الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سرطان الجلد melanoma – malignant الورم الميلانيني – ميلانوما- هو نوع من أنواع سرطان الجلد التي تتطلب تشخيصًا سريعًا وعلاجًا من أجل تجاوزه أو تخفيفه. إذ إهماله يؤدي إلى انتشاره إلى أجزاء أخرى من الجسم. ويتواجد عادة في مناطق مثل الظهر عند الرجال والساقين عند النساء. ورغم أنه يمكن أن يكون في أي جزء من الجسم، إلا أنه نادراً ما يُكتشف في الأجزاء المحمية بانتظام من الشمس، مثل: العورة وفروة الرأس. نستعرض هنا حالتين اثنتين، حصلتا في انجلترا، نحللهما أولاً ،ثم تعقيب بنظرة قانونية.
الحالة الأولى، كانت في أغسطس 2016 عندما دخل السيّد جون على طبيب عام يشكو شامة كبيرة على صدره. بيدَ أن الطبيب لم يُظهر اهتماماً؛ لعدم وجود علامات توحي بخطر، فلم يُحله إلى مستشفى لمزيد من التقصي حول الشامة. ثم في أوائل عام 2017، لاحظ السيّد جون أن الشامة قد تغيرت كثيراً، فذهب إلى طبيب عام آخر الذي أحاله مباشرة إلى مستشفى المدينة. ورغم الإحالة إلا أن رؤية الطبيب المختص لم تتم إلا بعد شهر، حيث شُخص بأنه مصاب بسرطان الجلد. وعلى الرغم من العلاج المناسب؛ توفي السيد جون في أكتوبر 2017.
السيدة دانيا – بعد أن تحسّنت حالتها بفقد جون – تعاقدت مع مكتب استشارات؛ ليتولى الموضوع. في البداية، حصلوا على رأي خبير أمراض جلدية الذي أكّد أنه وبرغم تأخر الإحالة حتى مارس 2017، فإن المرض يكون قد انتشر حتى لو أتى مبكراً قبل الإحالة. وأضاف، وبغض النظر عن أي علاج فإن مرضه كان مميتاً على أي حال. ومع ذلك، أوصى الخبير بالحصول على رأي الطبيب العام حول حالة الشامة في الموعد الأول.
كان من الصعب إثبات الإهمال، لكن الأم كانت محتفظة بصور لجون طوال عامي 2016 و 2017 تُظهر حالة الشامة. وتم الاتفاق على صورة أُخذت في 10 سبتمبر 2016 حيث أظهرت الشامة بنفس الشكل تقريبًا حين زار طبيبه في الموعد الأول. وكان رأي خبير ممارس أن الشامة في الصورة كانت نموذجية لورم الميلانوما (سرطان الجلد) وأنه كان يجب إحالة جون إلى المستشفى في الزياة الأولى.
تشير الدلائل المتعلقة بالأمراض الجلدية والأورام إلى أنه مع مثل هذا العلاج الذي تلقاه جون في وقت متأخر، كان سيكون لدى جون متوسط عمر طبيعي متوقع. لذا، رُفعت دعوى ضد الطبيب العام، وكانت أول جلسة في أوائل عام 2021. وقد أظهرت أدلة الخبراء المتبادلة بين الطرفين، أن أوجه نظر خبراء كل طرف لم تكن مختلفة تماماً.
تداول خبراء المدعى عليه أن السرطان ممكن أن يكون في مرحلة متأخرة عندما زار طبيبه لأول مرة، وبالتالي فإن نجاته من الوفاة قد تمتد من ثلاث إلى تسع سنوات فقط، حتى مع التشخيص المبكر. الطرف المقابل، حصل له نفس الشعور تقريباً حيث تداولوا بأنه حتى لو كان السرطان في مرحلة مبكرة؛ فقد لا يكون هناك إهمال سوى تقصير يسير، وبالتالي فإن حياته ستكون في خطر حتى مع العلاج المناسب.
ومع ذلك، وفي اجتماع تسوية، اتفق الطرفان على مبلغ يزيد عن مليون جنيه استرليني؛ تعويضاً للسيدة ناديا عن فقدانها زوجها جون، بالرغم من عدم الاعتراف بالمسؤولية أو وجود خطاب اعتذار من الطبيب العام.
الحالة الثانية حدثت قبل الأولى حيث كانت في أغسطس 2004 مع أب لطفلين صغيرين. في ذلك العام، كان الأب قلقاً لظهور شامة في أعلى ذراعه اليسرى. ثم تغير مظهرها بعد فترة، الأمر الذي دعاه إلى زيارة طبيبه العام حيث شخّصه على أنه مجرد ثؤلول/ثالول؛ فأزاله بمشرط. ولم يرَ ثمة ما يدعو لإرسالها للفحص النسيجي لمعرفة ما إذا كان بها أنسجة سرطانية أم لا.
في غضون أسابيع قليلة، عادت الشامة للظهور مرة أخرى، بيدَ أن لها نمواً بارزاً عن سطح الجلد وكان مظهرها مختلفًا ومقلقاً. في يناير 2005، زار الأب طبيبه مرة أخرى. فقام الطبيب من على كرسيه إلى الخزانة، وأخرج كتاباً، ليريه صوراً لسرطان الجلد الخبيث، مؤكداً أن الشامة على ذراعه لا تشبه أياً من الصور الموجودة في الكتاب. وكان يصرُّ على أنها مجرد ثؤلول. ونتيجة لذلك، وبتخدير موضعي؛ أزال الثؤلول، وألقاه في سلة المهملات، وكان المفترض أن يُرسله إلى مختبر للفحص النسيجي.
هذه المرة، استغرق الجُرح حوالي شهراً للشفاء مما ترك ندبة كبيرة مع ألم. ورغم ذلك، طمأنه الطبيب طالباً أن يتحمّل الألم حتى يزول تماماً. بيدَ أن الألم استمر ثلاثة أشهر، والأب يرجف كما لو كان مُصاباً بنزلة برد. في 2006، تورّم إبطه مما استدعاه إلى أن يجري فحصاً لدى طبيب آخر الذي لم يطمأن لحالته؛ فأحاله إلى مستشفى مدينة ليستر؛ لإجراء أشعة بالموجات فوق الصوتية، مع أخذ عينة من الموضع.
كشفت النتائج عن كتلة داكنة كبيرة بحجم بيضة صغيرة مع وجود ورم يتطلب استئصاله من أعلى ذراعه الأيسر لدى مستشفى سانت ماري في بادينغتون. من بين 28 عقدة ليمفاوية تمت إزالتها، كان بينها خمس عقد سرطانية، وأبلغه الأطباء بأنه معرض لخطر تكرار الإصابة.
منذ تشخيصه بمرض السرطان؛ تغيّرت حالته جذرياً وحياته المهنية، حيث كان يشغل منصب المدير العام والشريك لوكالة تصميم، أسسها وأدارها لأكثر من عشر سنوات. فقرر بيع أسهمه للشركة، وحاول أن يعمل مستشاراً، بيدَ أنه وجد صعوبة في تأدية المهام بالمستوى المطلوب.
كان فشل الطبيب العام GP في إرسال الأنسجة المزالة لفحصها؛ انتهاكًا لواجب الرعاية. إذ من المبادئ الأساسية في الطب إرسال أي نسيج يتم إزالته من الجسم إلى مختبر للكشف عنه مجهرياً من أجل التأكد من خلوه من خلايا سرطانية. لو أُرسل النسيج – الذي شخّصه الطبيب على أنه مجرد ثؤلول في 2004 – لكانت فرصة تحسنه بالعلاج ستصل إلى ما يزيد عن 80٪. لكن بسبب التأخير تقلصت إلى حوالي 20٪.
انتهى الأب إلى تسوية المطالبة بمبلغ مليون جنيه إسترليني ليشمل التعويض الألم والمعاناة التي تعرض لها والخسائر السابقة والمستقبلية في المكاسب والمصروفات.
تتفق الحالتان على إخلال الطبيب بأداء واجبه في بذل العناية اللازمة، حيث كان الإهمال واضحاً في الحالتين. ورغم أن إثبات الإهمال مهم إلا أنه لا يلزم أن يكون الدليل قاطعاً، بل يكفي ما يجعل الدعوى قريبة للتصديق. وهذا ما حصل مع السيدة دانيا في الحالة الأولى حيث الصورة التي توضح حالة الشامة؛ كانت قرينة جعلت الطرف المدعى عليه يحسب لها حساباً. ذلك أن الإهمال واقعة مادية يصح إثباتها بأي طريق، ومنها القرائن القضائية، والقرائن يكفي فيها مبدأ الاحتمال. وقد يكون التشخيص خطأً معفواً عنه، في حال كان من الأغلاط التي قد يرتكبها الأطباء عادة. وهذا لا يكون إلا في الحالات التي لا يلتزم الطبيب فيها بتحقيق نتيجة كما هو الأمر في الحالتين أعلاه. ولا يمكن التساهل بالاحتجاج بمجرد كون الغلط معتاداً؛ إذ سيكون عليه عبء الإثبات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال