ماهي الهوية ولماذا نحتاجها؟

هُوِيَّةٌ – هُوِيَّةٌ (مَنْسُوبٌ إِلَى هُوَ).

 هُوِيَّةُ الْإِنْسَانِ: حَقِيقَتُهُ الْمُطْلَقَةُ وَصِفَاتُهُ الْجَوْهَرِيَّةُ.

هذا هو التعريف الوارد في معاجم اللغة والذي يستخدم بشكل شائع للتعريف عن كينونة الشخص وتفرّده أو بطاقته الشخصية٫ لكن ماذا عن هوية المنظمات؟ ماهو المفهوم التسويقي للهوية؟ وهل هي مظهر بصري أو شعار أو لون يميز المنظمة عن غيرها؟وماهي عناصر هذه الهوية؟ ولماذا نسمع بين الحين والآخر عن مشاريع تطوير وتغيير الهوية والتي قد تصل تكلفتها لمئات الألوف بل والملايين أحياناً؟ 

في طفولتي أذكر وبقوة إصرار والدتي رحمها الله على علامة تجارية محددة لزيت الطبخ ورفضها لاستخدام منتج آخر نظراً لارتباط هذا المنتج لديها بالجودة٫ كما أذكر كيف كانت الفتيات في فصلي يتباهين بحمل شنطة من مكتبة جرير. ارتباطنا بالعلامات التجارية والهويات يبدأ منذ طفولتنا وتأكدت من ذلك حين شاهدت ابن اختي يرفض شرب حليب من علامة تجارية معينة وهو لم يتجاوز السنتين!

هذا التعلق بعلامة تجارية معينة والقناعة بتميزها ليس وليد الصدفة بل هو نتيجة الكثير من الجهود التسويقية لصناعة “الهوية” أو “العلامة التجارية” والذي تعمل عليه المنظمات والشركات بجهود تسويقية مستمرة وميزانيات ضخمة لكي تكون الخيار الأول في ذهنك.

الكثير يعتقد أن الهوية عبارة عن اسم وشعار أو عناصر مرئية فحسب، بينما في الواقع تتجاوز ذلك بكثير حيث تتكون من عدد كبير من العناصر التي تمتزج لتكوِّن لغة بصرية متكاملة.  وتلتقي نقاط الاتصال هذه على اختلافها بالعملاء وتحمل معها رسالة ورؤية المنظمة وتقنعهم  بمنتجات أو خدمات يبحثون عنها. الهوية باختصار هي محصلة ونتيجة العمل التسويقي المتكامل التي تشمل مجموعة من التوقعات والصور الذهنية٫ هي ما يجعل شخص ما يتذكرك ويرسم صورة ذهنية عن منظمتك حين تمر أمامه.

قد تختلف وتتفاوت التعريفات لمصطلح brand لتتم ترجمتها أحياناً ب”الهوية” أو ” العلامة التجارية ” أو “الوسم” لكن مهما اختلف التعريب أو التسمية يتسع المفهوم  ليشمل روح  المنتج أو الخدمة أو الوعد الذي قطعته المنظمة لعملائها من خلال تواصلها.

 وفي خضم العالم المزدحم حولنا وعدد الرسائل الإعلانية والاتصالية التي نشاهدها كل يوم – والتي تصل إلى ٣٠ ألف رسالة – لايوجد مفرّ من الاستثمار كمنظمة في صناعة الهوية وتعزيزها بشكل مستمر وذلك لتحقيق علامة مستدامة وتعزيز ثقة وولاء العملاء المستمر والأهم أن ترسخ هذه العلامة في أذهان المستهلكين وتكون سبباً للاختيار.