الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كانت الجرعة المعرفية المكتسبة كثيفة من الاجتماعات والمقابلات والأحاديث الجانبية مع روّاد أعمال وأصحاب منشآت ناشئة – من مختلف دول العالم بما فيها المملكة العربية السعودية – وذلك أثناء تواجدهم في معرض الخليج لتكنولوجيا المعلومات، أو ما يعرف باسم جيتكس (GITEX)، وهو معرض تجاري ومؤتمر تقني عالمي يقام في أمارة دبي، يمكن من خلاله الإطلاع على ما هو جديد، وهذا العام تواجد فيه ما يقارب 3000 شركة تقنية صغيرة ومتوسطة، إضافة للشركات الكبيرة، ودوائر حكومية تعرض إنجازاتها في حقل الرقمنة المتطورة.
الوعي الجاد لكثير من روّاد الأعمال الدوليين – بما يحتاجه المستقبل منهم ومن منشآتهم – كان واضحا أثناء النقاشات، وقد لوحظ التركيز على عدة مواضيع كهم مشترك، ربما أبرزها:
منشآت في الاقتصاد العالمي الجديد مختلفة
كان هناك شبه إجماع بأن المنشآت بحاجة أن تكون مرنة ورشيقة بغية خلق قيمة اقتصادية لضمان تطورها واستدامتها، والإيمان العميق بأن الاقتصاد العالمي اليوم عبارة عن منظومة ذكية لن تقبل بأقل من تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها، وعليه فلن يسمح بالكيانات الهزيلة فكريا وانتاجيا أن تستمر، وهذا سيدفع الكثير من روّاد الأعمال ومؤسساتهم خارج دائرة المنافسة وفي وقت قصير، وبتبعات غالبا ستكون قاسية عليهم اقتصاديا واجتماعيا.
الأسواق المحلية لا تكفي
أظهر الكثير من روّاد الأعمال شبه موافقة على أن فكرة التواجد في الأسواق المحلية فقط لا تضمن استدامة المنشآت مستقبلا، ولا بد من اعتبار التواجد في الأسواق الدولية، ولكن هذا يستدعي الحاجة لإعادة التشكيل الهيكلي والتنظيمي في المنشآت سواء تشغيليًا أو ماليا، وبالرغم من أن هذا الأمر ليس بجديد في عالم الإدارة، إلا أنه أصبح أكثر تعقيدًا بسبب عدة قضايا عاجلة وغير مسبوقة، تحركها الأحداث على خلفية من عدم اليقين المتزايد، مثل تبعات جائحة COVID-19 واضطرابات التكنولوجيا وسلاسل التوريد والقيود التجارية عبر الحدود والتعديلات التشريعية والسيولة المالية وعدم اليقين الجيوسياسي.
تحديات مرتبطة بالابتكار ومفهومه
أشتكى العديد من أصحاب المشاريع القائمة من التحديات المتتالية المرتبطة بالابتكار التي لا تتوقف، والخلط الحاصل بين مفهوم الابداع ومفهوم الابتكار، وما هو التعريف الجديد للمنتج المبتكر وعدم وجود استمرارية لتوسيع نطاق الابتكار، وصعوبة المنافسة في التصنيع مع مناطق تجعل التنافسية شبه مستحيلة مثل الصين وفيتنام وتايلند، وفي البرمجيات مثل أوروبا الشرقية والهند، وصقل مهارات الوصول إلى التمويل الأجنبي.
شح الكفاءات أوهجرتها
أبدى كثير من الروّاد قلقهم بشأن حراك وهجرة الكفاءات المطلوبة لتطور أعمال المنشآت في تكنولوجيا الرقمنة، مما يضغط على كثير من المنشآت للهجرة لأماكن تواجد هذه الكفاءات، أو الإضطرار لإخراج صناعة الابتكارات وإنجاز المشاريع من الأماكن فقيرة الخبرات، أو الأماكن التي لا تعي المتغيرات ولا تستجب لها، لمواقع بمحفزات ومسكنات أكثر جذبا، مما ينعكس سلبا على اقتصادات المجتمعات والدول لصالح اقتصادات أخرى.
سلوك المستهلك
المسألة التي أثارها الجميع بلا استثناء كانت سلوكيات جيل الألفية الذي هو المحرك الرئيس لازدهار المحتوى وتجارة التجزئة عبر الإنترنت والهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يحتاج لتعامل ابداعي عميق مع المعلومات والبيانات لتلبية احتياجات هذا الجيل بشكل فعال، الذي يفضل خيارات التسوق الرقمية في الأساس لاستكشاف العلامات التجارية، لانجذابه لهويتها واسلوبها التسويقي ومكانة هذه العلامة وقيمتها، وخدمتها المقدمة لعملائها والامتيازات الإضافية المقدمة له.
التسويق
بالرغم من تفاوت وجهات النظر حول قدرات التسويق الفيروسي “Viral”، إلا أن الغالبية يوقنون بأنه أصبح النهج المفضل للعديد من الوكالات والمنتجات والشركات وروّاد ورجال الأعمال، فهذا الأسلوب يعمل على التأثيرات العاطفية بفعالية عالية، إلا أن هناك إجماع على التحذير من عدم الانغماس فيه بلا وعي علمي، وباهمال لمنطق وأساسيات التسويق الذي هو علم قائم ومرتبط ارتباطا وثيقا بعلوم الاجتماع والنفس والإدارة والاقتصاد، وليست مجرد دعايات ساذجة مما ينعكس سلبا على وتيرة الابداع والابتكار والاستدامة التجارية والاستثمارية.
على مدى عدة أيام في المعرض، كانت الاجتماعات بالطرح الغزير والنقاش الثري لا تتوقف، ومع سجالات المصارعة العلنية المثيرة والرائعة بين روّاد الأعمال والمستثمرين – من كافة أنحاء العالم – على مشاريع بحاجة للتمويل، وبناء جسور علاقات جديدة، جعلت زيارة جيتكس مفيدة، فمثل هذه المعارض هي بمثابة بوابات لاكتساب المعرفة والتلاقي الفكري وبناء الشراكات، وجيتكس دبي – بكل تأكيد – من أهمها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال