3666 144 055
[email protected]
يؤمن الكثيرون بأن الذكاء الاصطناعي يتعارض مع الموارد البشرية، وأن وجود الذكاء الاصطناعي سوف يتسبب مستقبلاً في استبدال ملايين الوظائف البشرية بالآلات الذكية حول العالم.
ولكن….
هذا المفهوم قد يكون غير دقيقاً بشكل كامل، وفي هذا المقال، سوف نخوض ببعض التفاصيل… للتوضيح بشكل أكبر.
الذكاء الاصطناعي، بشرح مبسط، هو خصائص فريدة تُمكن بعض الآلات والبرامج الحاسوبية من محاكاة القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، عن طريق القدرة على التعلم والاستنتاج بمرور الوقت عبر التحليل المستمر للبيانات المُدخلة.
ومن أحد فوائد الذكاء الاصطناعي هو توفير أنظمة ذكية تساعد الأفراد، في المؤسسات والهيئات، بالقيام بأعمالهم بيسر أكبر من خلال الإنهاء السريع للأعمال اليدوية المتكررة أو المعقدة، والتي قد يقوم بها بعضهم مثل تحليل البيانات الضخمة أو التنبؤ بالبيانات المستقبلية مثل المكاسب أو الخسائر المحتملة، مما يساهم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بشكل دقيق.
ومن جهة أخرى، سيسمح تبني الذكاء الاصطناعي في المصانع، القيام بالأعمال المنهكة والشاقة بدلاً من البشر، مثل حمل المعدات الثقيلة ونقلها من مكان لأخر في وقت قصير، وكذلك يسمح الذكاء الاصطناعي لأجهزة الاستشعار الكشف عن العيوب الموجودة في خط الإنتاج، بصورة دقيقة وسريعة، ليتم التحقق من صحة هذه المعلومات، ومن ثم يتم اتخاذ القرار المناسب بخصوص إمكانية سحب الجزء التالف عن خط الإنتاج. ومثل تلك الفوائد توفر الملايين من الدولارات ليس فقط في عملية الإنتاج وتفادى سحب منتجات تلك المصانع والشركات من السوق، في حال وجود عيوب مصنعية، وإنما يحمي السمعة التجارية لتلك الجهات في ذات الوقت.
وحين تُستخدم تلك الأنظمة والآلات الذكية، يصبح التركيز البشري قائماً على عملية الإشراف على سير العمل، وعلى التأكد من الدقة والجودة في المدخلات ونتائج المخرجات. وأيضا يصبح تركيز العامل البشري بشكل أساسي على التخطيط لتحسين الأداء والتمكن من إدارة المخاطر بطريقة مثلى، مما يوفر الكثير من الجهد والمال والوقت، ويعود بنتائج ناجحة وأكثر فاعلية ودقة وسرعة للجهات.
ومن الجدير بالذكر، أنه ومقابل الوظائف اليدوية التي يتم استبدال البشر بها بالآلات، سيتم استحداث ما يقرب من 790 وظيفة مستقبلية جديدة للبشر، لم تتواجد من قبل. وهناك أجيال حالية من الأطفال في المراحل الدراسية المختلفة سيلتحقون بوظائف مستقبلية مبتكرة، لم يُسمع بها من قبل حتى الأن، فور تخرجهم.
ولكن… ماذا عن فرق عمل إدارات الموارد البشرية، في وقتنا الحالي..؟ كيف يمكنهم تسخير الذكاء الاصطناعي لمنفعتهم..؟
وهذه هي الإجابة..
يُمكن أن تكتسب فرق عمل إدارات الموارد البشرية، من خلال وجود الأنظمة الذكية، قدرا أكبر من المعرفة والإدراك، وذلك لأن تلك الأنظمة الذكية يمكنها تحليل أداء وسلوك الموظفين العاملين في تلك الجهات. كما يُمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي استنتاج واستنباط نقاط القوة والضعف الحالية والمستقبلية للموظفين بشكل دقيق، وعرض خطط لكيفية الاستفادة من الخبرات والقدرات البشرية في الوظائف والمهام المناسبة وهو ما يعرف بمصطلح Profiling.
كما تُساهم تلك الأنظمة الذكية في اقتراح خطط تدريبية مناسبة للموظفين، مما يترتب عليه فرص نجاح أكبر للجهات ومنسوبيها على المدى القريب والبعيد، وأيضا خفض معدل تناقص الموظفين سنويا عبر تحليل دقيق لأسباب تركهم للعمل.
ومن استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الموارد البشرية، أيضاً، هو أداة “المقابلة الشخصية الذكية”، والتي تقوم بالبحث الآلي عن الكفاءات البشرية في مواقع الوظائف المختلفة على شبكة الانترنت. وتقوم هذه الأداة الذكية بالقراءة الآلية لبيانات المتقدمين الأساسية كالتعليم والمهارات والخبرات الوظيفية، ومن ثم جمعها وتحليلها وعرض أسماء المرشحين المناسبين لإجراء مقابلات شخصية للوظائف المختلفة.
ثم لاحقا، وأثناء تلك المقابلات الشخصية، يتم احتساب النقاط المكتسبة أثناء التقييم، بشكل آلي، من خلال تحليل إجابات هؤلاء المتقدمين على الأسئلة المطروحة عليهم. وذلك يساعد على التخلص من العديد من السلبيات مثل التحيز وعدم الحيادية أو الآراء الشخصية غير الصائبة أثناء تقييم المتقدمين، مما يضمن منح الفرص بالتساوي وبشكل عادل لجميع المتقدمين حيث ينجح من هو أكفأ وأنسب لتلك الوظائف. كما يساعد وجود الذكاء الاصطناعي على التخلص من الوقت والجهد المستنزف أثناء البحث اليدوي عن المهارات المطلوبة ضمن الآلاف من المتقدمين.
ويجب تذكر دائما أن الذكاء الاصطناعي هو مجرد “مساعد” للإنسان، وليس متخذاً للقرار ولا يقوم بفرض الخطوات القادمة. وهكذا هي التقنية، وُجدت لتكون “أداة للمساعدة” في تحقيق الأهداف، وليست غاية في حد ذاتها.
وحيث إن إدارات الموارد البشرية تُعد من أحد أكبر متخذي القرار، في جميع الهيئات والمؤسسات، فمن خلال الذكاء الاصطناعي، تتمكن الموارد البشرية من اتخاذ القرارات بشكل أسرع وأدق وأكثر حيادية، بناءً على كافة التحليلات الذكية الناتجة عن معالجات الذكاء الاصطناعي للبيانات الضخمة المتوفرة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734