الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا تكاد تخلو مساحة حوارية عن بيئة الاعمال داخل المملكة والا وتتعالى أصوات المشاركين لانتقاد بيروقراطية المؤسسات الحكومية وضعف فهم بعض منسوبيها لقيمة الاعمال التجارية والمبنية على الربح والخسارة مما يتسبب بالكثير من الخسائر وضعف الأرباح للقطاع الخاص. ومع مرور الوقت وحدوث العديد من المتغيرات في قطاع الاعمال يبدو أن ما كان يطلبه القطاع الخاص من أن تتخلص المؤسسات الحكومية من البيروقراطية وتتبنى فكر القطاع الخاص بدأ يلقى صداه في القطاع الحكومي. فسارعت الكثير من الجهات الى بناء استراتيجيتها على مبدأ الاكتفاء الذاتي وتعظيم مصادر الدخل. الا ان المنتقدين سابقاً من القطاع الخاص عادوا بعد ذلك الى انتقاد ما كانوا ينادون به بعد أن أصبحت الحكومة منافساً للقطاع الخاص سواء على مستوى الاعمال أو سياسة تعزيز الإيرادات من خلال الرسوم والمتطلبات المادية.
حقيقة لابد أن نفهم أن العقلية الحكومية وعقلية القطاع الخاص مختلفة كلياً ومن المضر أن نحاول استنساخ أحدهما الاخر، فالعقلية الحكومية سبب رئيسي لوجود القطاع الخاص واستمراريته خصوصاً في المملكة، لأنها ببساطة قادرة على تبني مستويات مخاطرة أكبر في مقابل عوائد أقل بكثير مما يتوازى مع حجم المخاطرة وهذا بلا شك لا يمكن للقطاع الخاص تحمله ليس في المملكة فقط بل في العديد من دول العالم.
تعتقد ماريانا مازوكاتو وهي أحد الاقتصاديين أنه حتى القطاع الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية وبالرغم من قوته العابرة للقارات تعتمد نسبة ليست بالقليلة من نجاحاتها على قطف ثمار الإنفاق الحكومي الضخم على برامج البحث والابتكار مستشهدتًا على ذلك بجهاز الاأيفون والذي يتكون من ابتكارات لأبحاث مولتها الحكومة لسنوات حتى تصل الى النضج التي وصلت اليه مثل (GPS,SIRI) وغيرها.
على مدى سنوات راهن الكثير على قدرة القطاع الخاص على قيادة عجلة التنمية الا أن القطاع الخاص لم يوفق (حتى الآن) في أثبات قدرته على ذلك بل واكتفى باستغلال المبادرات الحكومية لتعظيم فوائده الشخصية مع مواصلة التظلم من بيروقراطية القطاع الحكومي وعدم تمكينه للقطاع الخاص.
إن قناعة القطاع الخاص محلياً بأنه الابن المدلل والمتفوق ومن سيقود التنمية والذي يجب أن يقوم الجميع بمجاراته وتنفيذ طلباته خرافة يجب أن نتوقف عن تصديقها (على الأقل حتى يثبت العكس). ونجاح القطاع الخاص في دول معينة لا يعني بالضرورة نجاحه لقيادة الاقتصاد لدينا. لذلك اعتقد أن النموذج الأمثل لسد فجوة ضعف القطاع الخاص وبيروقراطية الحكومة هو نموذج القطاع الخاص المملوك للدولة أو ما يعرف (State-owned-enterprise) وهي شركات تأسس ومملوكة من الدولة تجمع ما بين قدرة المخاطرة الحكومية وإنتاجية القطاع الخاص تكون من أهم أهدافها خلق أسواق جديدة وتكوين نماذج مثالية تمكن القطاع الخاص من مجاراتها والاقتداء بها ولدينا مثال رائع على ذلك في قيام الحكومة بإنشاء شركة سابك وخلق سوق للبتروكيمياويات ودعم الشركة حتى أصبحت قائدة القطاع مما سهل على باقي المستثمرين من القطاع الخاص الدخول للسوق لتدني مستوى المخاطرة.
بشكل عام الموضوع أكبر أن يختزل بمقال بسيط ولكني أردت أن أقف مع القطاع الحكومي في وجهه سيل الانتقادات التي يتعرض لها سابقاً أو حالياً حتى ولو كان يحتاج العديد من التحسينات وهو ما يسعى اليه الجميع الا أن تعليق جميع الإخفاقات عليه أمر مبالغ فيه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال