الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تقوم رؤية المملكة 2030 على أساس تحقيق نمو اقتصادي وتنمية اقتصادية في جميع أنحاء المملكة، وفي كافة المجالات والتخصصات، وعندما نقول نمو اقتصادي وتنمية اقتصادية فنحن بلا شك نشير إلى كلفة وعائد سواءً كانت هذه الكلفة والعائد بشكل مباشر أو كانت بشكل غير مباشر.
وبالنظر إلى عام 2021 المنصرم نجد الاهتمام البارز في المملكة بموضوع اللغة العربية، والقيام بعملية تثبيتها في جميع النواحي العلمية والعملية، وجميع القطاعات العام منها والخاص.
ومن هنا يأتي هذا التساؤل: هل للاهتمام باللغة العربية في المملكة علاقة بالنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية؟. هل للاهتمام باللغة العربية في المملكة علاقة برؤية 2030 ؟.
يقول المستشار الألماني الأسبق (ويلي براندت) ما نصه: “إذا أردتُ أن أبيعـــك بضاعتي يجب أن أتحدث لغتـك، وإذا أردتَ أن تبيعني بضاعتــك فعليك أن تتحدث بالألمانيـة”، ومن هنا يأتي مقال هذا الأسبوع للإشارة عن الارتباط بين اللغة والنمو الاقتصادي.
ففي دراسة أجراها البنك الدولي ضمت عينتها أكثر من ستين دولة، بالإضافة إلى أكثر من ستين ألف جهة مختلفة، توصلت هذه الدراسة إلى أن حاجة الدول النامية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية تكمن في رفع مستوى المعرفة لدى جميع أبناء المجتمع، وليس في المعونات أو الإمدادات الاقتصادية الإنسانية، وهذا ما لا يتم الحصول عليه إلا من خلال اللغة الأم لهذا المجتمع. وتوصلت الدراسة كذلك إلى أن للمجتمعات رصيدًا أو ثروة نقدية، كما أن لها كذلك رصيدًا أو ثروة لغوية، وكل من العملة واللغة تُصك، ويُعتنى بأمرها وبأمر تنظيم صكها، ولا تترك من دون تحكم ومتابعة من الدولة – وهذا من أهداف اهتمام حكومتنا الرشيدة باللغة العربية – وتأتي قيمة النقد وكذلك قيمة اللغة من عملية انتشار تداولها، وذلك أن إهمال اللغة الأم للبلد، والقيام بالأنشطة والتعليم بغيرها له أثار اقتصادية سلبية هائلة.
ومن هنا تأتي الإشارة إلى الأبعاد الاقتصادية للاهتمام باللغة الأم ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما ذكره الدكتور (نويل) في بحثه الذي هدف إلى دراسة العلاقة بين اللغة والاقتصاد:
المجال الاتصالي- التواصل – للغة كما تعبر عنه القدرة السكانية للجماعة التي تستعملها بوصفها اللغة الأساسية والأولى في كافة الأنشطة، وتأتي بعدها أي لغة ثانية أجنبية.
مستوى تطور الإمكان الوظيفي للغة باعتبارها أداة إنتاج مجتمعية، ومستوى الفرص المتعلقة باستخدامها.
الطلب عليها بوصفها سلعة في السوق الدولية للغات الأجنبية، وكذلك حجم الصناعة التي تمده، والحصص المخصصة من النواتج القومية الإجمالية التي تنفق على الصعيد العالمي لاكتسابها.
رصيد الحساب الجاري للغة بالنسبة لجماعتها اللغوية.
المقدار الكلي للاستثمار الموضوع في اللغة حيث يمكن للتدوين.
والمماثلة بين الرصيد المالي والرصيد اللغوي ليست حديثة العهد وإنما تعتبر متأصلة منذ القدم، فقد كان (جون لوك) من المهتمين بذلك حيث وصف الكلمات بأنها “القاسم المشترك للتجارة والاتصال”، وهذا ما أشار إليه بشكل غير مباشر كل من العلماء (ليبينتز) وبعده (دافيد هيوم) و (يوهان جورج هامان) وغيرهم الكثير الذين توصلوا ضمن دراسات اقتصاديات التعليم والتربية إلى أن اللغة هي أداة مثل النقود تنطوي على تسهيل تلبية خيارات الأفراد، وتوسيع مجال الفعل لديهم.
ومن هنا ذهب علماء الاقتصاد إلى أن اللغة تعتبر عنصر من عناصر الازدهار الاقتصادي، وأن الدراسات دلت على أن متوسط دخل الفرد يتدنى في البلاد التي تتعدد فيها اللغات مقارنة مع البلاد التي يقل فيها هذا التعدد. إذ يكفي ملاحظة العديد من البلدان ومنها مثلًا بريطانيا يزيد معدل دخل الفرد عشرات المرات عن الفلبين على الرغم من تقارب عدد السكان في كلا البلدين وذلك بسبب تعدد اللغات في الفلبين.
لذلك يتم الإجماع من طرف علماء الاقتصاد بأن اللغة بالنسبة للاقتصاد والسوق تعتبر مسألة محورية. وتنشأ هذه الأهمية الكبيرة من كون النشاط الاقتصادي يعتمد على الاتصال بدرجة كبيرة جدًا، وأن العناصر الأساسية للاتصال الاقتصادي عناصر لغوية.
وبعد استعراض هذه الدراسات والإشارات العلمية، يستطيع القارئ الإجابة على السؤالين اللذين ذُكرا في مقدمة هذا المقال: هل للاهتمام باللغة العربية في المملكة علاقة بالنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية؟، هل للاهتمام باللغة العربية في المملكة علاقة برؤية 2030؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال