الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أو كما أحب أن أطلق عليهم أهل الحُسبة في المنظمات وأبطالها وبدون منازع هم منسوبي وحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية أو الشركات الربحية أو الجهات الخيرية. وعادة ما يميز منسوبيها حين تعاملهم مع باقي وحدات العمل في المنظمة بالأخلاق المهنية العالية والنفس الطويل بالإضافة الى الحذاقة العميقة والفطنة السديدة. قد يشوب أعمالهم بعض الشوائب لأسباب مختلفة ولذا وَجَبَ في هذه المقالة أن توضح دورهم الحقيقي والذي قد نشبهه بأعمال أجهزة الشرطة والمعروف عنها – كما ذُكر في الموقع الرسمي لوزارة الداخلية السعودية – بأنها هيئة نظامية خُصصت للمحافظة على الأمن والمحافظة على تطبيق النظام وتنفيذ أوامر الدولة وتعليماتها. ولكن قبل إيجاد تلك العلاقة بين وحدات المراجعة الداخلية وأجهزة الشرطة وَجَبَ توضيح مبادئ وأدوار المراجعة الداخلية حسب الأنظمة والتشريعات والمعايير.
نبدأ بأنظمة وتشريعات الدولة حيث حددت اللائحة الموحدة لوحدات عمل المراجعة الداخلية الصادرة من مجلس الوزراء برقم 129 في تاريخ 1428هـ بأن دور وحدات المراجعة الداخلية ينحصر في ستة أعمال وهي الحماية وضمان الدقة وضمان الفاعلية وتحقيق التقيد بالأنظمة والرقابة الداخلية والتواصل مع الجهات الرقابية الخارجية مثل الديوان العام للمحاسبة. ثم صدر تشريع لاحق من مجلس الوزراء ورقمه 412 في تاريخ 1441هـ وأضاف خمسة مهام لتلكم الوحدات وهي الحملات التفتيشية والمراقبة والتعامل مع الشكاوى وتنظيم الملفات والمعلومات الخاصة بأعمال المتابعة وأخيرا تنمية وتقوية مفهوم الرقابة الذاتية. ثم تطرق التشريع نفسه لتفصيل دور المراجع الداخلي في التعامل مع الشكاوى وقضايا الفساد بأنه المسؤول عن عملية التحقق الأولي كدور الشرطي في العمل الميداني ثم رفعه لوحدات عمل الشؤون القانونية من أجل عمل التحقيق اللازم والذي يتشابه مع أعمال النيابة العامة ثم ترفع وحدة الشؤون القانونية توصياتها لرئيس الجهاز لاتخاذ القرار المناسب وعمله كعمل المحاكم الجزائية في قضايا الفساد.
وإذا نظرنا الى مبادئ ومعايير معهد المراجعين الداخلين ومقره فلوريدا – الولايات المتحدة الأمريكية، فسنجد أن أفضل من لخص معاييره ومبادئه هي الجمعية السعودية للمراجعين الداخلين حيث أقتبس منهم بالنص “تنص المعايير المهنية للمراجعة الداخلية الصادرة من المعهد الدولي للمراجعين الداخليين على المراقبة الفعالة، وتقديم التقارير حول المناخ الأخلاقي للمنظمات، والضوابط الداخلية والتقييم المستمر للمخاطر، بالإضافة إلى تقديم التوصيات حول تحسين عمليات إدارة المخاطر”.
ومن باب الفائدة فإن الإمام أحمد الونشريسي المتوفى سنة 914هـ في كتابه الولايات والمناصب الحكومة الإسلامية والخطط الشرعية قد وضح أدوار وأعمال أهل الحسبة بقوله إنهم أهل مراقبة ومتابعة ولا يجوز لهم سن القوانين والأنظمة أو مراجعة حكام البلاد بالأحكام وإلا فأفعالهم تُعارض أعمال القضاة كما لا يحق للمحتسب ان يحكم ولا أن يقضي وإن فعل ففيه ظلم للعباد والبلاد.
وأخيراً وبعد أن تجولت هذه المقالة بين تعريف مبسط عن أجهزة الشرطة ثم انتقلت الى مبادئ ومعايير وأدوار وحدات المراجعة الداخلية وختمت بنزهة تاريخية سريعة، يمكن للمحترف أن يستنتج بأن وحدات المراجعة الداخلية يجب أن تلتزم بالعمل الرقابي باختلاف أدواته ومنهجياته وأساليبه ورفع التوصيات بكفاءة النظام وأن يتفادى بالكامل المشاركة في أي من العمليات التنظيمية أو التشريعية أو التنفيذية والذي قد يؤدي وبصورة واضحة لانتهاك ومخالفة إحدى أهم مبادئ الحوكمة وأقصد هنا مبدأ تعارض المصالح.
وتحياتي،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال