الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العالمة الاقتصادية الدكتورة إلينور أوستروم هي أول امرأة اقتصادية تحصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية في مجال الحوكمة الاقتصادية نظير تقديمها لنظرية توظيف الموارد الطبيعية من خلال المجتمع نفسه وتستند نظريتها الى ترك المجتمعات تدير مواردها الطبيعية ولها مقولة مشهورة : اتركوهم لأنفسهم.
في الوقت الذي كان فيه إجماع بين الاقتصاديين ومنذ فترة طويلة على أن الموارد الطبيعية التي يتم استخدامها بشكل جماعي من قبل مستخدميها سيتم استغلالها بشكل مفرط وتدميرها على المدى الطويل فقد دحضت إلينور أوستروم هذه الفكرة من خلال إجراء دراسات ميدانية حول كيفية إدارة الناس في المجتمعات المحلية الصغيرة للموارد الطبيعية المشتركة، مثل المراعي، مياه الصيد والغابات.
واوضحت أنه عندما يتم استخدام الموارد الطبيعية بشكل مشترك من قبل مستخدميها في الوقت المناسب يتم وضع قواعد لكيفية العناية بهذه الموارد، كما وضعت مجموعة من القواعد والمبادئ حول كيفية ذلك بطريقة مستدامة اقتصاديًا وبيئيًا ومنها: تحديد معالم وحدود الأداء كمجموعة واضحة ومطابقة القواعد التي تحكم استخدام السلع المشتركة مع الاحتياجات والشروط المحلية والتأكد من أن المتأثرين بالقواعد يمكنهم المشاركة في تعديل القواعد واحترام حقوق تلك القواعد لأفراد المجتمع وتطوير نظام يقوم به أفراد المجتمع لمراقبة سلوك الأعضاء واستخدام عقوبات متدرجة لمخالفي القواعد والاستخدام الجائر وتوفير وسائل منخفضة التكلفة يسهل الوصول إليها لتسوية المنازعات وبناء المسؤولية لإدارة المورد المشتركة في طبقات متداخلة من أدنى مستوى وصولا الى النظام المترابط بأكمله.
كان لبداية فترة حياتها خلال أزمة الكساد الكبير تأثيرا كبيرا على طفولتها فقد أسهمت بمساعدة اسرتها في زراعة الخضار والنباتات واعداد الطعام والحياكة من خلال الإنتاج فالاستهلاك المنزلي. إلينور أوستروم من مواليد 7 أغسطس 1933، في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، درست العلوم السياسية وتخرجت من جامعة كاليفورنيا وحصلت على درجة الماجستير ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من ذات الجامعة في عامي 1962، وفي عام 1965 بدأت أوستروم مسيرتها الأكاديمية في جامعة إنديانا ثم تدرجت في مناصبها حيث بدأت كأستاذ مساعد قبل أن تتم ترقيتها في النهاية إلى منصب أستاذ في العلوم السياسية ثم رئيسة القسم (1980-1984) فكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب ومن عام 1996 إلى عام 2006 كانت مديرة لمركز الجامعة لدراسة المؤسسات والسكان والتغير البيئي كما عُينت أيضًا أستاذة أبحاث ورئيسة لمركز دراسة التنوع المؤسسي في جامعة ولاية أريزونا من عام (2006حتى عام 2012 ).
بالإضافة إلى ذلك تستند في اعداد بحوثها الى الدراسات الميدانية الاستقصائية وكانت شغوفة بذلك وهو ما أهلها لأن تكون واحدة من اهم علماء الاقتصاد، حيث انخرطت في ورشة عمل ضمن برنامج دولي كبير جدًا تحت مظلة منظمة الأغذية والزراعة فجمعت المعلومات بطريقة منهجية عن الظروف في الغابات وترتيبات الحوكمة الخاصة بها وكيفية أثر ذلك على سبل العيش واستدامة الغابات. وتقول في هذا الصدد: لم نكن نعتقد أن هذا كان شيئًا مناسبًا للباحثين في الولايات المتحدة للقيام به من خلال السفر وجمع البيانات في بلدان متعددة فقمنا بتطوير شبكة تعاونية حيث أجرى العلماء الذين يعيشون في بلد معين ولديهم اهتمام كبير بظروف وسياسات الغابات الدراسات المطلوبة ثم قمنا بتدريب طاقم أساسي في كل مركز بعناية شديدة لاستخدام تقنيات جمع البيانات التي استغرقت سنوات عديدة للعمل بها، لقد شجعنا على إقامة الاجتماعات الإقليمية للعلماء في منطقة معينة لمناقشة نتائج المنهجية والاستراتيجيات ثم نلتقي كشبكة كبيرة كل عامين مما جعلنا جميعًا نستمر في التعلم من بعضنا البعض، وكانت تنصح بإعطاء العمل الفردي كفاءة أعلى كما تحدثت عن كيفية تعامل الناس مع البيئة واستغلالها من خلال دراستها لاقتصاديات صيد الأسماك وطرق الري واقتصاديات الغابات وتنمية الأشجار، اتجهت خلال سنواتها الأخيرة لدراسة ونشر العلوم والمعرفة ومواضيع حقوق الابتكار والإبداع .
نشرت كتب عديدة خلال حياتها المهنية ومنها كتاب Governing the commons حكم المشاع (1990)، وكتاب Understanding Institutional Diversity فهم التنوع المؤسسي (2005)، وكتابWorking Together : Collective Action, the Commons, and Multiple Methods in Practice العمل معاً : العمل الجماعي، والأساليب المتعددة في الممارسة (2010). وعدد من الاعمال الأكاديمية التي تتمحور حول كيف يمكن للمجتمعات المشاركة في الموارد المشتركة بنجاح ، مثل الممرات المائية، وأراضي رعي الماشية، والغابات. كما عملت عضوا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة عام 2001 ولها دراسات حول كيفية تنظيم الناس لأنفسهم بغرض ايجاد حلول جماعية لمشكلات معقدة، وقامت بتحليل كيفية تأثير المؤسسات وما تصدره من تعليمات على الانتاجية وكيفية تحفيز الناس على اتخاذ القرارات بأنفسهم أثناء العمل.
ووضعت كذلك حلولا ذات قيمة كبيرة في هذا المجال كقانون اقتصادي حمل اسمها قانون أوستروم يتحدث عن “توظيف الموارد نحو دورها الفعلي في الممارسة العملية وفق منهجية اتركوهم لأنفسهم وأكدت بأنه يمكن لمجموعات من الناس معرفة طرق مشاركة الموارد دون استنزافها ودون نتائج مأساوية Tragedy of the commons حيث ساهمت مع عدد من الباحثين في اصدار دراسة بحثية بعنوان The Drama of the Commons تحت مظلة المجلس الوطني للبحوث وصفت هذه الدراسة حقيقة التفاعلات بين الإنسان والبيئة في المواقف الخاصة، وتوضيح كيفية تفاعل الدوافع البشرية، والقواعد التي تحكم الوصول إلى الموارد، وهيكل المنظمات الاجتماعية، وأنظمة الموارد نفسها وتحديد ما إذا كانت بعض الأعمال الدرامية للمشاعات ستنتهي بسعادة أم لا؟ كما سلطت هذه الدراسة الضوء على التحديات الرئيسية للمستقبل في اطار تنمية المعرفة الأكثر منهجية ومفاهيم المؤسسات ديناميكيًا وتوسيع نطاق فلسفة الموارد لتشمل المشاعات العالمية والتكنولوجية وتأثيرات السياق الاجتماعي والتاريخي.
درست أوستروم عدد من الحالات حول العالم والتي نجحت فيها تلك المجتمعات في تنظيم استخدام الموارد من خلال التعاون بعمل تطبيقات مهمة لها حول سياسة تغير المناخ ولها أبحاث تتعلق بممارسة الشركات في مجال جديد يُعرف باسم الاقتصاد المؤسسي، توفيت بسبب سرطان البنكرياس في 12 يونيو 2013 عن عمر يناهز 78 عاما خلفت إرث علمي واقتصادي عظيم استلهم من خلاله مئات الطلاب والباحثين والمؤسسات الأفكار الجليلة التي تعلموها منها وكانت أستاذة متميزة وأستاذة جامعية اشتهرت بطاقتها الايجابية وشغفها الدؤوب للعمل ، وطريقتها الواقعية، فكانت علاقاتها قوية ومحبوبة بين طلابها وزملائها ، حصلت إلينور أوستروم على ميدالية الجامعة، وهي أعلى جائزة تمنحها جامعة إنديانا ، في عام 2010، كما اُختيرت ضمن قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم في أبريل 2012.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال