الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حال الحكومة اللبنانية اليوم لا يختلف عن نسخته المكررة الموجودة في بعض البلدان، أحزاب متناحرة وحكومات ضعيفة وموقفها الهزيل والمحرج أمام الحكومات الأخرى، لأنها لا تملك إدارة العلاقات بين الدول، وتضع مصلحة الحزب فوق مصلحة الوطن. وهذا هو حال الحكومة الفلسطينية ومنظمة حماس، والحكومة الشرعية في اليمن والفصائل الحوثية الارهابية. وفي العراق أيضا الصورة متشابهة، الحكومة تعمل من جهة والفصائل والأحزاب تعمل من جهة أخرى، وتفاقم الصراع أضاع على الحكومات الكثير من المصالح والفرص فهي لا تعرف إن كانت ستلتفت للسلطة أو للشعب أو تنشغل لبرامجها التنموية والمشاريع المتعلقة بنهضة البلد.
نتج عن ازدواجية الأدوار، غياب المسؤولية فلا الحكومة قامت بدورها ولا المقاومة أنجزت ما وعدت به، في الحالتين انتفخت جيوب المنتفعين ومصالحهم الشخصية، وضاع الشعب ما بين مؤيد للأحزاب وآخر للحكومة، وعلى ارض الواقع لن تجد منجزات.
سنعود الى ما بدأنا به المقال، بلغت العلاقة بين لبنان ودول الخليج اعلى مستويات الدلال والإنفاق بسخاء، ودفع المستثمرين ورجال الأعمال والسياح بأهمية المساهمة والمشاركة في تحسين الاقتصاد اللبناني، ودعمت بنك لبنان المركزي كلما استدعت الضرورة بودائع في خزينتها، من اجل أن تبقى شامخة أمام التقلبات الاقتصادية العالمية وعدم المساس باحتياجاتها، وعلى الرغم أن هذه العطايا والمساعدات التي قدمتها السعودية لم تكن تريد شيئا مقابلها، أو تساومها، فهي كانت تريد أن تساعد لبنان نفسها في النهوض بالتنمية لمصلحة وطنها ومواطنيها، إلا أن اللبنانيون ومن خلال “حزب الله” كانت تقابل هذا السخاء السعودي والخليجي، باستهتار وقليل من الشكر والعرفان، بل أنها كانت تتحدث بلسان الإيرانيين العدائي تجاه السعودية والخليج.
لن نطيل الحديث عن الوقفة الدائمة والمستمرة للسعودية مع لبنان في اشد أزماته الاقتصادية، إنما القطيعة التي فرضتها السعودية، جاءت بعد صبر طويل وفشل كل الحكومات السابقة في ضبط وسلوك “حزب الله”، الأمر الذي اصبح صعبا ومستحيلا التفاوض مع حكومة هزيلة وضعيفة الشخصية وغير قادرة على إدارة البلاد، أو لعب دور مهم في العلاقات بين دول الخليج، ووزراء على شكل شخصيات كرتونية او أرقوزية هناك من يحركهم. وطالما أن الطرف الإيراني هو المفضل والمرغوب لدى اللبنانيين، نفسح لهم المجال، لنرى هل ستدعم ايران خزينة البنك المركزي اللبناني بوديعة كما فعلت السعودية؟، وهل ستحول الجالية اللبنانية في ايران 30 مليار دولار سنويا؟، كما تفعل الجالية اللبنانية في السعودية من خلال 350 الف لبناني يقيم في المملكة.
لنرى إن كانت الشركات الإيرانية ستضخ 10 مليارات دولار، كما فعلت 214 شركة خليجية مسجلة في لبنان، لنفسح المجال أمام الحكومة الإيرانية لتكون رابع اعلى دولة تستفيد منها لبنان، مثلما قدمت السعودية ضمن مساعداتها الخارجية. دعونا نرى ماذا ستقدم إيران، مثلما فعلت السعودية حينما بلغ حجم المساعدات أكثر من 32 مليون دولار لتنفيذ 43 مشروع قدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، هل ستقدم إيران مساعدات مالية بقيمة ملياري دولاري؟ لدعم الميزانيات والبنية التحتية، مثلما فعلت السعودية مع لبنان.
الحكومة اللبنانية غير قادرة على تفهم الوضع، كيف نتحدث مع حكومة ليست لديها صلاحيات وليس في يدها إدارة البلاد. وزير خارجيتها يقول “أن هناك قساوة علينا لأن المشاكل بين أي بلدين تحل بالحوار”، يا معالي الوزير عن أي حوار تتحدث تريد أن تجاملنا للمزيد من المساعدات المالية، وتمجد وتعظم لخصومنا وتقدم له القرابين وتتجاهل مساهمتنا ومشاركاتنا، وتتجاهل الطائرات المسيرة والأعمال التخريبية التي ينفذها عملاء ايران في اليمن ويستهدفون مدننا ومطاراتنا، والمبادرات التي طرحتها السعودية أمام مجلس الأمن لحل الأزمة.
كيف نسيت يا معالي وزير الخارجية اللبناني المبجل، مساهمات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في نزع اكثر من 1300 لغم زرعتها مليشيا الحوثي في مختلف مناطق اليمن خلال 3 الأسابيع الماضية؟، منها الغام مضادة للأفراد وأخرى للدبابات واكثر من 900 ذخيرة غير متفجرة. خلال شهر يا وزير الخارجية اللبناني، تم نزع اكثر من 4 الاف لغم كان سيؤدي الى إصابة ومقتل اليمنيين الأبرياء أطفال ورجال ونساء، ومن خلال مشروع “مسام” تم نزع حتى الآن اكثر من 300 الف لغم زرعتها ميليشيات الحوثي بعشوائية وتسببت بمقتل الضحايا والأبرياء والنساء، وبعد كل هذه الأحداث المؤسفة يخرج علينا زميلك وزير الإعلام ليقول “أن ما يحدث هو عبث”، فمن بالله عليكم الذي يعبث بأمن شعب اليمن، الحوثي الذي لفظه مجتمعه، ويأتي وزيرك ليمجد طيشهم.
الخطوة التي اتخذتها السعودية وبعض دول الخليج هو قرار سيادي ومن حقها أن تتخذ أي إجراء، وهي لا تمارس ضغط أو قسوة، بقدر ماهي وقاية من العبث السياسي في حكومة لبنان، وبدلا من البكاء على الحليب المسكوب، كان من المفترض على الحكومة اللبنانية أن تفهم هذا الأمر، وتعالج مشكلتها من اجل مصلحة بلدها، من غير المعقول أن تدير أحزاب سياسية البلد في ظل وجود حكومة، فكيف نتعامل مع حزب.. عدواني.
السعودية عانت من تهريب أطنان من المخدرات داخل صناديق الفواكه فعلى مدى ستة أشهر الماضية، ضبطت سلطات الجمارك أنواع مختلفة ومتعددة من المخدرات وبطرق مختلفة وداخل صناديق الفاكهة. من الواضح أنها خطة مدبرة لم يحدث أن شهدت المنافذ السعودية مثل هذه الأساليب الاحترافية في إخفاء تهريب المخدرات داخل الفواكه القادمة من لبنان.. وأثبتت التحقيقات أنها قادمة بمعرفة حزب الله، والحكومة اللبنانية لم تحرك ساكنا للتحقيق أو كشف غموض هذه المخدرات، فيما لو استمرت الحكومة اللبنانية في تجاهلها لمطالب السعودية ودول الخليج، ولم تمنحها المكانة الصحيحة لمواقفها الدائمة ووقفتها المستمرة لدعم اقتصادها، فهي لديها الكثير من الخطوات فمثلما أوقفت الواردات من لبنان، ومنعت مواطنيها من السفر إليها، ربما تلجا لحماية مكتسباتها بسحب الاستثمارات، ومنع استقدام عمالة مهنية لبنانية، والاستعاضة بدلا منهم من جنسيات أخرى، وليهنأ سعيد بسعيدة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال