الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
للمشاكل النفسية الاجتماعية تأثير بعيد المدى على جميع القطاعات المجتمعية بما في ذلك قطاع التعليم. كما أن التأثير الاقتصادي للمشاكل النفسية والاجتماعية على قطاع التعليم له أهمية خاصة بالنسبة للأطفال والمراهقين. ومع ذلك؛ لم يتم التطرق في أغلب الدراسات التي تناولت اقتصاديات التعليم، أو اقتصاديات الصحة عن إدراج تكاليف قطاع التعليم في دراسات الاقتصاد الصحي فيما يخص المجال النفسي والاجتماعي.
ومن هنا تأتي الإشارة بأن كلفة الأفراد المتضررين من المشاكل النفسية والاجتماعية ليست فقط على الحاجة المتزايدة إلى الرعاية الصحية، بل أيضًا على المشاركة في التعليم والعمل. وبالتالي؛ فإن الأثر الاقتصادي للمشاكل النفسية والاجتماعية شامل لعدة قطاعات ولا يقتصر على قطاع الرعاية الصحية فقط، ومن أهم هذه القطاعات قطاع التعليم فيما يخص الجانب النوعي والكمي.
في الواقع، تحدث نسبة كبيرة من التكاليف المرتبطة بالمشاكل النفسية والاجتماعية في قطاعات أخرى غير الرعاية الصحية، بما في ذلك التعليم والعمالة والإنتاجية والرعاية غير الرسمية. ولكي يصل للقارئ الهدف من هذا المقال لابد من تعريف المشاكل النفسية والاجتماعية حيث يشار إلى أنها مجموعة من المشاكل النفسية (مثل صعوبات التعلم والقلق والقضايا السلوكية) والمشاكل الاجتماعية (مثل الصعوبات التعليمية أو الأسرية) التي تؤثر على سلوك المرء في الحياة اليومية، والبيئة و/ أو الأحداث الحياتية. وبما أن المشاكل النفسية والاجتماعية غالبًا ما تبدأ في التطور في مرحلة الطفولة أو المراهقة، فقد تحدث بدايتها خلال الفترة التي يحدد فيها الأفراد مساراتهم التعليمية. ولذلك، من المرجح أن يكون الأثر الاقتصادي للمشاكل النفسية والاجتماعية على قطاع التعليم واضحًا بشكل خاص في سياق الظروف الشائعة بين الأطفال والمراهقين (مثل التوحد واضطراب نقص الانتباه/فرط النشاط).
كما تبين الدراسات الحديثة بأن دعم وتعليم الطلاب الذين يعانون من مشاكل نفسية اجتماعية ينتج عنه تكلفة أكثر بكثير مما يعزى إلى أقرانهم. وكذلك فيما يخص العائد أيضًا يمكن أن تؤدي المشاكل النفسية والاجتماعية بين الأطفال والمراهقين إلى انخفاض الإنتاجية المدرسية، والأداء المدرسي، وزيادة الحاجة إلى دعم إضافي في المدرسة، والتسرب المبكر، وربما انخفاض التحصيل التعليمي، وكلها مرتبطة بخسائر مجتمعية إجمالية كبيرة وتكاليف مفرطة لقطاع التعليم على وجه الخصوص.
كما أظهرت العديد من دراسات الاقتصاد الصحي في المجال النفسي والاجتماعي أن تكاليف التعليم يمكن أن تشكل نسبة كبيرة من إجمالي التكاليف الصحية المتعلقة بالطلبة الذين يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية، بل ويمكن أن تكون هذه الفئة هي الأكثر تكلفة.
وفي أحدث الدراسات التي تطرقت إلى اقتصاديات التعليم فيما يخص الجانب الصحي؛ دراسة تم إجراؤها في الولايات المتحدة الأمريكية عن التقييمات الاقتصادية للصحة العقلية والتدخلات النفسية والاجتماعية والتعليمية وتكلفة المرض للاضطرابات العقلية والسلوكية والعصبية النمائية التي تتم من منظور مجتمعي في مجموعات الأطفال والمراهقين، وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن بنود التكلفة الأكثر شيوعًا هي التعليم الخاص، والتغيب عن المدرسة، وتراوحت نسبة تكاليف التعليم إلى التكاليف الإجمالية (للحالة/التدخل) بين صفر و67 في المائة، وكان المتوسط 18.5 في المائة. وهذا يشير وبشكل مباشر وقوي جدًا إلى تأثير الجانب الصحي الاجتماعي والنفسي على اقتصاديات التعليم.
نحن في زمن يمثل فيه جانب كفاءة الإنفاق الركيزة الأولى في كافة المجالات والتخصصات، ومن أهم هذه المجالات البحوث والدراسات العلمية التي تعني وتهتم بمعالجة المشكلات. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية البحوث البينية التي تدمج بين التخصصات بحيث يشارك فيها متخصصي كل جانب، فالبحث الذي يتناول اقتصاديات التعليم في الجانب الصحي من المهم أن يكون أعضاء الفريق فيه من متخصصي اقتصاديات التعليم ومتخصصي الصحة، والبحث الذي إدارة مؤسسات التربية الخاصة يتكون من متخصصين في إدارة المؤسسات ومتخصصين في علوم التربية الخاصة. هذه أمثلة فقط والهدف منها هو تحقيق كفاءة الإنفاق بدرجة عالية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال