3666 144 055
[email protected]
الطفل هو هدف الرجل في المرأة وهدف المرأة في الرجل، ولا يمكن لأحدهما تحقيق هدفه دون الآخر فهو مشروعهما الاستراتيجي المفضل بل الأسمى، فقدومه إلى الحياة هو بشارة أهله، وفرحة أبويه، وملح المودة بينهما، وهنا يرجع أهمية الأسرة للطفل، والذرية الطيبة هي أفضل الأرزاق، وهي مؤشر النماء والزيادة والعطاء، لهذا مع تأملات عن أطوار الطفل (المشروع المهم) التي يمر عليها في حياته، نتوقف عند مرحلتين من أهم مراحله، وكلاهما تتعلق بالتكوين، فالأولى بيئة نمو وتكوّن أعضاء جسده في رحم أمه ونفخ الروح فيها، والثانية بيئة الحضن والرضاعة التي تنمو وتتكوّن فيها أخلاقه وصفاته وطبائعه كأساس، والتي غالبا يتلقاها بالأصاله من أمه وقد يلعب دورها بالتمثيل غيرها لأسباب، إلا إن الأم تبقى الأم لا يمكن تعويضها بربوت الذكاء الاصطناعي فكما قال حافظ ابراهيم:
الأمّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الأمّ روضٌ إن تعهده الحيا بالرّيّ أورق أيما إيراق
الأمّ أستاذ الأساتذة الألى شغلت مآثرهم مدى الآفاق
وبمناسبة احتفال العالم، باليوم العالمي للطفل، تسآلت عن أذكى أطفال العالم، فجاءت عشر دول متقدمة لدول العالم في معدل الذكاء للأطفال، وقد هيمنت البلدان الآسيوية على البلدان الخمسة الأوائل من حيث معدل الذكاء تتصدرها هونغ كونغ اذ بلغ معدل الذكاء للأطفال فيها 107 ويليها كوريا الجنوبية 106 وجاءت اليابان في المرتبة الثالثة بمعدل 105 وتلتها تايوان في المرتبة الرابعة بمعدل 104 وفي الخامسة سانغافورة بمعدل 103، ثم تلتها هولندا وإيطاليا وألمانيا والنمسا بمعدل ذكاء 102، وجائت السويد في المرتبة العاشرة بمعدل 101، وخلال التصفح تأملت السير والتأريخ للناجحين والمبدعين، فوجدت أن مرحلة الطفولة في سيرهم كانت من أهم المراحل وأسباب النجاح والابداع وبطلها الأم، وأترك لكم مثالا مفتوحا ومطلقا، لكل قارىء خذ سيرة عشرة أشخاص ترى أنهم الأحسن في نظرك، وقف على جزئية طفولتهم تجدها أعطر أجزاء مراحلهم بل هي المرحلة التي دفعت كل ما بعدها من مراحل الى الاثارة والانجاز، ولن تجدها جزئية ناعمة بل ستجدها ممزوجة بالتربية وعدم النعومة، ثم لو أخذنا مثالا آخر لعشر دول في العالم أنها أكثر تأثيرا في العالم، ثم أخذنا من كل دولة طفل وليكن عمره 10 سنوات وأجرينا لهم اختبارات في مؤشرات محددة، ولتكن هذه المؤشرات مبسطة جدا يسهل قياسها، مؤشر الكلمة والمنطق، ومؤشر السلوك، ومؤشر الوعي والفهم.
ليس هناك مُحال في النتيجة، فالدولة التي بذلت جهودها في تعزيز قيمها وهويتها التي تعتز بها، ستحاكيها أخرى لم تعر اهتماما أو تعتز بهويتها وقيمها فالأولى في منزلة الغالب المتبوع والثانية في منزلة المغلوب التابع.
ويقودنا هذا الأمر لأهمية هذه المرحلة العمرية من مراحل الانسان من نطقه للكلمة الى بلوغه السن الثامنة عشرة، حيث أنها تستحق التركيز عليها بالتربية والتهذيب وترسيخ القيم واكتساب المهارات الرياضية والسلوكية والتركيز على هذه المرحلة بما يناسبها وعدم التشعب أو التطرق لمرحلة متقدمة قد تكون سابقة لآوانها.
ثم ليس من الأثر كم أنفقنا على التعليم، وكم بنينا من مدرسة، وإنما الأثر والانجاز، كيف أنفقنا وكيف علمنا، والبيت والمدرسة التي تخرّج أبناء مبدعين، يستحقون من المجتمع أن يحتفل بهم بجائزة وطنية، وأن تكون هناك مبادرات من مؤسسات المجتمع تمنح جوائز تتوج بها رؤس الأمهات والأباء وقادة وقياديات المدارس ذات التأسيس المميز، الذين خرّجوا مثل هؤلاء الأبناء المبدعين، لخلق التنافسية في أجواء المؤسسات التعليمية وبث روح الابداع، فالعملية عملية نوعية وليست مجرد كمية، واذا اجتمعت لدولة نوعية وكمية في رأس مالها البشري، قد ملكت قوة وسلاحا رادعا لا أحد يتجرأ أن يحارشها.
حكمة لأمير الشعراء أحمد شوقي:
ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من .. هـمِّ الحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا
فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما .. وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا
إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ .. أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734