الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن المطَّلع على تاريخ التعليم الإِسْلَاميّ يرى بوضوحٍ الدور الإيجابي للأوقاف التعليمية في نموِّ واتساع الحركة التعليميّة، نموًّا متسارعًا أدى بها في نهاية المطاف إلى تحقيق نهضة علمية واسعة، كان لها نصيب في شتى المجالات العملية، وقد ساعد على هذا الدور المؤثر انتِشار الأوقاف التعليميّة بصورة تدعو إلى الإعجاب والتقدير، يدفع الواقفين لهذا العمل الخيري الإيمانُ الذي يملأ النفوس، وحبُّ العلم والمعرفة.
ولقد أسهم الوقْف بما يدرُّه من عائداتٍ في توفير احتياجات المؤسسة التعليميّة الموقوف من أجلها، من حيث التأسيس أو التوسيع والصيانة وكذلك رواتب المعلمين، أو مكافآت الطلاب، وغيرها من لوازم المؤسسات التعليميّة، ومن أفضل التجارب العالمية في الأوقاف التعليمية هو تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في تطوير الأوقاف في المؤسسات التعليميّة، فهي تعد نموذجًا يستوجب التوقف عنده، حيث إن المؤسسات الوقْفيَّة الأمريكية، وفي مقدمتها وقف جَامِعَة هارفارد، جَامِعَة هارفارد أقدم مؤسسة تعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق.
و جَامِعَةٌ هارفارد جامعة وقفيةٌ تأسست في عام 1636م أي قبل ما يقارب أربعة قرون من الزمن، قام بتأسيسها جون هارفارد الذي ولدَ في لندن عام 1607م وتُوفِّي عام 1638م، وقد قام بتلك الخطوة الجريئة حتى تكون جَامِعَة هارفارد مناظرة لكلٍّ من جَامِعَة كامبريدج وجَامِعَة أكسفورد في بريطانيا، وبلغ حجم أصولها في عام 2021م مبلغ 53.1 مليار دولار أمريكي، وعلى أنها جَامِعَة وقفية فقد تخرج منها ثمانية رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية وكثير من القادة ورؤساء لبعض الدول وأصحاب رؤوس الأموال الذين أثروا ليس في بلادهم فحسب، بل في العالم أجمع، وكذلك تصنف بالجامعة الأولى عالميًّا لأغلب التصنيفات العالمية المختلفة.، مما جعل الجَامِعَة تعتلي الهرم الأكاديمي العالمي، وكان هذا هو من الأسباب الأساسية والقوية لبحثي الخاص بالدكتوراة عن الجامعات الوقفية والتنمية المستدامة،
ومن الأسباب القوية لنجاح وقف جامعة هارفارد إنشاء شركة أوقاف جَامِعَة هارفارد ، عام 1974، وتم إنشاء هذه الشركة لإدارة أموال الوقف Harvard Management Company والأصول الماليّة ذات الصلة بجَامِعَة هارفارد، مهمتها الأساسية هي المساعدة في ضمان امتلاك جَامِعَة هارفارد للموارد الماليّة للحفاظ على ثقتها وتوسيع قيادتها في مجال التعليم والبحْث العلميّ للأجيال القادمة، ونجحت الشركة في جلب العديد من الاستثمارات.
وعلى الرغم أن العالم الإِسْلَاميّ سبق العالم الغربي في نظام الوقْف التعليميّ، إلا أنه أصبح ضعيفا في دعم التعليم في عالمنا الإِسْلَاميّ المعاصر.
وتقوم جامعة الملك سعود حاليا بعمل أوقاف لتعزيز الموارد المالية الذاتية للجامعة ولعلنا في المرة القادمة نتحدث عن دور هذه الأوقاف وما يمكن أن تقدمه للجامعة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال