الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل الإجابة لابد ان تنفق على ماهية النجاح، هل هو الوصول لمنصب مميز؟ ألم نسمع عن أصحاب مناصب قيادية في كبرى المنظمات تركوا مناصبهم للتفرغ لشغفهم في هواية تميّزوا بها وكان قيدهم المنصب أو الوظيفة، التي هي الحلم لغيرهم. هل النجاح شهرة مثلا؟ أموال؟ أمومة؟ شهادة؟ .. كل ما ذكرته هو في الحقيقة مظاهر قد تعكس نجاحاً مبهراً وقد تكون مجرد محطة من حياة أي شخص منّا. فالنجاح لا يقاس بمظاهره، بقدر ما يُرى عياناً بياناً في عيون صاحبه، لأنه حقق فعلا “ما يريد”. Ben Hogan هو شاب ولد في اسرة فقيرة وبدأ حياته بالعمل مساعداً في ملعب جولف ليزيد دخل اسرته، إلا أن هذا الدور خلق لديه حلماً ليكون لاعب جولف احترافي، وفعلاً حصل على عدد من البطولات الأمريكية في الجولف، إلا أنه تعرض لحادث جسيم وأصيب في رأسه، توقع الأطباء انه لن ينجو من الحادث. نجى بأعجوبة، إلا أن الأطباء أكدوا انه لن يستطيع المشي مجدداً! لم يكن ذلك مقنعاً لدى Hogan ، فطلب من المستشفى أن تضع صورة ملعب الجولف في ركن غرفته ليبدأ بتخيل نفسه يلعب مجدداً. حكاية Hogan تكمّن في أنه قد حصل على أكثر من 50 بطولة أمريكية في الجولف بعد ذلك الحادث الأليم!
كيف تمكن Hogan من النجاح بهذه الطريقة وبهذا التميّز؟ السر في المثابرة والاصرار، المحاولة المستمرة بدون توقف، إعادة الكرّة مرة واثنان وثلاث ومئة. المثابرة هي أهم المهارات التي تُميّز أصحابها وتصنع منهم “ناجحين” بدون شك. هي السمة التي تمكّن صاحبها من تجاوز العقبات والتحديات والمواقف الصعبة وتجعلها مراحل أساسية في طريق تحقيق النجاح المأمول، تجعل مصاعب الحياة محطات شحن لمهارات جديدة تواكب احتياجات المرحلة القادمة. عدم الاستسلام والمثابرة يبدو جلياً في حياة الرياضيين الذين يسعون بخطة مدروسة لتدريب عضلاتهم على احتياجات السباقات الطويلة، يعرفون كيف يزنون جهدهم بين أول السبق ومنتصفه ونهايته. وهكذا هي حياتنا، نتمرن فيها على تطوير مهاراتنا الحياتية من إدارة وقيادة وكفاءة وفعالية للموازنة بين الجهد المبذول في بداية الطريق إلى محطة الوصول والنجاح.
كل ما سبق يبدأ بعد ان تقرر “ماذا تريد” ما هو معنى النجاح بالنسبة لك، بعد ان تضع هدفك أمام عينك وتستمر بإصرار ومثابرة إلى ان تصل إليه. لا يعني ذلك التعنت او التشدد، بل على العكس تماماً يعني ان تكن مرناً لأبعد حد مع ضغوطات الحياة ومصاعبها، وتتجاوزها بثقة الواصل لمراده. حيث تعرف يقيناً ان الوقاية من الضغوطات تؤثر سلباً على صلابتك وقوتك وخبرتك وذكائك وآداءك. وتدرك تماماً أن مواجهة الاوقات العصيبة ليست مضاداً حيوياً إنما لقاحاً يزيد من مناعتك مستقبلاً. ولكي تستمتع بتجربة مواجهة الضغوط في كل مرة، عاهد نفسك على عهود أربعة هي
: أولاً: قرر رؤية الجانب الايجابي من كل موقف واختر وصفه بالكلمات الايجابية.
ثانياً: لا تأخذ الأمور بشكل شخصي.. أبداً، انظر دائما للصورة الكبيرة وأدرك الموقف من منظور الحكيم الذي يعرف أن لكل بداية نهاية، وان المواقف تصطف أمام الناجحين ليتجاوزونها وهم أقوى.
ثالثاً: حاول ان تخفف من افتراضاتك، وعيش الموقف كما تراه، واحكم فقطعلى ما يبدو امامك، ولا تشغل عقلك كثيراً بما لا يبدو لك ظاهراً.
رابعاً: أبذل قصارى جهدك، في كل موقف، قدم أفضل ما لديك، لا تدّخر خيراً يمكنك تقديمه، ولا تؤجل عطاءً جاء وقته. هذه الأربعة العهود قرأتها في كتاب Don Miguel Ruiz و Janet Mills بعنوان “الاتفاقيات الأربعة” ووظفتها هنا بتصرف كعهود خلال رحلة المثابرة والاصرار للوصول لـ “ما تريد”.
خلاصة القول، الحياة رحلة، ستمضيها بكل الأحوال، ولك القرار في ان تكون رحلتك مليئة بالتجارب والعقبات والدروس والوصول لقمم متعددة من النجاح، أو ان تعيش في أحد أركانها مشاهداً لمشهد الحياة من بعيد، واقياً نفسك من كل صعب، متجنباً أي ألم. انت من يختار ان يحيا حياة الفحم ام الماس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال