الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سباق محموم بين معظم اقتصاديات العالم للخروج من عنق الزجاجة بعد إذْ بدأت بوارج الانفراج من ازمة كورونا الخانقة .. الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا قال لشبكة ABC إن الحياة ستعود إلى طبيعتها خلال العام المقبل على الرغم من احتمال استمرار ظهور أنواع جديدة من “كوفيد-19” في جميع أنحاء العالم وقال : في غضون عام أعتقد أننا سنكون قادرين على العودة إلى الحياة الطبيعية ولا أعتقد أن هذا يعني أن المتغيرات لن تستمر في الظهور، ولا أعتقد أن هذا يعني أننا يجب أن نكون قادرين على عيش حياتنا دون تلقي التطعيمات.
الكل يبحث عن خطوات تنفيذية في الصحة الى جانب الاقتصاد الذي يعاني كثيرا من حالة ركود واضطراب غير مستقر في بعض قطاعاته المختلفة ، وما يطمئن ان اللقاحات حققت الحصانة المناعية المطلوبة .. هنا يعول على الاقتصاديات المتقدمة ان تتضافر جهودها للعبور بالاقتصاد الى بر الامان والعودة الطبيعية للحراك الاقتصادي لما قبل الجائحة ، هناك عدة عقبات لاتزال عالقة ومنها تكاليف سلاسل الامداد والتي تعاني من عجز غير مسبوق وبما ان سلاسل الامداد هي الشريان الرئيس للتجارة الدولية فهذا يعني انه من الصعب تحقيق النمو المطلوب في الطلب الكلي من السلع والخدمات والذي يستند ايضا على الانفاق الاستثماري حيث يسير الى جانبه في خط متوازي .
يُعرف الانفاق الاستثماري بأنه جميع ما ينفق على شراء السلع والخدمات الرأسمالية من آلات ومعدات وبناء المصانع الجديدة وعادة ما يُشير المستثمرين لمفهوم الإنفاق الاستثماري على أنه هو المبالغ المدفوعة مقدماً لمشروع معين تمهيدًا لبدء اكتمال المشروع المقرر تنفيذه بالفعل كما انه بمفهومه الشمولي يتضمن القطاعين العام والخاص لذلك يعد احد اهم مكونات الاقتصاد الكلي الذي يسهم في تكوين الناتج المحلي الإجمالي ( GDP ) .
يتفق معظم الاقتصاديين والاستراتيجيين على ان الاقتصاد الامريكي والصيني هما القوى الاقتصادية الكبرى وبتعافيهما تتعافى بقية اقتصاديات العالم ، فقد شهد الاقتصاد الأمريكي في الربع الثاني من 2020 أكبر ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية ، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي الى ما نسبته 32.9% ، مقارنة بالفترة نفسها من 2019. كما تراجعت مكونات الأنشطة الاقتصادية المختلفة إضافة الى ان ارتفاع معدلات البطالة ناهيك عن الانخفاض في قوى الاستهلاك، والاستثمار في الأعمال التجارية والسكن، فألقت بظلالها بطبيعة الحال جائحة كورونا على الاقتصاد الأمريكي مما يجري حاليا العمل على وضع الحلول الاقتصادية ليس في الولايات المتحدة والصين فحسب بل في معظم اقتصاديات العالم على نحو من ضخ مشروعات استثمارية جديدة في تلك الاقتصاديات الى جانب الحلول التقليدية الأخرى ، في الصين تشكل ما نسبته 43% من الناتج المحلي الإجمالي استثمارات ثابتة في الفترة من 2010 الى 2019 لكن تشير التقارير الى انخفاض كبير في عوائد الاستثمار ونتيجة لذلك هناك إشكالات اقتصادية كون ان هذا الاستثمار المرتفع مرتبط بارتفاع معدلات الديون إضافة الى إشكالات جديدة على مستوى ديون شركات القطاع العقاري وتباعا يجري حاليا العمل على نمو حقيقي للناتج المحلي الاجمالي.
يلعب الاستثمار العام في الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة دوراً مهماً ومحورياً في انتشال النشاط الاقتصادي من الانهيار كما انه يسهم في خلق ملايين الوظائف بشكل مباشر على المدى القصير وملايين أخرى بشكل غير مباشر على مدى فترة أطول فزيادة الاستثمار العام بنسبة 1% من إجمالي الناتج العالمي يمكن أن تعزز الثقة في التعافي وترفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2,7%، والتوظيف بنسبة 1,2% خاصة اذا كانت تلك الاستثمارات مرتفعة وبجودة عالية وبفرص تمويل خالية من أعباء الديون العالية للقطاع الخاص تحديدا كونه الطرف الأهم في الأسواق الاستثمارية إضافة الى كبح جماح التضخم .
في بلادنا الغالية وخلال جائحة كورونا اتسمت هذه المرحلة بالعمل المتوازي بين كل من الصحة والاقتصاد مما شكلت الاستقرار والنجاح محليا وعالميا ففقي الاقتصاد بلغ الإنفاق الرأسمالي للعام 2021 كأعلى مستوى له منذ عام 2018 فيما سيصل الإنفاق المقدر من الميزانية العامة للدولة الى 101 مليار ريال، إضافة الى ان إنفاق صندوق الاستثمارات العامة سيبلغ 150 مليار ريال، فصندوق الاستثمارات العامة أصبح محركاً رئيسا وذراعا متينا في تحقيق الأطر الاستثمارية المتنوعة من خلال رؤية المملكة 2030، ليكون محفزا كبيرا للتنويع في الموارد الاقتصادية الغير نفطية ومن المتوقع ان يزيد صندوق الاستثمارات العامة من إنفاقه 54 في المائة تقريبا عن حجم الإنفاق للعام 2020 والبالغ نحو 97.5 مليار ريال، في حين كان حجم الإنفاق للعام 2019 كان 58 مليار ريال تقريبا، ومؤخرا اطلق الاثنين الماضي سمو سيدي ولي العهد الاستراتيجية الوطنية للاستثمار والتي تعد بمثابة خارطة طريق نحو استثمار واعد فالاستثمار اليوم المحرك الفعال للاقتصاد السعودي وهذه الاستراتيجية تشكل منعطفاً مهما نحو فهم اوسع لفلسفة الاداء الذي يزخر بالمنجزات وانعكاساتها على رفاهية المواطن ومتانة الاقتصاد السعودي حيث سيتم ضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى العام 2030م (5 تريليونات ريال من مبادرات ومشاريع برنامج شريك، و3 تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للاستمارات المحلية، و4 تريليونات ريال من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار).
مجمل القول : الانفاق الاستثماري احد اقوى العناصر الرئيسية الهامة في حزم الحوافز التنشيطية للحد من تداعيات اقتصاد ما بعد الجائحة وبينما تسير الخطط التنفيذية نحو إنقاذ البشر صحيا تساعد وضع الأسس الاقتصادية الاستثمارية في قوة وصلابة الاقتصاد على المدى الطويل فهو يعزز من التكوين الرأسمالي الثابت ويضيف قيمة لرأس المال البشري وصولا الى التنوع والاستدامة والتنمية الشاملة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال