الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تبرز مكانة التشريع من علوّ أهدافه و شمول أثره، و لا تصان الحقوق إلا بضبط وسائل حفظها و تجويد طرق إبانتها، وقد قيل ( الدليل قوام حياة الحق و معقد النفع منه) ، وقد أدرك الجميع بأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- قد أولى المنظومة التشريعية عناية خاصة؛ لحرصه -سلمه الله- على تطوير القطاع العدلي وإيصاله إلى المنزلة الرفيعة، التي ستمكّنه من مواكبة احتياجات الحياة بجميع جوانبها ( الاجتماعية – الاقتصادية- التقنية )، اتجاهاً إلى تحقيق أفضل المستويات في مؤشرات التنافسية الدولية، وتطور القطاع سيتبعه استقرار في التعاملات ، وذلك مرتكز مهم و محفّز رئيس لجاذبية الدول، ومع هذه النهضة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، والانفتاح في مجالات عدة كالاستثمار و التقنية، فلا بد معها من اطمئنان على البناء العدلي، و من أركان هذا البناء قوة التشريعات التي تُستقى منها قانونية الأعمال، وتحقق شفافية في الأحكام .
إن نظام الإثبات الذي صدرت الموافقة الكريمة عليه يوم أمس الثلاثاء الرابع والعشرين من جمادى الأولى لعام 1443هـ، هو أحد أربعة أنظمة سبق أن أعلن عنها سمو ولي العهد -رعاه الله- وهي ( نظام الإثبات -نظام الأحوال الشخصية -نظام المعاملات المدنية- نظام العقوبات ) ، والتي يُدرك المختص عظيم أثرها على حياة الناس وأعمالهم، وأنها ستُحدث تغيّراً جذرياً في البيئة العدلية، وبما أن المقام هو الحديث عن نظام الإثبات والذي بُذل فيه جهد كبير، وروعي في صياغته وأحكامه الممارسات المحلية والدولية، و لما كان مقام المقال لا يحتمل لعرض النظام و مزاياه، سوى إلماحة يسيرة، فقد برز في النظام وميّزه : الإفادة من الأدلة الرقمية في الإثبات، بل أُفرد باب من النظام لها ، كما ظهر فيه الحرص على ضبط التعاملات بين الناس ورفع الثقة بها؛ تعزيزاً لاستقرارها ، وهي مقصد من مقاصد الشريعة، والنتيجة المتأملة من الوضوح والضبط : إمكانية التنبؤ بمسار العملية القضائية وانتظام مخرجاتها، كما برز فيه: الحرص على الحد من بعض الممارسات التي استغلّ بها أناس بعض وسائل الإثبات ( كالشهادة مثلاً ) ؛ للوصول إلى الباطل، والتي تعارض النقلة التي نرسم من خلالها منهجاً مجوّداً في التوثيق، مع جهود جادة في إرشاد الناس إلى إدراك أهمية الكتابة والتفرقة -بمسؤولية- بين الالتزامات (حجماً -نوعاً – أثراً )، وهذا المنهج التوثيقي سيمتد أثره حتى يصل إلى التضييق على كثير من التعاملات المشبوهة، التي تُمرر من خلال طرق للإثبات عدا عليها ضعف أمانة البعض و عبثهم.
إن هذه الجهود التي يقودها سمو ولي العهد تنطلق من إيمانه باستحقاق المملكة العربية السعودية إلى أعلى المراتب في جميع المجالات، وأن الإفادة من التجارب الدولية التي لا تعارض شريعتنا الغرّاء منهج الحكماء، لذا جاء هذا النظام مستمداً أحكامه من الشريعة الإسلامية وفق هذا المنهج .
ختاماً : فإن تطبيق هذا النظام سيرفع من كفاءة وفاعلية البيئة العدلية، وسيُظهر توازناً بين قيمة الدليل و مرونة النظر القضائي، كما سيبرز في المجتمع أهمية التطبيقات الوقائية، وسيسهم في استقرار الكثير من التعاملات المدنية والتجارية -بإذن الله – .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال