الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يصل المرء سن الستين فيُحال إلى التقاعد، يُستهان بكلّ خبراته المتراكمة وطاقاته وقدراته على العمل والإنتاج، وعندئذٍ ينقسم المتقاعدون إلى قسمين: قسمٌ يستسلم لهذا التهميش المجتمعي والمؤسسي ويعيش دور المسن الضعيف الذي لا دور له سوى تذكر حكايات الماضي وسردها لمن حوله سواء تقبلوها أو أظهروا ملامح الضجر منها، أم القسم الآخر فهو يرفض هذا التهميش ويعمل جاهدًا على تحويل مساره إلى طريقٍ يستطيع من خلاله إثبات قدراته، إلا أنه في الغالب وبسبب تهميش المجتمع يكون هذا الإثبات بطرقٍ تقليدية، كالعمل في الأنشطة والمهن التقليدية، وكان النظر إلى أن التفكير والإبداع قد توقف لدى المرء بعد سن الستين.
وهنا تأتي أهمية الإشارة إلى إحدى الدراسات العلمية التي كان من ابرز نتائجها: أن دماغ الشخص المسن أكثر مرونة من دماغ الشخص الشاب، والسبب في ذلك يعود إلى أن تفاعل نصفي الدماغ الأيمن والأيسر يصبح أكثر تناغماً، وهذا من شأنه التوسع في القدرات الإبداعية، ولعل نتائج هذه الدراسة تفسّر سبب أن العديد من الشخصيات التي بدأت أنشطتها الإبداعية للتوّ، قد بلغت حوالي ستين عاماً.
ولعل ما يؤكد نتائج هذه الدراسة هو أن متوسط عمر الحاصلين على جائزة نوبل على مستوى العالم هو (62) عامًا، ومتوسط عمر رؤساء ومدراء أكبر (100) شركة في العالم هو (63) عامًا، وفي هذا إشارة مباشرة وصريحة إلى أن سن الإبداع والإنتاجية لدى هؤلاء الأفراد كان في فترة تراوحت أعمارهم فيها بين (60) و (80) عامًا.
وأكدت هذه النتيجة دراسة أُجريت في جامعة مونتريال توصلت إلى أن دماغ الشخص الذي بلغ الستين عامًا تختار المسار الأقل استهلاكًا للطاقة، وأنها تتخذ القرارات الصحيحة أكثر من الشباب الذي تعاني الدماغ لديهم من الارتباك أثناء اتخاذ القرارات.
وكذلك وجدت دراسة كبيرة في الولايات المتحدة أن السن الأكثر إنتاجية للفرد بين 60 إلى 70 سنة. بينما المرحلة البشرية الثانية الأكثر إنتاجية هي العمر من 70 إلى 80 سنة، أما المرحلة الثالثة الأكثر إنتاجية فهي بين 50 و60 سنة، وتوصلت إلى أن الفرد في سن الستين يصل إلى ذروة النشاط في الإمكانات النفسية والعاطفية والعقلية، وقد تم نشر هذه الدراسة من قبل فريق من الأطباء وعلماء النفس. ووجدوا أنك في سن الستين تصل إلى ذروة.
وفي دراسة قامت بها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة (الأسكوا) عام 2012 توصلت إلى أن نسبة الوفيات في العالم العربي وصلت بين عامي 1950 و1955 إلى 24.3 لكل 1000 شخص، ثم انخفضت إلى 7.3 في عام 2008، وترتب على ذلك زيادة معدل العمر من 42.7 سنة إلى 66.5 وتوقع التقرير أن يزداد معدل العمر في الدول العربية بين 2045 و2050 إلى 10.5 سنة، وأن يبلغ في المملكة العربية السعودية (ودول الخليج) نحو الـ 80 عاما، وفي هذا إشارة إلى زيادة عمر الإنتاجية بمشيئة الله عز وجل..
وفي الختام … وقف رجلٌ خمسيني في أحد الشوارع يمسك فرشاتين كبيرتين وبدأ يرسم على الأرض مبهرًا الحضور بإبداعه، يرسم بمنتهى الإبداع والدقة والمهارة، وبمنتهى الرشاقة رغم تقدمه في العمر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال