الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
انتقال الشركة من كونها غير مدرجة، إلى أن تكون في الأضواء عبر طرح أسهمها للاكتتاب؛ يُعدُّ خيارًا استثماريًا جيدًا لأسباب متعددة، ولكن ذلك قد يتغير حسب احتياج كل شركة في كل مرحلة. فالطرح العام هي فرصة لزيادة رأس مال الشركة؛ عبر ضخ أموال من المساهمين، معززًا من قدرة الشركة للتوسع، وجعلها أكثر تنافسية وأكبر حجمًا وأكثر ربحًا، وفرصة لتوفير السيولة للمؤسسين الحاليين. ولا ننسى أصحاب صناديق المال الجريء، فالطرح العام هو فرصة للتخارج لاستثماراتهم. وحتى للشركة الأم، فإن طرح الشركة التابعة لها بعض أصولها، يجعل منها أكثر ربحا، ويمنحها استقلالية أكثر عن الشركة الأم. فهناك الكثير من الأسباب المتعددة التي تخرج من حديثنا اليوم، وتردد على مسامعنا دائمًا، ولكن ماذا عن العكس، وهو أن تتقدم الشركة المصدرة إلى هيئات الأسواق المالية بطلب إلغاء أسهمها اختياريًا؟
حديثنا ليس عندما تقوم هيئات الأسواق المالية بمعاقبة الشركة بإلغاء أو شطب الأوراق المالية لها، فعلى سبيل المثال حسب قواعد الإدراج، م٣٦ كصلاحية لهيئة سوق المال حماية مثلًا للمستثمرين وللمحافظة على نزاهة السوق، أو في حالة عدم التزام الشركة المصدرة بالنظم واللوائح التنفيذية، أو عدم تسديد المبالغ المستحقة للهيئة، أو عند فتح إجراء التصفية حسب نظام الإفلاس، وغيرها من الأسباب، بإلغاء تداول الأوراق المالية المدرجة لمصدر ما. الحديث في هذا المقال يدور عن فكرة عدم الارتباط الأبدي الشركة بالسوق. فتستطيع الشركة التقدم بشكل تطوعي إلى هيئة سوق المال السعودية، بطلب إلغاء أسهمها من سوق تداول اختياريًا. ولكن لماذا قد تقرر الشركة اتخاذ مثل هذا القرار؟
هناك العديد من الأسباب، التي تجعل الشركة تلجأ إلى خيار إلغاء الإدراج الاختياري. ففي نهاية المطاف، قرار الإدراج هو قراراً استثمارياً له إيجابياته وسلبياته؛ فإذا طغت الأخيرة على الأولى، فلعل من الطبيعي أن يكون قرار إلغاء الإدراج هو الخيار الأمثل. بدايةً، هناك عدد من الأسباب تجعل الشركات تتقدم بطلب سحب الإدراج، فعلى سبيل المثال حتى تكون أقل عرضة لمتطلبات قوانين الأسواق المالية ولوائحها، تحت مفهوم الإفصاح المستمر، وهذا فيه تخفيف للتكلفة الاقتصادية على الشركات المدرجة. وهذا يجده المتابع بشكل واضح، بعد صدور قانون ساربينز أوكسلي؛ حيث تقدمت عدد من الشركات المدرجة للهروب من ذلك العبء الاقتصادي بطلب إلغاء إدراجها. وقد يرى مجلس إدارة الشركة أن السوق قد لا يعكس القيمة الحقيقية والعادلة لأسهمها، أو هناك رغبة من المسيطر، السيطرة الكاملة على الشركة بالكامل، وسحب إدراجها، وغير ذلك من الأسباب.
فهذا القرار يجب النظر إليه من عدة جوانب مختلفة، فله تأثير إيجابي وسلبي حسب أطراف العلاقة. فأثره المالي والقانوني كبير على المساهمين بالذات الأقلية، خاصة في حالات تعارض المصالح، كرغبة المسيطر سحب إدراج الشركة. وحتى الأثر المحتمل السلبي على الدائنين والضمان العام لهم. ولا ننسى الأثر البالغ الذي يكون في أغلب الأحوال، يكون سلبيًا على العاملين بتلك الشركة وحتى على قيمة السوق بشكل عام. فقرار الشركة بإلغاء الإدراج اختياريًا، يتم النظر له من أنظمة الأسواق المالية ونظام الشركات، ولا ننسى التفاصيل في لائحة الاندماج والاستحواذ. فعلى سبيل المثال، يجب على المصدر حسب لائحة قواعد الإدراج م٣٧ التقدم بطلب إلى هيئة سوق المال، مرفقًا الأسباب الداعية لسحب الإدراج، وتزويد الهيئة بمعلومات المستشار المالي والقانوني للشركة المصدرة. وللهيئة دون شك، السلطة التقديرية والصلاحية في قبول أو رفض الطلب. ويجب على المصدر الحصول على موافقة الجمعية العامة غير العادية، وعلى مجلس الإدارة الإفصاح للجمهور في أقرب وقت ممكن للسوق-ولم تحدد اللائحة معنى أقرب وقت ممكن – سبب الإلغاء وتأثير الإلغاء على نشاطات المٌصدر.
لو نفترض مساهمًا مسيطرًا شخص -طبيعي أو صندوق استثماري- قدم عرضًا للمساهمين المسجلين، بجعل الشركة غير مدرجة، ومن هنا يكون التساؤل: ما الحل لو رفض المساهمون الأقلية العرض المقدم؟ وهل يتوجب أن يكون العرض المقدم فقط مبلغ مالي حماية للمساهمين غير المسيطرين؟ بداية هناك تفصيلات كثيرة تنظمها لائحة اندماج واستحواذ الشركات السعودية، مثلا لو العرض المقدم سيكون من شركة مساهمة مقفلة غير مدرجة. فإنه بدون شك يكون رفض العرض حقاً للمساهمين الأقلية، الأسهم في شركة مدرجة، يختلف اختلافًا كليًا عن السهم في شركة غير مدرجة، فلا يوجد هناك قدرة الكافية لبيع سهمه، مقارنة ببيعه عندما تكون الشركة مدرجة.
وفي نفس الوقت، تعليق موافقة إلغاء الإدراج على المساهمين الأقلية، فيه نوع من التعسفية. فليس هناك أي إشارة في قواعد الإدراج وحتى نظام الشركات السعودي كما تقرر بعض الأنظمة المقارنة. فمثلا يجد الشخص بعض الأنظمة تعلق على الإلغاء الاختياري بموافقة أقلية من الأسهم لا تقل عن ١٠٪. وفي النظام المصري أفضل من التوجه السعودي، فيسعى إلى التوفيق بين حماية المساهمين الأقلية والمسيطرة. فعلى سبيل المثال، تنص مادة ٥٥ من قواعد قيد وشطب الأوراق المالية المصري, يكون لكل مساهم الاعتراض خلال شهر من صدور قرار الجمعية العامة للشركة بأغلبية ٧٥٪، بحق بيع أسهمهم إلى الشركة بأعلى سعر، تم به تداول أسهم الشركة خلال الشهر السابق على تاريخ إقفال أسهم الشركة، وفي حالة لم يكن أي تعامل على أسهم الشركة المعنية؛ يتم شراء أسهم المعترضين، يحدده مستشار مالي مستقل، بعد اعتماده من مراقب حسابات الشركة. ولا يغفل النظام المصري من تنظيم من كان لديه أسهم مرهونة في شركة تنوي شطب تسجيل أوراقها المالية من السوق. وأيضًا نرى على سبيل المثال في السوق الكويتي، تنظيم خاص بحماية حقوق الأقلية، على نمط ولاية ديلاوير في حالات اعتراض الأقلية على اندماج مسيطر في شركة. فنرى مثلاً في التنظيم الكويتي حيث يكون لهم التقدم للهيئة بالاعتراض على قرارات الجمعية العامة سواءً العادية أو الغير عادية، بشرط أن يتم خلال ١٥ يومًا، ولا يكون المساهم قد وافق على القرار المتخذ، وأن القرار الذي يعترض عليه الأقلية فيه إجحافًا بحقهم.
ختامًا، هناك التفصيلات، ولكن في نهاية المطاف أن إدراج الشركات في السوق، لا يعني النهاية هنا. فمثلما تقدمت الشركة لإدراج أسهمها في السوق، وهو قرارًا استثماريًا، يعتمد على المقارنة بين التكلفة التي تتحملها الشركة لإدراج أسهمها في السوق، وما يقابله من منفعة وفوائد اقتصادية، يمكن أن تعود على الشركة بكونها شركة غير مدرجة. وأيضًا من المهم بالمقارنة بين القواعد القانونية كالمصري أو الكويتي يجد الشخص ان لائحة قواعد الإدراج كما رأينا، لا توضح بالشكل المنضبط حالات، في حالة قررت شركة شطب أوراقها أو تسجيلها بشكل اختياري، بالذات في حالات التعارض بين المسيطر والمساهمين الأقلية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال