الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعتبر القدرة على اتخاذ قرارات ذات جودة وكفاءة عالية واحدة من أهم سمات النجاح، والتي يجب أن تكون متوافرة لدى كبار المسؤولين وصناع القرار في أي منظمة. إلا أن هناك ما يسمى بـ “التحيز المعرفي” Cognitive bias والذي له دور كبير جدًا في التأثير على عمليات التفكير وبالتالي جودة القرارات التي نتخذها.
وحتى تتضح الفكرة أكثر.. دعوني أوضح لكم المقصود بالتحيز المعرفي. أجرى علماء النفس Daniel Kahneman وزميله Amos Tversky سلسلة من التجارب كان الهدف منها فهم طريقة تقييم الأشخاص للاحتمالات ودورها في عملية الحكم واتخاذ القرار في ظل ظروف عدم التأكد. توصلوا إلى أن يميل الأشخاص عادةً إلى استخدام عددًا من الأساليب البسيطة والسطحية لتقييم المعلومات، عادةً ما تكون تلك الأساليب مفيدة في التفكير إلا أنها تؤدي إلى عدم الدقة في الأحكام التي يتخذونها. القرارات التجارية والخاصة بالأعمال مثلاً تتسم بدرجة عالية من عدم التأكد وحتى بعض مواقف الحياة العامة، فإن استخدام تلك الأساليب البسيطة في التفكير وتقييم المعلومات سوف يؤدي غالبًا إلى تحيزات معرفية.
وفي هذا الخصوص ميز علماء النفس بين نمطين مختلفين للتفكير وهما نظام التفكير 1 (System 1 Thinking) ونظام التفكير 2 (System 2 Thinking) . نظام التفكير 1 يعمل بشكل اوتوماتيكي وسريع دون الحاجة لبذل مجهود أو حتى إن احتاج لمجهود فإنه بسيط جدًا، مثلاً الاجابة على السؤال 2+2= أو القيادة في طريق خالي. أما نظام التفكير 2 فيحتاج إلى تركيز الانتباه وبذل نشاط ذهني كذلك، وقد يتطلب وجود الخبرة الذاتية أ/والقيام ببعض العلميات الحسابية، مثلاً القيادة في طريق ضيق أو الاجابة على السؤال 24*17=.
ويجب أن نفهم بأنه لا يوجد تفضيل لأحد النظاميين على الآخر وإنما الاختيار السليم يكون حسب طبيعة القرار الذي بصدد اتخاذه أ/وحسب مهارات صانع القرار. مثلاً عندما يتعلم شخص القيادة فإنه يستخدم نظام التفكير 2، ومع مرور الوقت يكتسب المهارة فيتحول من استخدام نظام التفكير 2 إلى 1، بمعنى أنه أصبح الآن يبذل مجهود بسيط جدًا في القيادة. كذلك قد نراه يعود ليستخدم نظام التفكير 2 عندما تعبر من أمامه شاحنة فجأة والذي بالتأكيد يحتاج إلى تركيز الانتباه تفاديًا لحدوث الحوادث. تعتبر قيادة السيارة أحد الأمثلة على كيفية عمل النظاميين ولكن القائمة تطول وتطول وبالإمكان تطبيقها على شتى أمور الحياة. الخلط في استخدام النظاميين قد يؤثر على جودة وكفاءة قراراتنا ويجعلها متحيزة.
السؤال هنا: كيف يمكننا كمتخصصين في مجال إدارة المخاطر أن نأخذ ذلك في الحسبان وأن نساعد كبار المسؤولين لدينا على اتخاذ قرارات أفضل ذات كفاءة أعلى وخالية من التحيز؟
كيفية تأثير التحيزات المعرفية على عملية اتخاذ القرار:
بعض الحلول المقترحة للتقليل من تأثير التحيزات المعرفية على عملية اتخاذ القرار وإدارة المخاطر:
ومن الجدير بالذكر أن هناك عوامل أخرى إلى جانب التحيزات المعرفية المتأصلة في طريقة تفكير الأشخاص وحكمهم في ظل عدم اليقين؛ والتي قد تؤثر أيضًا على عملية اتخاذ القرار بنفس الدرجة أو بدرجة أكبر كذلك. مثل: ضعف الحوافز والمكافآت، تضارب المصالح، الفساد، أنظمة الامتثال الضعيفة، الافتقار إلى ضوابط داخلية قوية. هذه العوامل قد تجعل عملية اتخاذ القرارات المهمة غير موضوعية وغير موثوقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال