الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التستر مشكلة تعاني منها المملكة العربية السعودية منذ أكثر من ٣٥ عام، هذه المشكلة تستنزف الاقتصاد وتتسبب في منافسة غير عادلة مع أصحاب الأعمال وتزيد من البطالة ونتج عنها مشاكل أمنية. في هذا المقال سأتطرق الى تاريخ التستر وأنواعه وكيف يمكن للمتستر أن يستفيد من فترة التصحيح، وما هي الفرص التجارية التي قد تنتج عن القضاء على التستر.
في السبعينيات كانت السعودة ١٠٠٪ وكان السعودي يعمل في جميع الوظائف، من سائق شاحنة وعامل بناء الى تاجر، بعدها وتحديداً بعد عام ١٩٧٢ وبسبب المشاكل السياسية، ارتفع سعر النفط من ٣ دولار الى أن وصل ٣٧ دولار في عام ١٩٨١، ما يعادل ١١١ دولار بسعر اليوم. ومع زيادة دخل الدولة من النفط زادت المشاريع الحكومية للبنية التحتية وتوسعت الحكومة في التوظيف الحكومي حتى اصبح العرض أكبر من الطلب. ونظراً لوجود نهضة ومشاريع كبرى، اضطرت الحكومة الى فتح باب استقدام العمالة الوافدة للعمل سواء في الحكومة او في القطاع الخاص، ومن هنا بدأ التوسع في الاستقدام. كانت هذه مرحلة الطفرة والتي تغيرت فيها أمور كثيرة سواء على مستوى البلد أو على مستوى المجتمع السعودي. هذه التغيرات منها الإيجابي وهو الغالب الاعم ومنها السلبي الذي كان منه التستر.
تَطوّر دخل الدولة والمجتمع السعودي وتَطوّر الاقتصاد ونما وأصبحت المملكة بلد رخاء وخير يستفيد منها الجميع. ونظراً لكثرة الفرص التجارية في المملكة ولانشغال اكثر المجتمع بالوظائف الحكومية، بدأت عملية التستر. وكان التستر على عدة أنواع: أولها ان تكون فزعة بحيث يستقدم المواطن عامل اجنبي ويتركه يعمل عند الغير بحجة “مسكين خله يسترزق ” وثانيها أن يقوم المواطن بالحصول على تأشيرات استقدام وبيعها ومن ثم فرض اتاوة عند تجديد الإقامة، وهنا نجد من هو متستر على ٥ عمال ومن هو متستر على ٥٠٠ عامل. والنموذج الثالث من التستر وقد يكون الأخطر، من يفتح مؤسسة وحساب بنكي ويسلمها الى وافد ليقوم بجميع الاعمال التجارية المقصورة على السعودي، وبناء عليه يحصل المتستر على مبلغ تافه لا يعادل ١٠٪ من ما يحصل عليه الوافد من عمل هذه المؤسسة. خلاصة الأنواع الثلاثة، أن التستر هو عبارة عن اتفاق بين مواطن وعامل وافد لمخالفة القانون والحصول على دخل غير قانوني.
تطورت المشكلة وزادت حتى أصبحت تستنزف الاقتصاد وأصبحت مشكلة تؤرق الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع ، وفي آخر تصريح لمعالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي ذكر بأن “التستر سرطان نهش اقتصاد البلد لعقود مضت والدولة جادة في محاربته وستقوم الحكومة بإيقاع اشد العقوبات على المتستر والمتستر عليه عند نهاية فترة السماح لتصحيح أوضاع المتسترين”.
لذا قد يكون من المجدي بأن يبدأ المتستر بالتحول الى مالك النشاط والاستعانة بالوافد المتستر عليه لإدارته وهي فرصة لأن يتعلم المتستر او ابناءه النشاط، فالنشاط باقي والوافد سيعود لبلده طال الزمان او قصر. كما أن القضاء على التستر سينتج عنه فرص كبيرة في القطاعات التي يتركز فيها التستر مثل المقاولات وقطاع التجزئة وقطاعات اخرى، لذا من المهم للشباب التدرب من الآن على مشاريع المقاولات، والتخصص في بند واحد من بنود المقاولات، مثل الجبس او اللياسة او الأعمال الكهربائية، وكذلك اقتناص الفرص في القطاعات الأخرى.
القضاء على التستر سيعود بالخير على اقتصاد البلد وعلى المجتمع ويجب ان تتظافر جميع الجهود سواء من الافراد او القطاع الخاص والحكومة للقضاء عليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال