الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أخبرني صديق عن تجربته عندما ذهب للعمل في إحدى الشركات بالولايات المتحدة، ففور وصوله، فرضت عليه الشركة حضور جلسة تعريفية تتعلق بآداب العمل مع الجنس الآخر، وأوضحت له الشركة أن جميع العاملين لديها خضعوا للإجراء نفسه قبل مباشرتهم للعمل، وفي نهاية الجلسة، قام بالتوقيع على إقرار خطي بأنه فهم واستوعب جميع القواعد والآداب وأنه يتعهد بعدم مخالفتها، وأنه قبل بتطبيق أي إجراء تأديبي تتخذه الشركة في حقه في حال مخالفته لتلك القواعد.
وقد دفعتني هذه القصة إلى التفكير بالوضع الحالي الذي نعيشه في مملكتنا الغالية، خاصةً بعد الإجراءات العظيمة التي اتخذتها الدولة مؤخراً في سبيل تمكين المرأة من العمل في كافة المجالات المتاحة سواء في الجهات الحكومية أو في القطاع الخاص.
إن دخول المرأة سوق العمل ومنافستها على الوظائف له أثر إيجابي ملموس في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وللمحافظة على هذه الآثار والمكتسبات أصبح من الضروري وجود بنية تحتية قانونية لتنظيم وجود الرجل والمرأة معاً في أماكن العمل بشتى أنواعها.
لذا فإنه ينبغي على أي منشأة -حكومية كانت أم خاصة- أن تقوم بإعداد سياسة خاصة بآداب التعامل بين الجنسين في أماكن العمل، وأن تستحدث إجراءات خاصة للتعامل مع هذا النوع من المشاكل التي قد تحدث بين الأفراد العاملين لديها، بحيث تتضمن هذه السياسة إجراءات خاصة بالتبليغ والتحقيق في مثل هذه الوقائع بشكل يحفظ كرامة وسمعة الأطراف المعنيين، والأهم من ذلك، أن تقوم بشرح هذه السياسة للعاملين لديها وإلزامهم بالتعهد بالالتزام بالقواعد والآداب المقررة في هذا الخصوص.
صحيح أن الدولة أقرت قانوناً خاصاً لمكافحة جرائم التحرش، والنيابة العامة وجهات الضبط تقوم بدورها في هذا الخصوص، كما أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أصدرت العديد من القرارات والأدلة الإجرائية المنظمة في هذا الشأن، إلا أن جهات العمل يجب أن تفعل دورها الخاص، وذلك بأن يكون لديها سياسة وإجراءات خاصة وجزاءات تأديبية (كالإنذار والفصل من العمل) بحق من ثبت مخالفته لتلك القواعد والسياسات، خاصةً وأن هذه الجزاءات التأديبية تقع ضمن اختصاصات وسلطات جهة العمل، كما أنها لا تلغي اختصاص الجهات الأمنية والقضائية المختصة في التحقيق وإصدار العقوبات الجنائية بحق من ثبت قيامهم بأي جرم في هذا الخصوص.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال