الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لماذا الحاجة ماسة لكي تتحلى مجالس إدارة شركات القطاع الخاص بتنوع ثقافي وعلمي وعمري حقيقي بين أعضائها، كأحد معايير نجاح الشركات في تعظيم أرباح مساهميها والمشاركة الجادة في تطوير المنظومة الاقتصادية؟
بالرغم من الزخم الرائع لواقعية العملية الإصلاحية والتطويرية الحاصلة بالمملكة وعلى كافة الأصعدة، إلا أن القطاع الخاص – في شريحة عريضة منه – مازال حراكه ليس كما هو المتوقع، وهذا لا يعود لسبب أن هذه الشريحة لا تريد التجاوب، فكثير من شركاتها تدار بفرق تنفيذية تتمتع بمستوى مقبول إلى حد كبير من الجرأة والذكاء، ولكن في جُلِّها تواجه تحديات في الانطلاق المطلوب نتيجة الهوّة بينها ومجالس إدارتها التي لم تتطور كثيرًا، فتُرى هذه الشركات في دورها في الاقتصاد الوطني وكأنها متقاعسة.
الشواهد متعددة في هذا الخصوص، فعلى سبيل المثال يوجد العديد من أعضاء هذه المجالس من غير الملمين بالواقع الجديد، فمنهم من يزال يعيش في العصور السابقة وغير مجهز للعصر الرقمي، مما يجعلهم غير قادرين على فهم إحتياجات أعمال شركاتهم في وجه تحديات التغيرات الرقمية الجذرية الحالية والقادمة في عوالم التجارة والصناعة، ومع عدم إدراك الكثير منهم لأساسيات آليات علم الاقتصاد وكيفية عملها، يجعلهم بلا قدرة على اكتشاف العلامات المبكرة من مخاطر وفرص في عالم مال وأعمال رقمي معقد.
من الملاحظات أيضا، غلبة ثقافة تجانس الأعضاء (أحادية التوجه الفكري) في العديد من مجالس إدارة الشركات، وهذا ربما يفسر ظاهرة شح تواجد دماء مخضرمة متنوعة المعرفة في بعض المجالس المزدحمة بالأعضاء المتنقلين فيما بينها أو متكرر تواجدهم فيها، بل يصل الوضع بعض الأحيان لتواجد واضح لحالة التوأمة بسبب مرجعية المصالح فيما بين بعض الأعضاء، وهذا لم يعد مقبولا في ظل اقتصاد يتطور بوتيرة متسارعة ومتطلع نحو جذب الاستثمارات، ومجتمع استثماري محلي جُلّه من الشباب المتعلم الذكي.
أما في ما يخص الشباب، فهذا يقود لملاحظة ثالثة في هذا المضمار، وهي ظاهرة معاناة العديد من الشركات من الثغرات العمرية لأعضاء مجالس الإدارة (شح في تواجد الأعضاء الشباب من الجنسين)، بينما من أهم معايير نضارة وفاعلية هذه الكيانات هو معيار تواجد أعضاء من مختلف الأعمار في مجلس الإدارة، فالأعضاء الشباب يكونون عادة أكثر استقلالية في طرح الأفكار الجديدة، وأعلى مهارة ومعرفة في المجالات الناشئة، مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي و الأتمتة، عند مقارنتهم بالأعضاء الكهول من ذوي الحكمة والخبرة المطلوبة، بل وأكثر جرأة في الكشف المسبق عن التجاوزات.
المستقبل يحمل في طياته الكثير من التحديات ومنها ما هو مؤلم، مما يستدعي وبالحاح من الشركات التي تتطلع إلى التواجد في المستقبل أن تتحلى بمجالس إدارة ذات فكر غير تقليدي وإرادة حقيقية نحو التغيير القائم على التنوع الثري، والذي يعتبر أحد الأصول التي تساهم بشكل قوي في تنمية وتطور الشركات والقطاع الخاص في العموم.
هنا، الدعوة موجهة للمستثمرين والهيئات التنظيمية والجهات التمويلية للمساهمة بدور فاعل ومؤثر لتحفيز مجالس الإدارة في القطاع الخاص لكي تلتزم بثراء ديموغرافي متنوع، وأيضا تكنوقراطي (إن جاز إستخدام هذا المصطلح في عالم الاقتصاد والتجارة)، لدعم شركاتها في التواجد والمنافسة والمساهمة محليا بشكل أكثر جاذبية، وفي الأسواق الإقليمية والعالمية بشكل أكثر كثافة وقيمة، لضمان مواقع لها في المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال