الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التميز السعودي لا ينهض إلا بالتميز البحريني معا. رؤية إستراتيجية صائبة أطلقها قائد ذو بصيرة هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد السعودي. رؤية لإستراتيجية تنموية كبرى أطلقها الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته لمملكة البحرين يوم الخميس الماضي الموافق 9 ديسمبر 2021 وذلك ضمن جولة ولي العهد السعودي لجميع دول الخليج. رؤية القائد السعودي البصير أتت متناغمة مع خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها حكومة البحرين برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني في 24 نوفمبر 2021. حكومة البحرين التي تعاني من عجز في الميزانية العامة بمقدار مليار دينار بحريني و دين عام وصل إلى 15 مليار دينار بحريني كانت تخطط بمعادلات صعبة لحل الأزمة المالية حتى تدخل ولي العهد السعودي برؤيته التي تبحث عن الحلول المستدامة والازدهار المستمر لمنطقة الخليج. الأمير محمد بن سلمان يرى رؤية العارف بأن التنمية السعودية لا تصل لمستواها المرجو إلا بازدهار دول الجوار و أولها مملكة البحرين.
فبالتالي، أن الشراكة الاقتصادية بين السعودية والبحرين مردودها الاستراتيجي سيكون بلوغ المملكة العربية السعودية لمراتب متقدمة في الاقتصاد و الصناعة و الأمن. رؤية ولي العهد السعودي قد حفزت خبراء الإقتصاد للتحليل التفصيلي لمعرفة أفضل مواطن الشراكة السعودية البحرينية التي تضمن النهوض السعودي البحريني المشترك. هذا المقال سيركز التحليل على ستة مواطن غير نفطية محتملة للشراكة السعودية البحرينية.
الموطن الأول هو قطاع صناعات الألمنيوم التحويلية. خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها حكومة البحرين تضمنت مشروع إستراتيجي بتطوير منطقة الصناعات التحويلية للألمنيوم. البحرين حاليا تملك شركة البحرين للألمنيوم (ألبا) و التي تنتج سنويا مليون ونصف مليون طن متري من سبائك الألمونيوم و تحقق إيرادات تصل إلى مليار دينار بحريني. البحرين أيضا تملك شركة الخليج لدرفلة الألمنيوم بسعة إنتاج سنوي يصل إلى 165 ألف طن متري من الألمنيوم و شركة البحرين لسحب الألمنيوم بسعة إنتاج سنوي يصل إلى 32 ألف طن متري من الألمنيوم و شركة ميدال للكابلات بسعة إنتاج سنوي يصل إلى 450 ألف طن متري من الألمنيوم. بينما السعودية تنتج سنويا مليون طن متري من سبائك الألمونيوم و تستورد سنويا ألمونيوم بقيمة 6 مليار ريال سعودي. الجدير بالذكر أن السعودية هي الدول الخليجية الوحيدة التي يوجد في باطنها بوكسيات الألومنيوم الخام بمقدار 120 مليون طن متري. إذن، الشراكة السعودية البحرينية في قطاع صناعات الألمونيوم ستسمح لتأسيس مصفاة للبوكسيات في البحرين حيث تعمل على مضاعفة إستخراج بوكسيات الألمنيوم السعودي و إستخدامه كألومينا في إنتاج ألبا لسبائك الألومنيوم.
الشراكة السعودية البحرينية عليها أن تخطط لإنتاج منتجات الألمونيوم التي يستوردها السوق السعودي حاليا. الشراكة السعودية البحرينية يمكن أيضا أن تشمل مشروع درفلة هياكل السيارات و التي تخطط السعودية تأسيسه في منطقة رأس الخير.
الموطن الثاني هو قطاع الطيران. البحرين قامت مؤخرا بتوسيع مطارها الدولي حيث أصبح سعته تستقبل 14 مليون مسافر سنويا. الناقلة الجوية الوطنية في البحرين هي شركة طيران الخليج و هي أول شركة طيران في الخليج و يضم أسطولها أكثر من 35 طائرة و رحلاتها تصل لأكثر من 55 وجهة دولية. طيران الخليج تحقق عوائد سنوية بمقدار 350 مليون دينار بحريني إلا أن خسائرها السنوية تتجاوز 25 مليون دينار بحريني و هو مبلغ تكفله الدولة من ميزانيتها العامة.
الشراكة السعودية البحرينية ممكن أن تكون مثمرة في قطاع الطيران عندما تسمح لطيران الخليج بتنظيم الرحلات الداخلية داخل المملكة العربية السعودية. الشراكة السعودية البحرينية أيضا يمكنها أن تجعل من مطار البحرين الدولي نقطة العبور الأولى في العالم للعبور عبر القارات وذلك من خلال تحالف شركات الطيران السعودية مع شركة طيران الخليج لتغطية المئات من الوجهات الدولية في مختلف قارات العالم. فالتحالف الجوي السعودي البحريني سيساهم في تنظيم عشرات الرحلات القارّية يوميا من و إلى مطار البحرين بإسطول جوي يتجاوز 250 طائرة.
الموطن الثالث هو القطاع الصحي. حكومة البحرين تخصص سنويا 300 مليون دينار في الميزانية العامة من أجل تقديم خدمات صحية مجانية في ثلاثة مستشفيات و 25 مركز صحي. ضمن برنامج التوازن المالي ، حكومة البحرين قررت إطلاق برنامج التسيير الذاتي للمستشفيات الحكومية و التي تهدف من خلاله ترشيد مصاريف القطاع الصحي وزيادة جودة خدماته. الشراكة السعودية البحرينية يمكنها أن تساهم في التوازن المالي للقطاع الصحي في البحرين وذلك بجعل التأمين و الضمان الصحي السعودي يشمل مستشفيات البحرين العامة و الخاصة. هذا القرار ليس فقط يحقق التوازن المالي للقطاع الصحي البحرين، بل أنه أيضا يدفع المستشفيات البحرينية إلى التخصصية من أجل تقديم خدمات طبية و جراحية بأسعار تفاضلية. خطة التعافي الاقتصادي البحريني شملت أيضا مشروع مدينة الملك عبدالله الطبية.
الشراكة السعودية البحرينية قائمة في هذا المشروع بإنشاء مستشفي جامعي أكاديمي يضم 300 سرير و 15 غرفة عمليات ومركز تصوير إشعاعي و مركز علاج طبيعي و مركز دراسات إكلينيكية لأمراض السرطان. مشروع مدينة الملك عبدالله الطبية يرجى منه أيضا أن يكون ذو دور ريادي في صناعة الأدوية ليساهم في رفع معدل الأمن الدوائي في البحرين و السعودية. رغم إمتلاك السعودية 40 مصنع دوائي إلا أن إنتاجها يغطي 36% من حجم سوق الدواء السعودي الذي يتجاوز 34 مليار ريال سعودي و الذي ينمو 5% سنويا. تأسيس مصانع أدوية جديدة في البحرين يساهم في تكامل صادرات و واردات الأدوية بين البحرين و السعودية و دول الخليج عموما.
الموطن الرابع هو القطاع السياحي والبيئي. البحرين تستقبل 250 ألف سعوديا في كل أسبوع لغرض الاستجمام والسياحة. الشراكة السعودية البحرينية في تطوير سياحة البحرين حتما سيعود أثرها بشكل مباشر على ترفيه و رفاهية السعوديين والبحرينيين على حد السواء. خطة تعافي الاقتصاد البحريني شملت عدد مشاريع سياحية مثل مدينة جزر حوار السياحية و المدينة الجنوبية الترفيهية و مركز دولي للمعارض و منتجع بلاج الجزائر. الشراكة السعودية البحرينية مطلوبة للاستثمار في تلك المشاريع. الشراكة السعودية البحرينية مطلوب منها أيضا الإستثمار في مشاريع نوعية تخص السياحة البيئية مثل تطوير محمية العرين لتكون بيئة نهرية متكاملة قائمة على نهر صناعي من المياه المعالجة. البحرين تستهلك يوميا 600 ألف متر مكعب من الماء و 50% من المياه المستهلكة يتم معالجتها لاستخدامها لأغراض الري والزراعة. تأسيس معمل مركزي لمعالجة مياه الصرف يتسع لنصف مليون متر مكعب في اليوم و إستخدامه في جريان نهر صناعي في جنوب البحرين سيساهم بإحياء بيئة نهرية خضراء يستجم فيها سواح البحرين والذي يمثل السعوديين نسبتهم الأكبر. مشروع محمية العرين يمكن أن يشمل أكواريوم ضخم و هو مشروع سياحي سيكون الأول و الأكبر في منطقة الخليج. المشروع يمكن أن يحتضن حديقة زهور مشابهة لحديقة دبي المعجزة و أقفاص عملاقة لتربية طيور المنطقة المختلفة. المشروع سيكون له أثر إيجابي على المجتمع والبيئة والاقتصاد للبحرين والسعودية.
الموطن الخامس هو القطاع الغذائي. البحرين تعمل على مشروع استثماري زراعي يحمل اسم “خيرات البحرين” في شمال السودان بمساحة تبلغ 100 ألف فدان، للمساهمة في سد احتياجات السوق المحلي البحريني والخليجي من المنتجات الغذائية والحيوانية، وإقامة عدد من المشروعات الزراعية للإنتاج الحيواني. الشراكة السعودية البحرينية مطلوبة في هذا الاستثمار لتحسين الأمن الغذائي في كلا البحرين و السعودية. علما بإن البحرين تنتج يوميا 500 طن متري من الدقيق و السعودية تنتج يوميا 15 ألف طن متري من الدقيق اعتمادا على استيراد قمح من دول أجنبية مثل إستراليا. الشراكة السعودية البحرينية في مشروع خيرات البحرين ستلعب دور كبير لتوفير القمح السوداني لإنتاج الدقيق في البحرين و السعودية بأسعار رخيصة و ربحية و غير مدعومة حكوميا و ذلك من خلال عوائد مشروع خيرات البحرين و خفض تكلفة نقل و تخزين القمح في البحرين و السعودية.
الموطن السادس هو صادرات البحرين. حكومة البحرين تأسست عام 2018 شركة صادرات البحرين. تعتبر شركة صادرات البحرين أول مبادرة وطنية مختصة بتطوير التصدير ودعم المنتجات والخدمات البحرينية لجعلها عالمية. شركة صادرات البحرين تعمل على منح علامة ” صنع في البحرين” على المنتجات المصنوعة في مملكة البحرين. صادرات البحرين بحاجة إلى شراكة سعودية بحرينية لجعل من علامة ” صنع في البحرين” علامة تنافسية في السوق السعودي. سوق البحرين يمكنه أن يصدر للسوق السعودي الكثير من المنتجات المصنوعة في البحرين مثل المأكولات البحرينية و الملبوسات و أجهزة التبريد و المنتجات البحرية.
ختاما، نقول بأننا اليوم ندخل في مرحل جديد من الشراكة السعودية البحرينية قائمة على رؤية بصيرة لولي العهد السعودي. الأمير محمد بن سلمان قد طرح معادلة اقتصادية لا يفهم عمقها إلا قادة من أصحاب بصيرة نافذة الذين ينظرون للمستقبل بعين اليقين. سيشهد السعوديون سر مقولة الأمير الشاب عندما يرون ازدهار الاقتصاد السعودي مع كل مبادرة سعودية لتحسين الإقتصاد البحريني. و سيشهد الخليجيون بأن هناك قائد اقتصادي إستثنائي في دول الخليج سيتفوق في إنجازاته على غيره ممن كانت لهم بصمات في العالم. هذا القائد الإستثنائي هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال