الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مما لا شك فيه أن مهنة المراجعة الداخلية تعد من أهم المهن في الوقت الراهن وذلك يعود لعدة أسباب لعل من أهمها النمو الاقتصادي المتسارع وحجم الاستثمارات الهائل الذي تشهده المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة وكذلك كبر حجم المنشآت وتنوع المجالات والأنشطة وتعدد الفروع وكبر حجم الإنفاق والميزانيات المعتمدة من الدولة للجهات الحكومية ولذلك يحتاج المسؤول الأول لتأكيدات وتطمينات حول أداء منظمته ومدى استخدامها الأمثل لمواردها كما أن هنالك حاجة من المسؤول الأول لإستشارات مهنية وتوصيات موضوعية، وتوفر المراجعة الداخلية الرأي المهني والموضوعي عن مدى التزام الموظفين بالسياسات والإجراءات الداخلية والأنظمة والقوانين واللوائح الصادرة من الجهات المشرِعة وكيفية سير العمل نحو الأهداف المرسومة من قبل الإدارة العليا ومدى تحقيق الجهة لأهدافها وما هي مواقع الخلل وطرق علاجها والتحقق من شبه الفساد وحماية المنظمة ومنسوبيها من الوقوع في الأخطاء وتقييم نظام الرقابة الداخلية فيها والمخاطر المحيطة بها.
وتعتبر المراجعة الداخلية بشكلها الحديث في القطاع العام حديثة عهد وقد تواجه في بعض القطاعات الحكومية عدد من المعوقات والتحديات وتعتبر المعوقات التنظيمية من أهم المعوقات التي تواجه إداراة المراجعة الداخلية لأنها السبب الرئيسي في ضبابية المرجعية الإدارية والتبعية الفنية والإدارية وقد تخل باستقلالية المراجعين الداخليين وتضعهم تحت ضغوط تؤثر على موضوعية آرائهم، ويعتبر الرأي الفني الموضوعي المستقل المحايد هو حجر الأساس الذي تقوم عليه عملية المراجعة الداخلية فإذا انعدمت استقلالية الرأي انعدمت الثقة في التقارير الصادرة من إدارة المراجعة الداخلية والمتضمنة الملاحظات والتوصيات والرأي العام حول البيئة الرقابية وبذلك ستصبح المراجعة الداخلية عبء إضافي على المنظمة ولن تعود بالفائدة المرجوة منها والمتمثلة في أنها وسيلة لاكتشاف مواقع الخلل وإيجاد الحلول وحماية الأصول وممتلكات المنظمة وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والالتزام بالسياسات والإجراءات وتقييم النظام الرقابي.
ولكن الجميل في كل خلل أن هنالك فرصة للتحسين وللعلاج والأجمل من ذلك رؤيته على أرض الواقع عند تحققه، ولعلنا ننظر إلى القطاع الخاص كمثال يحتذى به فيما يخص تنظيم إدارات المراجعة الداخلية وقد اشترطت الجهات المنظمة لعمل القطاع الخاص وجود لجان المراجعة في كل منظمة منبثقة من مجلس الإدارة.
ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أن وجود لجان المراجعة في القطاع العام على كافة أصعدته أمراً ضرورياً ولا غنى عنه وخصوصاً في الجهات المتعددة الفروع والتي فيها عدد كبير من الموظفين من عدة جهات مختلفة في مكان عمل واحد، لأن لجنة المراجعة سوف تعتمد الخطة السنوية للمراجعة المبنية على المخاطر المحتملة وستعتمد ميثاق المراجعة بما فيه من رؤية ورسالة ونطاق وصلاحيات،كما ستضمن الاستقلالية التامة للمراجعين الداخليين وعدم التدخل في عملهم من أي طرف كان داخلي أم خارجي قد يخل باستقلالية المراجعين الداخليين كما ستضمن وصول تقارير وحدات المراجعة الداخلية في كافة الأفرع بما فيها الملاحظات والتوصيات إلى المسؤول الأول وما تم حيالها كما ستضمن وصول المراجعين الداخليين لجميع المستندات والوثائق المهمة وتتابع التزام وحدات المراجعة الداخلية بالخطة السنوية المعتمدة والإلتزام بمعايير المراجعة الداخلية الصادرة من المعهد الدولي للمراجعين الداخليين والأهم من ذلك أن المرجعية الفنية والإدارية ستكون واضحة المعالم للجميع،كما أن للجان المراجعة أدوار أخرى مهمة مثل التوصية بتعيين وعزل المراجع الخارجي والتأكد من وجود نظام رقابة داخلية ذو كفاءة وفاعلية، ودراسة التقارير المالية والتأكد منها قبل اعتمادها.
كما أن دور لجان المراجعة يعزز من تطبيق الحوكمة ويدعم مبدأ الشفافية والمساءلة وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ويعزز من الرقابة الذاتية لدى جميع الموظفين، وإن تم تفعيل لجان المراجعة بشكل صحيح سوف تعود بالنفع المباشر على عمل وحدات المراجعة الداخلية بشكل خاص والمنظمة بشكل عام وتحقق الأهداف التي من شأنها تم استحداث وحدات المراجعة الداخلية في القطاع العام وتحقق متطلبات رؤية 2030 من خلال الإستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية وتنمية الإيرادات وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي وحماية المال العام وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيد النهائي وتحسين جودة حياة الفرد والأسرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال