الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ثلثي سكان العالم يستطيعون الوصول الى دبي خلال رحلة تستغرق ثمان ساعات بالطائرة، كما سيتمكن معظم العرب من مشاهدة أكبر حدث اقتصادي وترفيهي واجتماعي والتعرف على دول العالم من جديد بعد تراجع الأثار الصحية والاقتصادية الذي أصاب العالم نتيجة جائحة كورونا أو كوفيد – 19، انه معرض إكسبو 2020 الذي انطلق قبل أيام من دبي، وهذه هي المرة الأولى التي يشاهد فيها المواطنون العرب وسكان الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، معرض إكسبو العالمي عن قرب بعدما تنقل في عدة مدن عالمية.
في عالمنا العربي ظننا أن معرض إكسبو تنظمه الدول الصناعية والغربية، وعلينا أن نتفرج ونسافر لها من خلال مشاركة بلداننا فيها مع فرصة سياحية وترفيهية ، وخلال 170 عاما تنقل المعرض العالمي في معظم المدن العالمية ابتداء من لندن وباريس ومرورا بفيلاديلفيا وملبورن وبروكسل ونيويورك ومدن عالمية أخرى ، لم يكن في خلد المواطن العربي انه سيكون صانعا للتاريخ ومساهما فيه حتى 27 نوفمبر في 2013 حينما انتزعت مدينة دبي فرصة تنظيم المعرض، من أمام 4 مدن عالمية ييكاترنبيرغ الروسية و أزمير التركية وساو باولو البرازيلية ومدينة ايوتايا التايلندية، ومنذ ذلك الحين، لا حديث في الإمارات العربية المتحدة سوى كيف سيخرج هذا المعرض، وماهوا العنوان الأبرز، وماهي العلامة الفارقة التي سيصنعها المعرض خاصة وانه المرة الأولى التي يقام معرض إكسبو في الوطن العربي.
كادت جائحة كورونا أن تعصف بكل الآمال التي حلم بها الإماراتيون ومن خلفهم العرب، إلا أن عزيمة الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، وإصراره أن تمضي الإمارات قدما نحو تنظيم هذا المعرض وبالطريقة التي خطط لها من حيث التصميم والتنفيذ حتى اعلن عن تفاصيل معرض إكسبو 2020، وكانت المفاجأة، حينما وصل عدد الدول المشاركة في المعرض اكثر من 191، رغم الأثار الاقتصادية التي تركتها جائحة كورونا من توقف سلاسل الإمداد والإنتاج وضعف اقتصادات الدول، وخاصة الدول العظمى والصناعية، تأثر أسعار النفط وتراجع المداخيل وتوسعت البطالة في البلدان الفقيرة، وتقلصت فرص العمل، أمام فريق العمل لمعرض إكسبو، تحدي كبير وهو كيف يتجاوز العاصفة، وبالفعل نجح الإماراتيون والفريق التنفيذي من وضع كافة الخطط، ولعل العنوان الذي صمم للمعرض وهو “تواصل العقول وصنع المستقبل” كان بمثابة الضوء الذي حفز الدول للمشاركة، وضرورة تواجدها في هذا المحفل العالمي، وهي فرصة لتسوق عن بلدانها بعد فترة ركود عالمي استمر اكثر من عام نتيجة جائحة كورونا، والشعوب متعطشة لتخرج وتشاهد وتتواصل، خرج لنا ساحة المعرض والتصميم وكافة البرامج التي سوف تستمر لأكثر من 180 يوما ما بين استكشاف أهداف التنمية المستدامة الـ 17 وتصاميم معمارية مذهلة، أدهشت العالم في حفل الافتتاح.
بالطبع زوار معرض إكسبو، سوف يلاحظون الفرق بين قصر الكريستال الذي استعرض ابتكارات الثورة الصناعية في أول معرض أقيم في لندن عام 1951 وبين قبة ساحة الوصل الموجودة في المعرض، فهي تمثل العمق التاريخي للإمارات العربية المتحدة ورسالة للعالم بانها ستبقى أهل تواصل ومحطة لالتقاء الحضارات وعاصمة للإبداع، ويغطي الساحة سقف يبلغ ارتفاعه 65 متراً يتألف من قبة ذات تصميم مستوحى من شعار إكسبو 2020 دبي، وسقف القبة شفافاً ليعمل كشاشة عرض عملاقة يمكن رؤيتها من الداخل والخارج بنطاق 360 درجة.
حينما تتجول في أرجاء المعرض سيكتشف الزوار أكثر من 100 روبوت تم تصنيعها في الصين سترحب بالزوار كما تقدم الطعام وتساعد في التوجيهات وتلتقط الصور، من الأعمال التي تم بناءها خصيصا للمعرض، محطة مترو بتصميم جناح الطائرة لنقل الركاب إلى مدخل المعرض العالمي، وتستوعب 29 ألف شخص في الساعة خلال ساعات الذروة. من الملفت أن الفعاليات والبرامج التي صممت تتناسب مع كل الفئات العمرية وتم بناء جناح للشباب إدارته بالكامل من قبل الشباب من اجل إتاحة مساحة إبداعية مفتوحة.
ما يعزز أهمية معرض إكسبو في دولة الإمارات العربية المتحدة أن الدول المشاركة، والحضور القوي لها، هو أنها صممت أجنحتها وموقعها في المعرض بأشكال ملفته، وهو ما يؤكد أن المنظمين للمعرض وضعوا شروطا أمام العارضين بأهمية تميز التصاميم، فالجناح الأسترالي على شكل غيمة ركامية، فيما اختارت النمسا الشكل المخروطي لمبناها، أما السفينة الخضراء فهو تصميم جناح بلجيكا، وتتميز المشاركة السعودية وهي ثاني اكبر جناح في معرض إكسبو، مبناها حاصل على شهادة الريادة البلاتينية في تصميمات الطاقة والبيئة، وتعرض السعودية تجربتها تحت شعار “رؤية سعودية ملهمة لمستقبل مشترك” كما يقدم لمحة عن التطور التقني، ويعبر عن اربع ركائز أساسية وهي الناس والطبيعة والتراث والفرص.
أجنحة الدول ومبانيها في المعرض قصة تحتاج من الشغوفين وحب الاستطلاع أن يزوروا هذه الأجنحة، كما أن هذا المعرض فرصة لمزيد من الاحتكاك وبحث الفرص الاستثمارية والتقاء رؤوس الأموال وصناع الابتكار، وفرصة لبناء تواصل، والحقيقة أسعدني حينما سمعت أن اليمن له جناح في معرض إكسبو وكذلك فلسطين وسوريا، هي فرصة لننسى بعض الجروح وننظر الى الأمام. الى جيل اليوم ورجال المستقبل.
استضافة إكسبو سيحقق عوائد مالية لمدينة دبي تقدر بنحو 37 مليار دولار ويخلق نحو 300 ألف فرصة عمل وأكثر من 25 مليون زائر، في حين سيمتد الأثر الاقتصادي على صعيد إقليمي أوسع نطاقا، حيث ستساهم كل وظيفة من هذه الوظائف داخل الدولة في الحفاظ على استدامة 50 وظيفة على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. البلدان العربية أمامها فرصة لتنضم اقتصاديا وتنمويا، وتستفيد من جيرانها مثل السعودية والإمارات ومصر، وتتحول الى دول اقتصادية منتجة، وحتى نرى مستقبلا، معرض إكسبو بعد كل خمس سنوات في وطن عربي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال