زوجيات الحوكمة

إن التحدي الذي تواجهه هذه المقالة هو عمل إقران “تزاوج” بين مبادئ الحوكمة بهدف تحليل ثم ترسيخ تلك المبادئ في أذهان المختصين والغير المختصين في مجال الحوكمة. وهذا العمل إنما هو اقتداءً بما فعله العلامة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالي عندما حاول ونجح في تفسير إقران مفردات حديث الرسول عليه السلام (اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن. والعجز والكسل…الخ) وأسأل المعين في الإعانة في إنجاح إقراني “تزويجي” بين تلك المبادئ.

إقران الشفافية بالمساءلة. تعرف الشفافية بأنها حق أصحاب المصلحة بسهولة الوصول والحصول على المعلومات والأنظمة والتشريعات والانفتاح في العلاقة بينهم وذلك من خلال إيجاد أنظمة وسياسات من قبل إدارة المنظمة لتفعيل هذا المبدأ. والمساءلة تكون إحدى تلكم السياسات التي يجب أن تشارك مع الجميع والسياسة يجب أن تتضمن إقرار جميع المسؤولين في المنظمة بأعمالهم ونشر تقاريرهم الدورية حول سير عمل المنظمة بشكل يتم فيه توضيح قرارتهم وتفسير سياساتهم.

زوجية النزاهة مع المحاسبة. تعرف النزاهة بأنها مجموعة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والإخلاص في العمل، والالتزام بالسلوك القويم بمبدأ تجنب تضارب المصالح، والاهتمام بالمصلحة العامّة. ويستهدف هذا المبدأ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة منسوبي المنظمة. أما المحاسبة فنقصد بها خضوع جميع منسوبي المنظمة للمحاسبة عن أعمالهم بناءً على سياسة المساءلة من قبل أصحاب المصلحة أو حتى القضاء وللمحاسبة ثلاثة أوجه. أولاً، المحاسبة القانونية ونقصد به في حالة وجود إخلال قانوني في مطابقة تصرفات منسوبي المنظمة مع الأنظمة والتشريعات فتتم محاسبتهم. ثانياً، المحاسبة الإدارية فتتم في حالة وجود تقصير أو انحراف في سير العمل حسب المخطط. وأخيراً، المحاسبة الأخلاقية وتشمل الإخلال بالأمانة والصدق والعدالة وغيرهم. فالمحاسبة تعتبر رديف للنزاهة.

إقران المشاركة بالسيادة القانون. ونقصد بالمشاركة هو إشراك أصحاب المصلحة في عمليات تطوير الأنظمة والتشريعات والسياسات والخطط التنموية من خلال إبداء الرأي ومن خلال تقييم الأداء. أما سيادة القانون فالمقصود به هو خضوع جميع منسوبي المنظمة ابتدأ من رأس الهرم الى أصغر موظف في المنظمة على مبدأ العدالة والمساواة ودون تميز عنصري. والإقران بين هذا المبدأين هو وجود مبدأ ثالث مشترك هو العدالة في عمليات صنع القرار والأنظمة والتشريعات والعدالة في تطبيقها.

زوجية الفاعلية بالكفاءة. المعروف عن الفاعلية بأنها جودة الخدمات المقدمة لأصحاب المصلحة مثل المواطنين ورضاهم عن تلكم الخدمات، وهذه الفاعلية لن تحقق مبتغاها الا بعد تحديد مستوى كفاءة عالي في تقديم الخدمات لأصحاب المصلحة وفق سياسات عامة تهتم وتحدد الوقت والتكلفة الأنسب والمعقول والتي تتوافق مع معايير الجودة للخدمات التي تقدم للأصحاب المصلحة.

فائدتان: الفائدة الأولى: تختلف مبادئ الحوكمة بين المنظمات بإختلاف مراحل تفعيل الحوكمة وباختلاف المصادر مثل منظمة الأيزو أو البنك الدولي أو غيرهما. وفي هذه المقالة حاولت أن أحتوى جميع المبادئ وأسال الله أن أكون قد وُفقت. الفائدة الثانية: أحترتُ كثيراً في عنونة المقالة حيث أن “زوجيات” كلمة حديثة والمصدر لها “زوجي” ولكن أستعنت بما أقره مجمع اللغة العربية في جموع المصادر إن دلت على التنوع والتعدد وتعتبر لغة معاصر مألوفة في الأدب المعاصر. من أستطع أن يفتينا في هذه المسألة فليفعل ونحن له من الشاكرين.

وتحياتي،،