مجالس الإدارة واستدامة المواهب في المنشأة

تتجه مجالس الإدارة في المجموعات والمنشآت إلى تشكيل عدد من اللجان لتفويضها في بعض المهام ودراستها بشكل كامل، خصوصا مع تغير طريقة وشكل العمل ومتطلبات المواهب ومع تزايد التركيز على أهمية المواهب والموارد البشرية في المنشآت، لكونهم العنصر الأهم لتحقيق النجاح والنمو والأهداف التنظيمية، هناك لجنة دائمة قد تساعد مجلس الإدارة في عملية استدامة المواهب في المنشأة على جميع المستويات، وهي ما تسمى عادة لجنة الترشيحات والمكافآت (Nomination & Remuneration Committee)، والتي يُمكن أن تركز على بناء القدرة التنظيمية في المنشأة، وضمان أن يُنظر للمنشأة على أنها المكان الأفضل للعمل في الأسواق التي تعمل بها. وما يُثبت أهمية هذه اللجنة، ما استنتجته إحدى مؤسسات الاستشارات الإدارية (ghSMART)، أن مجالس الإدارة تحتاج إلى طرق إضافية للتعامل مع الإدارة التنفيذية تتجاوز مجرد المراجعة السنوية للمواهب، وتعمل على استدامة المواهب في المنشأة. وتذهب بعيدا إلى ان تسلط الضوء على ثقافة المنشأه وما يمكن تحسينه في هذا الشأن. ولهذا من أفضل ان يكون المسمى الأنسب لهذه اللجنة “لجنة الموارد البشرية والثقافة (People & Culture Committee)”.

تشكيل هذه اللجنة يُمكن أن يستهدف تحقيق أهداف رئيسية تؤدي في النهاية إلى تحقيق الاستدامة المطلوبة، وأهم هذه الأهداف هو خلق خطة تعاقب قوية ذات إمكانات عالية، تضمن أن يكون لدى المنشأة أفضل المواهب في جميع الأدوار الحاسمة، والتي على رأسها الرئيس التنفيذي من خلال خطة ثابتة وصارمة والتي يجب أن تعتمد على المهارات الرئيسية التي يحتاجها كل دور حاسم في مستقبل المنشأة، ومدى مواءمة هذه الاحتياجات مع قدرات المرشحين الداخليين. وفي نفس الوقت تقوم هذه اللجنة على التاكد من وجود سياسات تعمل على تطوير خطوط المواهب الداخلية، والتركيز على القدرة التنظيمية للمنشأة، ومراجعة خطط التطوير السنوية للمسؤولين التنفيذيين ومناقشة كيفية الاحتفاظ بهذه المجموعة وغيرها من المواهب الحاسمة والمهمة في المنشأة.

ومن الجوانب التي يغفل عنها مجلس الإدارة والممثل بهذه اللجنه هو مناقشة الأنشطة الرئيسية التي تُركز على تطوير مشاركة الموظفين والثقافة التنظيمية للمنشأة، وضمان تغلغل قيم المنشأة في جميع المستويات التنظيمية، ومناقشة أية قضايا تتعلق بالأفراد مثل: ممارسات العمل، نشاط تكافؤ فرص العمل، التنوع والشمول، وغيرها من الأمور التي قد تخلق بعض المخاطر للمنشأة وتعيق استدامة وجود المواهب أو تؤثر على مستوى مشاركتها واندماجها. أيضاً متابعة الخطط الاستراتيجية الخاصة بالمستقبل، ومدى تركيز الإدارة التنفيذية على توفر وتطوير القوى العاملة بالمستقبل سواء من خلال متابعة الخطط التدريبية لضمان امتلاك القوى العاملة للمهارات المطلوبة في مستقبل العمل بالمنشأة.

من خلال تحقيق هذه الأهداف، وغيرها بناءً على متطلبات كل منشأة، يُمكن تحقيق استدامة المواهب، والتي يُعتمد عليها في تسيير الأعمال وتقديم الخدمات وتحقيق الإنجازات والأهداف، وهو الأمر الذي إذا لم تؤمن به المنشآت، ستجد صعوبة كبيرة في المنافسة على مستوى الأسواق التي تعمل بها، نظرا لوجود تنافس كبير على المواهب الفارقة، وستزداد هذه المنافسة مع التطور المستمر لطرق ومتطلبات العمل، وزيادة المهارات المطلوبة في المجالات المختلفة للقيام بالمهام مستقبلا.