الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لو أجري استطلاعاً لمعرفة الإنطباع العام عن “دولة اليابان” فكيف ستكون النتيجة؟ من المؤكد أنها سوف تتفق على أنها دولة متقدمة في مجالات التكنولوجيا و التقنية ولن يكون هناك إنطباعاً واحداً يشير إلى أنها كانت دولة جبارة متغطرسة مجّدت من نزعة العنف وعظّمت من قيم المقاتل الياباني ” الساموراي ” حتى غزت منشوريا ، وشملت إمبراطوريتها أجزاء من الصين وإندونيسيا، والفلبين، وماليزيا، ومستعمرة الهند الصينية الفرنسية، وبورما، وعدة جزر في المحيط الهادئ ولم يوقف هذه النزعة الشرسة سوى القصف الذري على هيروشيما وناجازاكي عام ١٩٤٥ م .
وهنا نقطة التحول التي أدت إلى تغيير جذري في تاريخها ، بدءاً من التحالف مع أمريكا لهدف حمايتها من الهجمات الخارجية ، و منه إلى التركيز على “القوة الناعمة “و الانطلاق نحو أفاق جديدة تعتمد الإنتاج والتنمية المستدامة ما جعل منها اليوم ثالث أكبر إقتصاد في العالم ..
وبالوقوف عند مفهوم “القوة الناعمة” على وجه التحديد فيمكن القول بأنه ذلك التأثير الذي يُغيّر في الرأي العام من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية ، ولتقريب المعنى أكثر سوف نقف على نماذج كان لها بالغ التأثير على شعوب العالم كافة ، كالولايات المتحدة الأمريكية والتي حصلت على المركز الأول في التقرير الصادر عام ٢٠٢٠ م ، والذي يُصنف الدول بناءً على قوتها الناعمة ويعتمد في ذلك على مجموعة من العناصر منها الثقافة والتراث والتجارة والعلاقات العامة والتعليم وغير. .
و يرى أستاذ العلوم السياسية الأمريكي “جوزيف ناي ” بأن القوة الناعمة لأمريكا تتجاوز شطائر الهامبرجر والكوكاكولا و الجينز وموسيقى الروك وباقي مظاهر الثقافة الشعبية التى تأثرت بها شعوب العالم. موضحاً أن هناك مظاهر أخرى للقوة الناعمة فأمريكا تجتذب ما يقرب من ستة أضعاف المهاجرين الأجانب أكثر من ألمانيا التى تليها فى ذلك، وهى أول وأكبر مصدّر للأفلام والبرامج التليفزيونية فى العالم، وأنه من بين مليون و600 ألف طالب مسجلين فى جامعات خارج بلدانهم فإن أمريكا وحدها تستقطب 28% منهم مقابل 14% يدرسون فى بريطانيا”
بقي أن نتساءل : عن المحتوى الذي نملك؟ كيف لنا أن نعّبر عنه، أن نتحدث للعالم عن قدراتنا و مكانتنا وعن المكون التراثي والثقافي ونجاحنا في إدارة أزمة كورونا وأدوار المملكة الإغاثية ومساهماتها الإنسانية بشكل عام . أعتقد بأن واقعنا الإعلامي ما يزال بعيداً عن مواكبة الطموح حيال ذلك ، فالقنوات المتاحة عاجزة عن تغيير الصور النمطية لدى الأخر وهو ما يدعو إلى ضرورة إستحداث قنوات ناطقة بكل لغات العالم تهدف إلى التعريف بأدوار المملكة وما تقوم به من قفزات في كل المجالات شريطة أن يقوم عليها شباب الوطن .
ولكم أن تتخيلوا أن شراء نادي ” نيوكاسل” تونهام قبل أسابيع إستطاع أن يحدث فارقا في المشهد الإعلامي الغربي ولا أدلّ على ذلك سوى منظر مشجعي الفريق وهم يطوفون شوارع إنجلترا وفي أيدهم صوراً للعلم السعودي و لولي العهد. إنه مكسب حقيقي يؤكد مجددا بأن القوة الناعمة لها دور كبير في هذا العصر و لنتذكر دوما ( على قدر أهل العزم تأتي العزائم)
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال