الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقال سابق لنا، وأثناء التعليق على جائحة الكورونا وتحول التعليم في جميع المستويات إلى التعليم عن بعد ذكرنا أنه رب ضارة نافعة، والآن وبعد عودة التعليم في جميع المستويات والمراحل إلى التعليم المنتظم، نكرر القول ونقول رب ضارة نافعة.
ولكن لن تكون هذه الضارة نافعة في العملية التعليمية إن لم يتم أخذها كخبرة وتجربة في التعلم والتعليم. حيث إن عودة التعليم بعد الأزمة بنفس نظام وطريقة التعليم ما قبل الأزمة، سوف يجعل العملية التعليمية تبدأ من جديد، وتنتظر أي أزمة أخرى لا سمح الله لكي تتوقف وتتأثر.
نذكر أنه أثناء أزمة الكورونا تم تفعيل جميع الأنظمة وجميع وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بين الجميع بمسمى (السوشال ميديا) في خدمة العملية التعليمية، وكان لها أثر بارز في التوجيه، وفي عملية التعليم المستمر، والمتنوع، والمواكب للتغيرات العصرية الحديثة التي يدركها الناشئة من الطلاب بشكل قوي ومستمر. وظهر لها العديد من الإيجابيات، وكذلك ظهر لها العديد من السلبيات، ومن هنا يأتي مقال هذا اليوم كي يؤكد على ضرورة الاحتفاظ بالإيجابيات التي نشأت عن طريق التعلم والتعليم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الاستغناء عنها، بل يتم دمجها مع التعليم المنتظم.
حيث تظهر أحدث الأرقام التي أجرتها شركة “أوبيرلو” للإحصائيات؛ أن هناك 3.78 مليارات مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم خلال العام الجاري 2021، بزيادة قدرها 5% عن العام الماضي، كما أنه رقم يزيد بمقدار 920 مليونًا عن عدد المستخدمين الاجتماعيين في عام 2017 م حين بلغ عدد المستخدمين 2.86 مليار مستخدم، وهو ما يمثل قفزة كبيرة بنسبة 32.2% في خمس سنوات فقط وسيستمر نمو عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يتوقع أن يرتفع خلال العام المقبل 2022 إلى 2025 بنسبة 3,9%.
وتمثل الهواتف الذكية القوةَ الرئيسية في ارتفاع نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تُظهر الإحصائيات أن أكثر 91% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمون أجهزة الهواتف الذكية للوصول إلى الشبكات الاجتماعية. ويُتوقع أن يبلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حتى نهاية عام 2022 نحو 3.96 مليارات شخص ويرتفع الرقم إلى 4.41 مليارات شخص في عام 2025م.
هذا التوسع والانتشار يجعل من المهم، وفي الدرجة الأولى الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية، والخبرات والتجارب موجودة على الصعيد الدولي، فلقد أشارت إحدى الدراسات التي اهتمت بخبرات الدول في عملية التعلم والتعليم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أنه في الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي منفذة حديثــًا في كثير من المدارس والمعاهد الرسمية والخاصة، وتـُمارس على نطاق واسع من قِبل المُعلِّمين والطُلاَّب.
وكذلك جاءت دراسة حديثة قام بها مجموعة من الباحثين بجامعة مينيسوتا ذكرت أن 77% من عموم الطُلاَّب يدخلون إلى شبكات التواصل بهدف التعلُّم وتنمية المهارات والانفتاح على وجهات نظر جديدة، وأنه بحسب بيانات تم جمعها على مدار الستة أشهر الأخيرة لطُلاَّب تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 18 سنة، تبيَّن «أن الطُلاَّب الذين يستعملون مواقع الشبكات الاجتماعية، تطوَّرت مهاراتهم وإبداعاتهم على نحو جيد».
وفي إحدى الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا تشير الباحثة (كرستين جرينهو) إلى أن إدراج المناهج التعليمية في الشبكات الاجتماعية، ساعد على جعل المدارس أكثر أهمية وذات مـغـزى للطُـلاَّب، وصار المُعلِّمون قادرين على زيادة انخراط الطُـلاب في التعليم، ورفع الكفاءة التكنولوجية، وتعزيز روح التعاون في الفصول الدراسية، وبناء مهارات اتصال أفضل، وتـُضيف: «إن التفكير ليس فقط في دمج التكنولوجيا الخاصة بك، ولكن في خلق مهام أكثر إلحاحــًا، وسوف يتطوَّر التفكير الناقد وحل المُشكلات، والقدرة على المُشاركة العالمية لدى الطُلاَّب».
وفي التجربة الصينية يقول (سيمان تشيونغ) في كتابه الذي صدر حديثــًا، بعنوان (التعليم الهجين): «إن هذه الشبكات لها قـُدرة كبيرة في إيصال المعلومات إلى ذِهن المُتلقِّي بكُل سهولة وتلقائية، وإنني أدعو جميع مؤسساتنا التعليمية إلى التوسُّع في هذه التجربة، وتدقيق النظر في جوانبها النفسية والعملية، فهذا من شأنه إزالة الإحساس بالاغتراب الذي قد ينتاب بعض الطُلاَّب داخل قاعات الدروس، وسيُمكِّن من تجاوز الحواجز التي تفصل أحيانــًا بين الطُلاَّب والمؤسسات التربوية التي ينتمون إليها، وإن كُنـَّا في ذات الوقت لا ندعو إلى التجاوز المُطلق للطابع الرسمي لسير الدروس، بل يتم ذلك بطريقة مُتوازنة تضمن الاستقرار داخل المؤسسات التعليمية”.
ويشير الخبير في التربية الحديثة (فيليب تسانغ) إلى “إن التدرُج في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ضمن المُخطط التعليمي الصيني، يُمكن أن يُحقق المزيد من المنفعة للطُلاَّب، حيث يوفـِّر مبدأ التحفيز والترغيب، ويضمن الوصول بهم إلى أكبر قدر من الحماسة، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بدروس قد يراها البعض مُعقَّدة، منها على سبيل المثال دروس تعلُّم اللُغات الأجنبية، التي تعتمد بشكل أساسي على الانفتاح والحوار، والانسجام داخل المحيط الدراسي».
هذا المقال وهذا الاستعراض للإحصائيات والخبرات والتجارب يأتي بعد أن تم الإعلان عن عودة جميع مراحل التعليم في المملكة إلى التعليم المنتظم، وكذلك يأتي بعد أن أشار موقع Similarweb أحد أشهر مواقع الإحصاء على الويب، والذي يقدم تقارير شاملة وإحصائيات كاملة عن الدول منفصلة من حيث أكثر تطبيقات التواصل الاجتماعي استخدامًا والتطبيقات الأخرى سواء للاندرويد أو الايفون، أن أكثر شبكات التواصل استخدامًا في المملكة لعام 2021م هي على الترتيب كالتالي: واتس آب، تيك توك، ايمو، ماسنجر، فيجو فيديو، سناب شات، قوقل يو.
فمن هنا نشير إلى ضرورة وضع هذا البرامج ضمن خطط العودة للتعليم، وأن يتم الدمج بين عملية التعليم المنتظم والتعليم عن بعد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال