الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إذا كنت قد سمعت بقصة اليعسوب والصقر التي تشير إلى سرعة كل منهما في التقاط فريسته، فأنت لا يمكن أبدا أن تلوم شخص مهتم بالتقاط الأفكار الابتكارية بأسرع طريقة ممكنة، مع عدم إغفال أي فكرة مهما كانت تبدو لك غير ذات فائدة. وقبل أن أبدأ مقالي أعتقد أنني يجب أن أشير هنا إلى مقارنة جيدة بين استفادة كل من اليعسوب والصقر من ميزة السرعة التي نتحدث عنها ، حيث أن نسبة نجاح الصقر في الاصطياد هي أقل بكثير بسبب عدم امتلاك كل الأدوات المساعدة والمصاحبة لهذه الميزة.
الآن دعني أطلب منك أن تتخيل نفسك وأنت تقود مركبتك متجها إلى منزلك بعد يوم عمل شاق. حاول بعد ذلك أن تحصي عدد الأفكار التي تمر عليك خلال هذه الساعة فقط. أعتقد أن الكثير منا سيكتشف أنه يواجه إشكالية مرتبطة بتدوين الكثير من الخواطر والأفكار التي يؤمن أنها إذا صاحبت بعض الجهد، فيمكن أن تضيف جديدا لهذا العالم. هذه الإشكالية خطرت ببالي وأنا أتابع منافسة “مسك” العالمية للمشاريع الريادية خلال الأسبوع الحالي، والتي أتحفنا فيها المشاركون بإنجازات تبث الأمل والروح فينا، على اعتبار أنها تلامس كثير من التحديات التي تواجه البشرية جمعاء.
حاولت أن أنظر للمسألة بأسلوب مختلف فتبادرت إلى ذهني فكرة استحداث رقم طوارئ يعمل على مدار الساعة لاستقبال الاتصالات من كل مهتم بتوثيق وتدوين فكرته، قبل أن تتبخر وتذهب أدراج الرياح. كل ذلك على اعتبار أن السرعة في التعامل مع الأفكار في مهدها وعند ولادتها يختلف كثيرا عن الانتظار حتى تبرد الفورة وتثبط الهمة.
في المقابل فإنني أعلم ومن خلال النقاش مع كثير من الخبراء بالمجال أنهم يميلون دائما إلى أن الفكرة في الغالب لا تشكل الفارق الأكبر في نجاح المشروع من عدمه، وإنما هناك عوامل أخرى كفيلة بذلك منها نموذج العمل وفريق العمل، كما يأتي على رأس تلك القائمة اختيار التوقيت المناسب لإطلاق المشروع. قد أتفق بعض الشيء معهم وأقول إنها وجهة نظر صحيحة ولا غبار عليها، لكن أنماط التفكير البشري على مدى العصور وتحليلها أيضا عامل شديد الأهمية. كان يمكن لكثير من الابتكارات في نظري أن تتطور بشكل أسرع في حال كان لدينا خارطة صورية تمكننا من الاطلاع على كل فكرة بشرية قبل أن تجف أو يتم تجميدها لسنوات طويلة، ثم يأتي بعدها بسنوات عالم آخر يبدأ من حيث انتهت ليكمل المسير حتى يصل إلى النهاية المرجوة.
وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل في مجال الابتكار، والمحاولات على كافة الأصعدة لتوليد مزيد من الأفكار التي يمكن أن تشكل إضافة لهذا العالم، سيبقى لديك شعور مستمر كشخص مهتم بأن عدد الأفكار التي لا يستفاد منها هي أكثر بكثير. رقم طوارئ الابتكار قد لا يكون الحل الجذري لتوثيق كل فكرة، لكنه أحد السبل الكفيلة بتسهيل المهمة للخيال حتى يتحرر من القيود الكفيلة بقتل كثير من الأفكار.
جرب أن تجلس مع أحد الأطفال لساعة واحدة فقط ليتحفك بكثير من الحلول لتحديات تواجهك أنت شخصيا بأسلوب لا يمكن أن يخطر لك ببال. لذلك لا تتعجب إن كنت تراني مهتما بتوثيق كل فكرة لحظة ولادتها من أجل الأجيال القادمة وليس فقط من أجلي أنا وأنت.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال