الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من النادر أن امتدح مسؤول أو وزير ينتقل من جهاز حكومي الى آخر، وأكثر من جهة، إنما لا ترى له أي أثر على ارض الواقع، وتقول في داخلك، ربما أن واسطته كبيرة، تجده يتنقل بكل خفة، ولا أحد يسأله ماذا قدمت أو أنجزت، وهذا يذكرني باللاعب الذي يتم اختباره في كل الخانات من هجوم ووسط ودفاع وأحيانا حراسة، في سبيل انه ربما يظهر مهارته في أي من المواقع التي يوضع فيها، حتى يحول الى نافخ للكرة أو إحضارها إذا ذهبت لمسافة بعيدة. وعادة مثل هؤلاء ربما ينتقل الى أكثر من وزارة أو إدارة حكومية، إنما يبقى في الظل لا أحد يعرف عنه أو يتحدث عن إنجازاته.
حينما صدر الأمر الملكي الكريم قبل أسبوع بتعيين الدكتور توفيق الربيعة وزيرا للحج والعمرة، ادركت أن رغبة القيادة هي تطوير هذه الوزارة بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 وبرامجها ومبادراتها الهادفة الى مواكبة التطور الشامل، ورفع كفاءة خدمات ضيوف الرحمن والمعتمرين، وهذا ليس تقليلا من وزراءها السابقين، إنما إيقاع العمل كان بطيئا، خاصة وان برنامج خدمة ضيوف الرحمن يتمثل في إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة فضلا عن توجه وزارة الحج الى تأسيس شركات أرباب الطوائف بوصفها شركات مساهمة وتجويد الخدمات والارتقاء بقطاع الحج والعمرة.
لهذا أسندت المهمة لهذا الوزير. وبصراحة هناك نماذج قليلة من المسؤولين الذين لقوا إعجاب المجتمع، اذكر على سبيل المثال الراحل د. غازي القصيبي هذا الوزير كان من المع الوزراء في حقبة من الزمن والمناصب التي اعتلاها، وفي المجال الدبلوماسي كان الأمير الراحل سعود الفيصل أحد الشخصيات الذي حصد الإعجاب سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
الوزير توفيق الربيعة له بصمات مضيئة في المناصب التي حمل فيها حقيبة وزير، خاصة التجارة والصحة، في التجارة احدث الكثير من التغييرات الإدارية في تحسين بيئة التجارة والاستثمار، وتسهيل الإجراءات، وتقليص المدة في إنجاز المعاملات، من الملفت خلال توليه حقيبة التجارة انه عالج الكثير من الخلل الذي كانت موجودة خاصة مكافحة الغش التجاري، وأتمتة المعاملات، والشيء اللافت في الوزير توفيق الربيعة انه لا يحب الإعلام ولا يحب الظهور كثيرا ويتحدث وقتما يريد أن يوصل رسالة مهمة أو لديه إنجاز، ويجيد صناعة الفريق الثاني وتهيئته واكتشاف قيادات شابة والاستفادة من الخبرات.
ومنذ أن حمل حقيبة وزارة التجارة، برزت خطواته الإصلاحية الإدارية، ولقيت إعجاب المتابعين له، وحينما انتقل الى وزارة الصحة، التي كانت تعاني من طول انتظار المراجعين، حتى يتمكنوا من مراجعة الطبيب، وإهمال الخدمات دون جودتها، وحالات سرقات للأدوية والمستحضرات الطبية من قبل بعض الموظفين ضعاف النفوس، وعالجها بعمل شراكات مع الصيدليات بصرف الأدوية من هذه الصيدليات بدلا من أن تقوم الوزارة بصرفها وأتمتة الخدمات الطبية و رقمنتها، فضلا عن الخدمات الطبية المنزلية لكبار السن والعجزة، والمراجعين للمستوصفات والوحدات الصحية يلاحظون تحسن الخدمات.
ولعل اكبر اختبار خاضه الوزير توفيق الربيعة خلال فترة عمله في وزارة الصحة، وهو قيادة فريق العمل الصحي والطبي خلال فترة جائحة كورونا، فكانت حالة استنفار كامل لقطاع الصحة في كافة خدماتها، وباحترافية عالية ومهنية إدارية، تمكن من قيادة برنامج مكافحة فايروس كورونا بوضع بروتوكولات قاسية ومنضبطة، نقلت السعودية الى مصاف الدول المتقدمة، بالطبع ليس الوزير وحده الذي انجز هذا العمل الرائع في مجال الصحة، معه فريق عمل مميز وناجح ويعرف كل مسؤول دوره ومهامه،
وخلال عام جائحة كورونا تلقت الصحة السعودية إعجاب العالم، وحصدت المركز الأول عالميا في إجراءات التطعيم ضد فايروس كورونا، وأيضا الأولى عالميا في استجابة الحكومة ورواد الأعمال لجائحة كورونا، بالطبع هذه الإنجازات التي تحققت للسعودية في القطاع الصحي مثال لنموذج الإدارة الصحية والعاملين عليها وكافة الكوادر الطبية والتمريض والإدارة، وتكاتف جميع الجهات الحكومية مع خطط وبرامج وزارة الصحة، ولعل تطبيق “توكلنا” و”صحتي” وتناغم العمل الإلكتروني سهل الكثير من الإجراءات ونظمها.
اليوم حينما يستلم الوزير توفيق الربيعة حقيبة وزارة الحج والعمرة فهي مرحلة جديدة من المهام يدخلها الوزير ، وان كان التناغم بين الصحة والحج وقبلها التجارة كلها جهات مرتبطة مع بعضها، إلا أنها لم تكن ضمن إيقاع واحد، فالحج والعمرة تعمل بطريقة منفصلة عن الكثير من الوزارات، وشاهدنا الكثير من الشكاوى سواء من المعتمرين والحجاج، من مقدمي الخدمة لهم، وضياع حقوقهم، فضلا عن شكوى مؤسسات الطوافة وأربابها من قصور بعض الأنظمة التي همشت هذه المؤسسات، وتجربة الحج والعمرة خلال فترة الجائحة كورونا، لقيت إعجاب وتقدير دول العالم، من حيث تمكن كبار السن والمرضى، ونظافة الخيام والتنقلات والخدمات والأطعمة المغلفة وغيرها، كان حجا نموذجيا ورائعا، بدلا من صورة الحج القديمة التي اعتدنا أن نراها، من ازدحام وتكدس واحتيال بعض مؤسسات الطوافة وشركات العمرة وكذلك نصب واحتيال من الوكيل الخارجي، في بيع أوهام للمعتمرين والحجاج والحصول على مبالغ مبالغة جدا.
أمام وزير الحج توفيق الربيعة مهمة جديدة مختلفة عن الوزارات السابقة سواء تجارة أو الصحة، هو هنا سوف يتعامل مع مندوبي بعثات من دول مختلفة وثقافات متنوعة، وجنسيات ولغات، وصورة وزارة الحج القديمة التي اعتدنا مشاهدتها في الماضي، لا نريدها في المستقبل، نريدها وزارة تقدم خدمات مميزة، الحج والعمرة قوتنا الناعمة في تسويق صورة السعودية في الخارج، ونستفيد من هؤلاء الضيوف في تنفيذ برامج سياحية وإقامة معارض إسلامية لنفتح الباب أمام العمرة العائلية وسهولة حصولها، وتنظيم العمرة المحلية سواء للسعوديين أو المقيمين فيها وتحويل خدمات الحج والعمرة الى منتجات استثمارية ومنح الفرص لشركات محلية وعالمية في تقديم خدمة النقل وبناء قطارات داخل مكة والمشاعر، وأيضا خدمات الإعاشة.
الوزير الربيعة، لا نطلب منه يستعين بعصا موسى، إنما نتطلع لأن تكون وزارة الحج والعمرة، أحد ابرز نجوم رؤية السعودية 2030 في المرحلة المقبلة. دعواتنا لوزير الحج التوفيق والسداد وعمرة مقبولة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال