الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ارتبطت القهوة كرمز للراحة والاستمتاع منذ القدم. ومجتمع الصحراء أكثر تمسكا بالقهوة لأن لديه سلوكيات وتقاليد ارتبطت بها وأصبحت لغة ومراسم يتبعها أبناء الصحراء وشيوخها. ولكن ذلك لم يمنع من انتشارها في مجتمعات العالم. هكذا تشكلت صورة في أذهان الكثير ان لم يكن الغالبية ان الشخص الذي يحتسي القهوة فهو شخص وصل الى نقطة السعادة التي اشرنا لها سابقا. وهذا أحد أهم الأسباب التي أدت الى انتشار المقاهي ونكهات القهوة المختلفة في العالم.
هناك حكاية طريفة لصياد بحر يجلس على الشاطئ بمظهره الكئيب وثيابه الرثة ويحتسي القهوة وهو ينظر بتركيز وتأمل في البحر ويستمتع بصوت أمواجه المتراطمة. اقترب إليه رجلا وبدأ يداعب تفكيره. فسأل الرجل الصياد؛ أليس من الممكن ان تمتلك قاربا وتبحر فيه بعيدا عن الشاطئ لتصطاد سمكا أكثر. قال الصياد؛ نعم وماذا بعد؟ فقال له الرجل تجمع الأموال من بيع السمك لتشتري به قاربا آخر وتصطاد سمكا أكثر. فقال الصياد: جميل وماذا بعد؟ فقال له الرجل: سيصبح عندك فريق عمل ومراكب عديدة يمكن ان تنشأ بها شركة متخصصة في صيد السمك وتفتح أسواق جديدة وآفاق واسعة في تجارة البحريات. فرد عليه الصياد: وماذا بعد ذلك؟ فقال له الرجل: بعد كل هذا الإنجاز تستمتع بالحياة وانت جالسا على شاطئ البحر وتحتسي القهوة وانت تنظر الى البحر. فضحك الصياد وقال له: بعد كل هذا التعب والجهد سأحتسي القهوة وانا على شاطئ البحر! أنا مستمتع بذلك دون ان أعمل كل ذلك!
هذه ليست دعوة للكسل او التقاعس ولكنها دعوة للتأمل والقناعة. فمتى ما كنت قنوعا كانت طموحاتك أكثر تحقيقا والدنيا أكثر انصياعا. وتذكر دائما قول الشافعي:
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَّأَنِّـي وَلَيْسَ يَزِيدُ فِـي الـرِّزْقِ العَنَـاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْـبٍ قَنُـوعٍ فَأَنْـتَ وَمَالِـكُ الدُّنْـيَـا سَــواءُ
ومن المصادفات الطريفة التي مرت في حياتي و كانت درسا جميلا ذا قيمة عالية ، لا يمكن أن نتعلمه في المدارس أو الكتب. كنت حينها في زيارة عمل إلى القاهرة لحضور مؤتمر. واتفقت مع بعض الزملاء المشاركين في المؤتمر على زيارة منطقة الحسين ليلا وارتشاف القهوة في قهوة الفيشاوي التاريخية. فالمكان ليلا مكتظٌ بالناس ويعج بالفنون والبيع والكلام ، وتسمع صرخات مقدمي القهوة بالطلبات. هذه الحياة الليلية تكسر كل أنماط روتين الحياة ، ومشاهدة الناس تبعث على التفكر والتأمل. ولا غرو فقد ألهمت هذه الأجواء كبار الكتّاب مثل طه حسين لتأليف رواياتهم و كتبهم.
و بعد أن اجتمعت المجموعة توجهنا إلى حيث نجلس… نكمل الحديث وما جرى من أحداث في المقال القادم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال