر من المعادلة يقف الاقتصاديون الذين يرون في المسألة شاهدا على دعم الاقتصاد، وتحريك حركة الشراء من خلال عرض اللوحات الإعلانية على البنايات الشاهقة التي تتوسط المدن، وتتمركز حولها مراكز التسوق، فيتحرك مؤشر العرض والطلب.
الجميل هنا هو أن الرؤية التي يطرحها الكاتب تذهب أبعد من ذلك لتلامس أساليب البناء والعمارة للشركات كشاهد على التاريخ. خذ على سبيل المثال الشركات البائدة، وتخيل كيف تندثر تدريجيا، ويبدأ الجمهور في نسيانها، لكن تبقى عمارة البناء شاهدا على حقبة صناعية معينة لأطول فترة ممكنة.
هذا النمط من التفكير شدني لدراسة مجالات التطبيق على الصعيد المحلي، والتفكير في أول ما يتبادر إلى ذهني من بنايات شاهقة تستخدم للإعلان؟ لأطرح التساؤل التالي وهو إلى أي مدى أسهمت مثل هذه البنايات في صناعة هوية خاصة بالمكان والبيئة المحيطة؟
شخصيا أجد عدة تجارب من هذا النوع تتبادر إلى الذهن بعضها إقليمي وبعضها محلي. برج خليفة على سبيل المثال أصبح أيقونة في مجال الإعلان، ولا أدري إن كان ذلك بسبب التصميم المعماري نفسه، أو بسبب عدد المشاهدين الذين يمكنهم الاطلاع على أي إعلان. أما على المستوى المحلي أعتقد أن برج الشاشة في مدينة جدة أو (برج طريق الملك) يمكن أن يكون مثالا جيدا، لكنني لا أستطيع أن أجزم اليوم بأنه صنع بيئة متفردة خاصة به بناء على طبيعة الارتباط بين النمط العمراني، وصناعة الإعلان.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال