الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثير ممن يجذبهم العنوان لقراءة هذا المقال، سيتبادر الى اذهانهم ان المراجعة الداخلية هي من دور الالتزام والامتثال والعكس صحيح. لكن السؤال الذي يمكن طرحه هنا للقارئ هو إذا كنت تعمل في مجال الالتزام والامتثال ، فهل عملت مع مجال المراجعة الداخلية، ام انك فعلا تعمل في إدارة التدقيق والمراجعة الداخلية؟ وإذا لم تكن تعمل مع احدهم، فهل سبق أن تكلمت معهم؟ إذا كان الجواب هو أنك تتحدث معهم ليس من باب التحية فقط، وانما من اجل العمل، فمؤسستك على الطريق الصحيح. اما إذا كانت إجابتك هي أن لديك اجتماعات عمل مع ادارة المراجعة الداخلية ومع ادارة الالتزام والامتثال أو أنك فعلا عملت معهم رغم انك من موظف في ادارة اخرى، فأنت تعمل في واحدة من المؤسسات القليلة التي تقوم بما يجب القيام به.
يرى الكثير أنه لا فرق بين ادارة المراجعة الداخلية وإدارة الالتزام والامتثال، وبالتالي يتم دمج هاتين المهمتين في ادارة واحدة. وهذا مما يجعل ادارة المراجعة الداخلية في حالة تشتت وعدم الدقة في إنجاز العمل. والسبب في هذا الدمج الذي يؤدي الى التشتت هو انتشار مفهوم أن المراجعة الداخلية و الالتزام والامتثال هما وجهان لعملة واحدة، في أن مفهوم المصطلحين مختلف من الناحية التطبيقية والفنية. يبدأ تحليل السبب وراء فكرة الفصل بين ادارة الالتزام وبين ادارة المراجعة الداخلية من خلال توضيح مفهوم كلا المصطلحين.
تعرف المراجعة الداخلية على أنها عبارة عن إقامة الضوابط الداخلية للشركة من عمليات المحاسبة و التي تتضمن عمليات التدقيق والامتثال للقوانين واللوائح ذات العلاقة في الحفاظ على تقارير مالية من خلال جمع البيانات دقيقة و تحليلها. كما تزود عمليات التدقيق الداخلي الإدارة بالأدوات اللازمة لتحقيق الكفاءة التشغيلية من خلال تحديد المشكلات المالية وتصحيح الثغرات قبل اكتشافها في التدقيق الخارجي. بمعنى أن المدقق الداخلي مهمته تنصب بشكل كبير على المسائل المالية في المؤسسة التي يعمل عليها والتي لا يستطيع أن يقوم بها سوى المختصين في مجال المحاسبة والمالية ومايعادلها من التخصصات. في حين ان الالتزام والامتثال يعني متابعة تطبيق القوانين واللوائح الوطنية والداخلية في المؤسسة والتأكد من الالتزام والامتثال لها. وهنا يعني ان مهمة مسؤولي الالتزام لاتنصب فقط على الجانب المالي، وانما تنصب بشكل كبير على الجانب القانوني بجميع أشكاله، كالتأكد من التزام المؤسسة لأنظمة مكافحة غسل الاموال ومكافحة الارهاب، انظمة ذات العلاقة بنشاط المؤسسة، سواء كان نشاطها خدمي ذات علاقة بالتعليم او الصحة مثلا، او نشاط تجاري مثل الشركات الربحية بمختلف أنشطتها. على سبيل المثال، يفرض القانون الأمريكي معايير قانونية متنوعة على الشركات والتي بدورها يجب عليها الامتثال لها من أجل منع الاحتكار للسلع. او مثلا الانظمة والقوانين المفروضة على المصانع التي قد تسبب التلوث، فادارة الالتزام هي المسؤولة عن جمع الانظمة والقوانين ذات العلاقة للتأكد ان المصنع ملتزم وممتثل للأنظمة الوطنية والاتفاقيات ذات العلاقة بقوانين التحكم في تلوث الهواء.
من هنا قد نرى وجهة النظر التي تقول إن المراجعة الداخلية والالتزام يحملان نفس المعنى. حيث أن كلا المصطلحين يسعيان للالتزام بالقوانين والانظمة والابتعاد عن كل ما يكلف المؤسسة ماديا أو معنويا كخسارة السمعة. ولكن الاختلاف الكبير بينهما هو ان المراجعة الداخلية تهتم بشكل كبير بالجانب المالي، في حين أن الالتزام يهتم بتطبيق جميع الأنظمة والقوانين واللوائح والمعايير ذات العلاقة بالمؤسسة. بمعنى اخر، المراجعة او التدقيق الداخلي يعني أن التدقيق قد يراقب ما تفعله المنظمة ويكتشف عن أوجه قصور في سياسات الشركة وعملياتها وإجراءاتها ومصروفاتها المالية، ولكنه لا يحدد ما إذا كانت المنظمة قد امتثلت بالفعل لجميع التزاماتها القانونية، في حين الامتثال يهتم لتطبيق السياسة العامة والقوانين والإجراءات من منظور الامتثال التنظيمي.
والسؤال يبقى، هل تفي ادارة التدقيق والمراجعة الداخلية بمتابعة تطبيق الالتزامات القانونية؟ هل يتم اتباع اللوائح والمعايير؟ هل تستطيع المنظمة الوفاء بالتزاماتها التنظيمية؟ هذا ما سيكون عنه المقال القادم عن طريق تحليل الفروقات وأهمية فصل الادارتين عن بعضهما البعض من أجل كفاءة عمل اعلى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال