الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ماهي خفة الحركة او الرشاقة هو مصطلح يمكن تعريفه على أنه القدرة على الحركة بسرعه وسهولة و يتم التحدث فيه عادة عن الرياضيين او فيما يخص السياق الرياضي و يمكن ترجمة هذا المصطلح بشكل جيد في الشركات والمنظمات في أكثر من سياق وقد ظهرت في الآونة الأخيرة الكثير من المسميات مثل رشاقة الشركات و رشاقة الخدمات اللوجستية وغيرها.
الحوكمة في المقابل هي مجموعة من القواعد والمعايير لقيادة الشركة وتوجيهها ،تشمل الإجراءات لتنظيم العلاقة بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والمساهمين وأصحاب المصالح وتسهيل عملية إتخاذ القرار وإضفاء طابع الشفافية والمصداقية عليها لغرض حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح وتحقيق العدالة والتنافسية في بيئة العمل.
إضافة إلى ذلك ، تقع مسؤولية الحوكمة وتطبيقات الحوكمة الداخلية في الشركة على عاتق مجلس الإدارة وهنالك الكثير من المسؤوليات التي يتمثل دور مجلس الإدارة فيها ، مثل توفير التوجية الإستراتيجي والإشراف ، ويجب على الأعضاء إحضار المهارات المناسبة لتلبية إحتياجات وظروف العمل المحددة للشركة. إن تنوع الخبرات في مجلس الإدارة أمر حاسم أيضًا للقيام بعملهم و مراقبة علاقات الشركة مع أصحاب المصلحة ، وتقييم الإستراتيجية ، والإشراف على المخاطر ، ومراجعة المشاركة المجتمعية ، وتقييم ممارسات الأجور ، والإشراف على تنوع الإدارة التنفيذية . لذلك هل سمعت عن رشاقه الحوكمة ؟ وهل تعلم كيف يمكن لرشاقة الشركة أن تندمج مع حوكمه الشركة ؟
يسلط هذا المقال الضوء على هذا المنظور ويناقش العلاقة بين المتغيرات كما يطرح موضوع تسهيل حركة الحوكمة و مرونة تطبيقها برشاقة من منظور تطويري وعدم جعلها تعيق قدرة الشركة في التكيف مع التغيرات البيئية حيث تكون عاملا ًحاسماً لنجاح الشركة على المدى الطويل لبقائها..
رشاقة الحوكمة ببساطة تعني ديناميكية الحوكمة في تطبيقها بحيث تتأقلم مع التغيرات المتسارعة والمعقدة والمطالب المتزايدة في عصر العولمة والجائحات بشكل أكثر فاعلية ، بحيث لا تمنع البيروقراطية الهيكلية والتنظيمية في الإداره من تحديد الفرص التجارية والإستجابة لها في الوقت المناسب وتعيق إبتكار المنتجات وتثبط نمو المبيعات. على سبيل المثال طفرة الشركات الناشئة حالياً (شركات التقنية المالية و شركات الاستثمار الجريئ) التي تعتمد وتمتاز بالإبتكار والتطوير المستمر والنمو السريع كما تحتوي على ثقافات العمل الأقل تنظيما مقارنة بالشركات التقليدية .خلقت هذة الشركات الناشئة أو بشكل ابسط شركات الإبتكار والتطوير وظائف أكثر بخمس مرات مقارنة بالشركات التقليدية حسب الإستطلاعات الأخيرة. ولذلك رعاية هذة الفئة من الشركات والأستثمار يخلق في النهاية المزيد من الوظائف ويهدف الى تنمية الإقتصاد أيضاً.
تتميز البيئه التي تكون فيها هذة الشركات بكونها تحت مجموعة متزايدة من التعقيدات و الضغوطات والمطالب من مختلف مجموعات أصحاب المصلحة وعدم اليقين الجذري بشأن المستقبل. لذلك هذة الشركات الناشئة تحتاج الى هيكل مناسب للحوكمة رشيق و ذو لياقة عالية يتناسب مع ثقافة التشغيل الفضفاض والتركيز على النمو السريع وتقليل المخاطر حيث يكون هذا الهيكل قالب النجاح الذي يساعد في إدارة الشركة وقيادتها، لإن الإحصاءات تشير الى أن عدد مذهل وكبير من هذة الفئة من الشركات الناشئة تفشل وتنهار بسبب المخاوف العدة من بينها مشاكل ثقافية عميقة و ضعف الرقابة و التنظيمات الحوكمية ( مثلاً وجود مجلس الإدارة وأعضاء مستقلين) ، لذلك لا يتم النظر إليها بشكل جدي ويتم تأجيلها إلى وقت لاحق . ولكن غالباً المستثمرون في هذة الشركات وخصوصا المستثمرين الملائكيين يطالبون بوجود مجلس إدارة للإشراف على استثماراتهم. حيث يساعد هيكل الحوكمة الجيد بقيادة مجلس إدارة جيد الى تحديد الأدوار والسلطة وتوقيت إقرار الأعمال والتركيز على إستراتيجيات طويلة الأجل بدلاً من الأرباح قصيرة الأجل والأحتفاظ بالميزة التنافسية وحماية الشركة من الإستحواذ العدواني. لأن الحوكمة تعمل على تنظيم العلاقة بين المستثمرين والمديرين ومجلس الإدارة ولأن من غيرالحوكمه يكون من الصعب جذب تمويلات أخرى أو الإستدامة ، كما يرغب المستثمرين في رؤوية هيكل حوكمة وإدارة ذكية تعطي المستثمرين الوضوح والثقة في استثمارتهم.
على سبيل المثال تواجه إدراة الشركات الناشئة سلسلة من القرارات الصعبة، خصوصاً في الأزمات الإقتصادية وغيرها من الأزمات مثل الكورونا وهي أزمة صحية عامة، فقد خلقت هذه الأزمه حالة من عدم اليقين بشأن عمق الأزمة ومدتها ،فأصبحت القرارات مسألة معقدة تتعلق بموازنة عوامل متعددة وتحقيق التوازن بينها. فخلال الجائحة كان يتم تسريح الموظفين أو إجازتهم وعدم معرفة الفرص المستقبلية المحتملة المكتسبة (أو المفقودة). وهذة القرارات التي لا تتطلب عادةً وقت طويل كان من الصعب الوصول إليها .لذلك كل هذه العوامل تؤدي إلى تعقيد عملية صنع القرار في إدارة الشركات الناشئة لذلك تحتاج هذة الشركات نموذج حوكمة ومجلس إدارة وقادة أعمال لمساعدة مجلس الإدارة في صنع القرار خلال الأزمات.
ولكن هذا النموذج لايكون مرتكز على المساهمين فحسب، على الرغم أن أولوية المساهمين تعتبر حجر الزاوية في نموذج الحوكمة، والذي يعتمد على ما يسميه الأكاديميون “نظرية الوكالة” لأنه أثبت عدم جدارتة في الأزمات مثل ازمة الكورونا التي بدأت كأزمة صحية وتطورت بسرعه الى أزمة مالية و اقتصادية ذات أبعاد متعدده. لأن هناك مجموعة اخرى يجب على هذة الشركات التركيز عليها وهم أصحاب المصلحة، لان العمل على هذة المجموعة التي تضم المساهمين أيضاً يساعد هذة الشركات على تمهيد الطريق إلى الإزدهار والنجاح بمرور الوقت. فلقد أوضحت هذة الأزمة أيضاُ أن المجتمع يعتمد على الشركات التي تعمل بشكل جيد لتلبية احتياجاته الأساسية ،وأن الشركات غير موجودة فقط لتعظيم العوائد للمساهمين.
علاوة على ذلك، أثناء الأزمات عانت الكثير من الشركات الناشئة من اختفاء عملائها وتقليص القوة العاملة إلى طاقم هيكلي مكون فقط من الموظفين الأساسيين. وصارعت أيضاً اضطرابات سلسلة التوريد ، أو الديون غير المستدامة ، أو رأس المال غير الكافي لتمويل عملياتهم. لذلك يجب فسح المجال لنموذج أكثر إثراءً للحوكمة حيث يضع صحة ومرونة الشركة في مركزها . هذا النموذج ، يجب أن يهتم ليس فقط بعائدات المساهمين ، ولكن بمجموعة كاملة من العوامل التي تمكن الشركة من خلق قيمة بمرور الوقت. وهذا الترتيب والتركيز لا يقلل من مساءلة مجالس الإدارة إتجاه المساهمين ، ولكنه ينطوي على تغييرات في طبيعة ونطاق تلك المساءله. هذا مجرد مثال واحد على الواقع الذي تواجهة شركات الإبتكار والتطوير نتيجة بعض تغيرات السوق . هذة التغيرات والأزمات تمثل بشكل فعلي نقطة إنعطاف لشركات الإبتكار والتطوير وتسلط الضوء على الحاجة الى حوكمة رشيقة.
في شركات الإبتكار والتطوير بسبب طبيعتها هناك تعقيد في عملية صنع القرار لذلك يجب على مجلس الإدارة أن يجعل هذة القرارات أقل قابلية للقواعد العامة والصيغ البسيطة. هذه الشركات في مراحل التطوير تعاني من ضائقة نقدية ، أو تكون مثقلة بالديون ، أو غير مجهزة بشكل آخر للتعامل مع الأزمات في هذه البيئة الجديدة ، فيتعين على مجالس الإدارة الإعتماد بشكل متزايد على الأحكام النوعية في تكوين الآراء وإتخاذ القرارات. من المؤكد أن القرارات التي يتعين على المجالس إتخاذها تتطلب دائمًا قدرًا من الحكم النوعي. وبغض النظر عن الأقوال المأثورة ، فإن الأرقام في كثير من الأحيان لا تتحدث عن نفسها ، والعديد من القضايا التي ترفع إلى مجلس الإدارة ليست قابلة للحل من خلال التحليل المالي أو الأساليب الكمية الأخرى. لذلك في غرفة مجلس الإدارة تعد القدرة على المشاركة والمناقشة مهارة بالغة الأهمية للأعضاء لإستكشاف الخيارات المختلفة والموازنة بين الاعتبارات ووجهات النظر المتنافسة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه يتعين على مجلس الإدارة في هذة الشركات التعامل مع قضايا ومسائل جديدة ليس لها سابقة.
بشكلٍ مختصر نستطيع القول أن وظيفة الأعضاء في مجلس الإدارة أكثر تطلبًا في شركات الإبتكار والتطوير ، لذلك تحتاج مجالس الإدارة في هذة الشركات أن تحصل على تحديثات أكثر تكرارا من الإدارة العليا وتعقد اجتماعات أقصر وأكثر تواترا للتعامل مع العديد من القضايا. للعمل عن كثب مع الإدارة بشأن الاستراتيجية ، وتتبع مقاييس الأداء ، والإشراف على قائمة موسعة من المخاطر ، وإعادة التفكير في سياسات التعويض ، والانخراط في المناقشات ومراجعة تكوين مجلس الإدارة. كل هذه الأنشطة تستغرق وقتًا لتقييم مدى استعدادها لتلبية المتطلبات الجديدة ، ووضع خطة لمعالجة أي ثغرات تجدها في هذه اللحظة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال