الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يوجد زمن محدد نقول فيه بأن الاقتصاد وصل الى الكمال .. العالم لايزال مهيأً لحدوث المزيد من التحديات وخاصة في بعدها الاقتصادي والصحي والتقني .. وبالرغم من التطور الهائل في التقنية الرقمية التي باتت جزء لا يتجزأ من اسلوب الحياة المعاصر الا ان ما يمكن ان يتكبده الاقتصاد من تكاليف الاخفاق كبيراً ، فلغة المال اليوم تتشكل في كل ثانية ومع كل طفرة جديدة في الرقميات او التطور الاقتصادي الحال مهيأة للمخاطر ومن اقرب الامثلة على ذلك الازمة الرقمية التي ضربت التطبيقات الذكية مؤخرا حيث ان تلك التطبيقات باتت اداة مهمة في بيئات الاعمال ، ناهيك عن الازمات الأخرى .
هناك تقسيمات متعددة للمخاطر مثل مخاطر المال والاعمال ومخاطر عامة ومخاطر خاصة ومخاطر ثابتة ومخاطر متحركة ومخاطر يمكن تحويلها الى إيجابيات ومخاطر يمكن التخلص منها ، ومخاطر متشابكة يصعب تفكيكها ، لذلك دائما ما يكون تجاوز اي من تلك المخاطر للاقتصاد ذلك الذي يبني خطته الاستراتيجية بخطط بديلة ( او خطط للطوارئ ) وتكون فاعلة عند حدوث المخاطر فالمخاطر جزء من منظومة التخطيط الاستراتيجي الناجح .
يشهد الاقتصاد العالمي العديد من التحديات وتختلف افكار الاقتصاديون من حيث الحلول الجذرية لها لأن الاقتصاد يختلف عن العلوم الاخرى كونه يقوم على معطيات محددة كما هو الحال في النظام الاقتصادي الحر ، مما يصعّب من قراءة التوقعات وخاصة في جانب رصد التحول في الاقتصاد الكلي في وقت تصعب فيه قراءة معالم الطريق أيضا ومن ذلك اتجاهات السياسات النقدية وإمكانية عودة التوترات والمخاوف وغيرها ، بيد ان توليف الانسجام بين تلك المعطيات لا يمكن التنبؤ بصحته الا بعد تحقيق النجاح مما يتيح المجال للاجتهاد والتجربة ، من هنا فإن ادارة الاقتصاد المنظم الفعال ركيزة مهمة لتجنب المخاطر واحلال البدائل والمضي قدما نحو النمو حال الازمات في حين يُعتقد ان الفلسفة الاقتصادية لادارة المخاطر تحمل الكثير من التناقض فيما بين النظريات والتطبيق وهو ما يمكن ان نؤشر له بصعوبة المراحل عبر تاريخ الاقتصاد العالمي الذي عجز في بعض مراحله من ان تكون النظرية الاقتصادية قادرة على تقديم تفسيرات وحلول في ما مضى من أزمات او قضايا اقتصادية طارئة ، وتشكك بعض وجهات النظر الاقتصادية في هذا الاتجاه في تقديم نماذج رياضية تنبؤية تساعد الإدارة الاقتصادية في اتخاذ القرار ومن الأمثلة على ذلك فشل النظرية الكلاسيكية في تقديم الحلول الكافية لازمة الكساد بالرغم من ان النظرية الكنزية لاتزال في نظر مؤيديها الحل السحري لأي أزمات او مخاطر في منظومة الاقتصاد الكلي .
وعليه فإن فلسفة القوة الاقتصادية في اعتقادي مفهوم متكامل بين امتلاك المقومات الاقتصادية ونموها وتطورها المتسارع وبين تجنيبها المخاطر وادارتها بالعقل الاقتصادي المدبر ومن ثم تصحيح ميزان المخاطر والتنسيق الدولي وتعزيز أوسع لقدرات الأسواق الناشئة لأنها المحرك الرئيس للنمو العالمي .
في الشأن الاقتصادي السعودي .. فإن فلسفة القوة تكمن في التحول الجديد المبني على مستهدفات واضحة وممكنة بمرتكز رئيسي وهو التنوع الاقتصادي المستدام وبالرغم من المخاطر التي تعرضت لها اقتصاديات العالم الا ان الاقتصاد السعودي حقق نتائج إيجابية على المدى القصير وطويل الاجل ، وهو ما حقق للمملكة ريادة اقتصادية في هذه الأزمة الحادة الطارئة ، هذه النتائج تمنحنا ثقة كبيرة باقتصادنا وأنه يسير على الطريق الصحيح بتوقعاته التي ترتكز على توقع وإدارة المخاطر المحتملة ومن ذلك تعزيز قيمة الاستثمارات حيث سيتم ضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى العام 2030م (5 تريليونات ريال من مبادرات ومشاريع برنامج شريك، و3 تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للاستمارات المحلية، و4 تريليونات ريال من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، واستكمالا لهذه المنظومة سينطلق في الرياض برنامج مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته الخامسة يوم الثلاثاء القادم 26 إلى 28 أكتوبر 2021 ، تحت شعار “الاستثمار في الإنسانية”، وسيتناولون مجالات المبادرة ومنها الذكاء الاصطناعي، وعلوم الروبوت، والتعليم، والرعاية الصحية، والاستدامة. ونتيجة لهذه المعطيات في قوة الاقتصاد السعودي فقد عدّل صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال عام 2021 مقارنة مع تقديراته السابقة ، إذ رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي للمملكة بنحو 0.4% مقارنة مع تقرير يوليو الماضي، كما رفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في نسخة أكتوبر إلى 2.8% خلال عام 2021، مقارنة مع تقديراته السابقة في يوليو، بنمو متوقع بنحو 2.4% كما ثبّت توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في عام 2022 عند 4.8%، وهي نفس تقديراته في تقريره السابق
مجمل القول : القضايا الاقتصادية المعاصرة اليوم ليست بذات المسببات التي كانت فيما مضى او فيما هو آت ووقوع المخاطر محتملة في أي وقت مما يتطلب تضافر الجهود الدولية والفكرية وإنشاء أجهزة دولية مختصة بإدارة المخاطر قادرة على تجنيب الازمات ومواجهة المخاطر المحتملة بالتأهب لها والتكيف مع تبعاتها وصولا الى النمو والازدهار العالمي وتسير خطى الاقتصاد السعودي بثبات ومنهجية تسهم كثيرا في تجاوز المخاطر والتحديات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال