الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من حيث المبدأ ، يمكن التحقيق بنجاح في أي نوع من الجرائم. لكن كما يعرف الكثير، ان الجريمة المنظمة هي جريمة متشعبة و عابرة للحدود. كما أنها تشكل تهديدًا كبيرًا ومتزايدًا للأمن الوطني والدولي وما يترافق مع هذه التهديدات من تداعيات وخيمة على السلامة العامة والصحة العامة والمؤسسات والاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء العالم. فالشبكات الإجرامية لا تتوسع فحسب ، بل إنها تقوم أيضًا بتنويع أنشطتها و اسلوبها. وبالتالي، فالجريمة المنظمة تشمل الجرائم الاقتصادية مثل غسل الاموال والارهاب من خلال تحويلة وتنفيذ عملياته. لذلك، تفكيك مثل هذه الجرائم لايمكن ان يتم عن طريق التحقيق العادي أو البسيط الذي يطبق في الجرائم العادية.
السؤال في أي تحقيق جنائي هو ببساطة، ما هي أساليب التحقيق المشروعة كوسيلة لجمع الأدلة ، والمتاحة للمحققين والمناسبة للحصول على نوع الأدلة اللازمة لإثبات عناصر الجريمة. السؤال قد يبدو سهل، ولكن في الحقيقة الاجابة عليه معقدة بحجم تعقيد الجريمة المنظمة. لذلك، استراتيجيات التحقيق أيضا تطورت لتصل الى ما يسمى بالتحقيقات المتداخلة أو المعقدة complex investigation . وهذا النوع من التحقيقات يعني تشكل فرق عمل للتحقيق سواء كان على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي. وهذه الفرق تتكون من جهات متخصصة مختلفة. ومعيار التعرف ما إذا كنا بصدد الانخراط في التحقيقات المعقدة هي حجم الإجراءات التي تحتاج الى تنسيق مع سلطات القضائية تابعة لدول متعددة ، هنا ينبغي النظر في تحقيق مشترك أو فرقة عمل وكالة تضم سلطات أجنبية.
تتضح فكرة التحقيق المعقد او المتداخل من قضية الصندوق السيادي الماليزي او ما تعرف ب 1MDB. هذا صندوق استثمار حكومي مملوك بالكامل لحكومة ماليزيا، و تم إنشاؤه لتعزيز التنمية الاقتصادية. ولكن في الواقع، ولكن ماحدث ان أن المسؤولين الرسميين و زملائهم قاموا بتحويل ما يقرب من 4.5 مليار دولار أمريكي من الأموال من خلال سلسلة من المعاملات المعقدة والشركات الوهمية الاحتيالية التي لها حسابات بنكية في سنغافورة ، وسويسرا ، ولوكسمبورغ ، والولايات المتحدة. نتيجة لظهور هذه الفضيحة، تم تشكيل فريق عمل رفيع المستوى في ماليزيا لتسهيل التعاون المحلي والتنسيق الدولي في قضية 1MDB. تضمنت فرقة العمل النائب العام ، والمفتش العام للشرطة الملكية الماليزية (RMP) ، ورئيس مفوض لجنة مكافحة الفساد الماليزية (MACC) ، ومحافظ بنك نيجارا ماليزيا (البنك المركزي الماليزي). ولأن هذه القضية تعتبر قضية متشعبة ومنظمة وعابرة للحدود، فلا يكفي تكوين فريق تحقيق محلي، إذ لو تم الاعتماد على هذا الأسلوب، بكل تأكيد لن ينجح هذا الفريق في الوصول إلى نتيجة. فهنا لابد من التعاون الدولي.
لذلك، أقامت السلطات الماليزية آليات تنسيق وثيقة مع سلطات سنغافورة وسويسرا والولايات المتحدة بالإضافة إلى دول أخرى. هنا بدأت التحقيقات في البلدان المختلفة مثل (فرنسا وإندونيسيا ولوكسمبورغ). تعاونت جميع هذه البلدان لتتبع وتنسيق وتبادل المعلومات لتسهيل تحديد الأصول عبر الحدود وإعادتها إلى الوطن.
بالطبع تشكيل هذه الفرق المحلية و الدولية لا تعني ان الجريمة سيتم كشفها، وانما ايضا يجب رفع مهارات المحققين في مثل هذه القضايا. من الضروري أن يقوم كل محقق أو مدع عام بتطوير باتباع “Case Theory” عند التحقيق في جرائم الفساد والاحتيال المعقدة والإرهاب. من خلال اتباع خطوات رئيسية تتمثل في جمع المعلومات و البيانات المتاحة من هذه الفرق المتعددة، إنشاء الفرضية، اختبارها، وتحسينها وتعديلها لاستخلاص النتائج المنطقية بشكل معقول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال