ملك الكريبتو!

لم يخفى على احد من العائلة وحتى المجتمع القريب، التغير الكبير في حياة “زيد” من عدة سنوات عندما بدأ في تجارة الاسهم ثم ذهب في جولة حول العالم ليعود للبلاد ويسكن في “جراج” منزل عائلته القديم والذي أصبح مقراً سرياً لصناعة عملات الكريبتو الرقمية!!.

نعم “الكريبتو” التي انشغل العالم بتجارتها ووصل بالبعض الى استخدامها في عمليات غير مشروعة، أصبح زيد صانعاً لها من خلال احترافه لكتابة الأكواد المميزة بل انه وصل للتفكير بابتكار عملة جديدة ومازال في مرحلة دراسة الجدوى لهذه الخطوة التاريخية في حياته بعالم الكريبتو.

نظر زيد إلى المرآة وهو يلمس تجاعيد وجهه والهالات السوداء تحت عينيه، لم يعد شاباً يافعاً يشع بالحيوية، بل أصبح الشحوب والمرض سمة اساسية لهذا الشاب الثلاثيني، اشاح زيد بوجهه لينظر من النافذة المطلة على مواقف السيارات، ليملأ عينه بسيارته الجديدة من نوع مرسيدس والتي اشتراها نقداً بعد تسييل احدى محافظ الكريبتو الرقمية الخاصة به!!!

نظر زيد إلى عيون دليلة، الشابة التي قابلها لأول مرة في مضيق جبل طارق، وأخذ يبارك بذاكرته عن كيف أصبحت هذه الفتاة خلال أيام زوجة له، لأنه كالعادة ليس لديه وقت كاف لبناء علاقة صحية، ولم يكتفي بذلك، بل جعل منها مساعدة له في التصنيع وأصبحت تعمل اكثر من ١٢ ساعة يومياً، وبعد أن كانت يافعة يانعة، اضحت بعيون جاحظة ووجه متجهم ويد مرتجفة. صنع منها زيد مسخاُ يستخدمه لتحقيق أهداف مالية جشعة.

دخلت دليلة في تلك الليلة المقمرة إلى غرفة زيد في قصرهم المنيف بقلب العاصمة و الذي اشتروه من آخر محفظة كريبتو تم تسييلها، فوجدته كالعادة نائماً على لوحة المفاتيح وأصبحت تحاول ايقاظه بهدوء تصاعد صخبه تدريجياً، لأن زيد -فعلاً- لم يكن يتحرك، وكانت عيونها تنظر بانبهار إلى آخر كود برمجي ابدعه على الشاشة، وهي توقظه، حتى بدأت تخفف محاولاتها عندما لاحظت ان زيد، ملك الكريبتو، أصبح مجرد جسد، بلا روح، لقد غادر، وتم تسييل آخر محفظة.. في حياته.