الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المشكلات التي يلاحظها أي متابع الكمية الكبيرة لشركات المقاولات والإنشاءات التي تعرضت للإفلاس والانهيار في العشر سنوات الماضية، على الرغم من أن كثير منها مر بفترات وفرة مالية كبيرة وبعضها بلغت رؤوس أموالها مئات الملايين وبعضها تجاوز المليار.
وعلى الرغم من أن بلادنا شهدت نهضة عمرانية تكاد تكون غير مسبوقة بفضل الله ثم بفضل الاستخدام الأمثل لعوائد النفط من قبل ملوك المملكة، إلا أنه لا يوجد شركات إنشاءات و مقاولات تضاهي بحجمها حجم النهضة التي شهدتها بلادنا، مع ان المنطق يشير إلى أنه من المفترض أن يحتوي القطاع على أكبر شركات للمقاولات والإنشاءات في العالم. أقول هذا ونحن نشهد خروج كم كبير من شركات المقاولات من السوق. ولست مقتنع شخصيا ان ارتباط المقاولات بإنفاق الدولة سبب في هذا، لأنه لا مانع من تقليص حجم الشركة مع تقليص حجم إنفاق الدولة، ولكن ما نشاهده، إفلاس الشركات أو محو حقوق ملاكها مع تقليص حجم إنفاق الدولة، وهذا أمر فعلا غريب.
أعتقد أن سبب هذا التخبط في قطاع المقاولات والإنشاءات سوء إدارة بحت، وسوء تصريف المالية بشكل أساسي ايضا، وأعتقد ايضا ان من أسباب التخبط حلب الشركات من الارباح بشكل عجيب وكأن الشركات لم تؤسس لغرض الديمومة، وهذا جزء من سوء الإدارة المالية.
معظم شركات المقاولات والانشاءات لا تعترف بالاحتفاظ بأرباحها داخل الشركة لتجنب أي ركود اقتصادي تتعرض له المملكة، وكنتيجة تحولت معظم شركات القطاع لكيانات أشبه بالورقية بلا أصول وبلا احتياطات نقدية، ومن ثم نفاجأ بالافلاس والتعثر والإفلاس أو تتحول لكيانات غير مجدية اقتصاديا كما هو الحال في أميانتيت التي عصفت العواصف برأس مالها وأصبحت تستهلك أي مال يضخ بها وأصبحت فعلا غير مجدية ككيان قابل للإنتاج والربحية، على الرغم من أننا لم نشاهد حدة العصف هذه بوحدتها في اوروبا لان ادارة الوحدة الأوروبية مستقلة عن الإدارة السعودية، والوحدة الأوروبية في وجهة نظري أكثر كفاءة وأسرع في الترشيد والتأقلم مع المتغيرات. مشكلة اميانتيت انها لم تتأقلم و تتفاعل بالسرعه الكافيه مع متغيرات الإنفاق الحكومي، أو لم تتوقعه، والنتيجة أمامنا واضحة للعيان.
اميانتيت، بن لادن، سعودي اوجيه، الخضري، المعجل، وغيرها الكثير ممن أفلس بعضهم والبعض الآخر شهد إعادة هيكلة لرأس المال بطريقة محت حقوق ملاك مساهميها وكأن الشركة بدأت من جديد. شخصيا أعتقد أن هذا الهدر الاقتصادي في قطاع الإنشاءات يجب أن يوقف، وأعتقد أن ضرر تخبطاته تلحق بالجميع، مقاولون وبنوك و موظفين وبكل الأطراف ذات العلاقة. في رأيي يجب أن يقنن التصريح لشركات المقاولات والانشاءات لتكون وفق شروط تضمن قدرة المؤسسين على التعامل مع القطاع اسوة بالبنوك وشركات التأمين وشركات الطيران، ففي ذلك حفظ للمال ونمو للقطاع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال