الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشهد الصناعة المحلية نمواً لافتاً –ولله الحمد- خلال السنوات الأخيرة, يدل على ذلك زيادة عدد المصانع الجديدة ونمو أعداد المستثمرين المحليين الا أن أغلب الطرق الإنتاجية في النسبة العظمى من المنشآت تعتمد على اقتصاديات الحجم وهي الإنتاج بكميات كبيرة وذلك لتعظيم الأرباح وتقليل التكاليف. اعتقد أننا لانزال نعاني من قلة المهتمين بتصنيع القطع أو المنتجات عالية الدقة وقد يعزى ذلك لقلة الايدي العاملة الماهرة وتكلفتها العالية والوقت المستغرق للانتاج مقابل ضعف الطلب أو الاحتياج السنوي لهذه القطع.
وبما أننا لا نستطيع القول بأن المملكة دولة صناعية ناشئة مع وجود عمالقة النفط والبتروكيماويات مثل أرامكو وسابك بالسعودية فهذا يعني توفر أيدي عاملة سعودية ماهرة عملت لسنوات في أعقد الصناعات على مستوى العالم. إذا كيف نستطيع الاستفادة من توفر الأيدي العاملة الماهرة وتطوير صناعة المنتجات عالية الدقة؟
يتواجد العديد من الصناعيين المهرة في مرحلة التقاعد النظامي أو من المستفيدين من برامج التقاعد المبكر ولايزال لديه القوة والرغبة في ممارسة التصنيع خارج منظومة الشركة الا أنه قد لا يستطيع أو لا يرغب في الدخول بمخاطرات إنشاء مصنع مجهز أو التنقل ذهاباً وعدوة بين مقر سكنه والمدن الصناعية. ولذلك قد يكون تمكين وتسهيل العقبات لهؤلاء المختصين والمهتمين من خلال الاستفادة من منازلهم أو مزارعهم لإنشاء ورش صغيرة غير خطيرة أحد الحلول التي من الممكن أن تسد أو على الأقل تقلص من الفجوة المتمثلة بقلة مصنعي المنتجات عالية الدقة والجودة.
تمتلك اليابان أحد أفضل التجارب في هذا المجال متمثلة بما يسمى الورش الحضرية (Urban Workshops) حيث شرعت بتطبيق هذه الفكرة خلال الحرب العالمية، ونظراً لانشغال المصنعين بالتركيز على الإنتاج بأقصى طاقة كان ولابد من وجود صناعة مساندة للمنتجات عالية الدقة وقليلة الطلب. أستغل العديد من اليابانيين منازلهم بإنشاء ورش صغيرة لتصنيع احتياج المصانع الكبيرة ومع الوقت استطاعت هذه الورش أن تصبح مركزاً معتمداً لتصنيع بعض أعقد القطع مثل بعض القطع المستخدمة في صناعة الصواريخ والقطارات وغيرها. بل أن ذلك ساعد بشكل جيد في نقل خبرات هؤلاء الصناعيين لأبنائهم أو المقربين منهم في مراحل مبكرة من أعمارهم مما ساعد في خلق جيل أفضل استعدادا وفهماً لعمليات التصنيع.
إن الاستفادة من مهارات المتقاعدين التصنيعية من خلال تمكينهم من إنشاء ورش ومعامل داخل مقارهم لدعم توطين القطع عالية الدقة قد يبدو خياراً جيداً لحالة المملكة الصناعية فكبار المستثمرين لا يبحثون عن هذا النوع من الاستثمار ويتواجد لدينا عدد جيد من المؤهلين والعارفين ببواطن عمليات التصنيع والراغبين في استغلال أوقات فراغهم بالمساهمة في نمو الصناعة المحلية.
في رعاية الله..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال