3666 144 055
[email protected]
الجري المساق لفئة عريضة من صغار المستثمرين وراء التوصيات على أسهم الشركات المدرجة كانت من الممارسات التي شهدتها كارثة سوق الأسهم عام 2006، واليوم تتزايد وتيرة وله هذه الفئة بالتوصيات ولتضع مدخراتهم في دائرة خطر الاستنزاف، مما يتنافى مع بناء مجتمع استثماري واعٍ، ليحافظ على الأقل على مدخراته من التآكل.
وهْم الثروة السريعة يشجع هذه الفئة التي تفتقد الفطنة الاستثمارية لدخول سوق الأسهم، وليكونوا ومن اللحظة الأولى ضحايا للتوصيات المضاربية التي في غالبها تقوم على توجيه سلوكهم وسيولتهم بلا إدراك، وبواسطة كثر ممن يسوقون أنفسهم كخبراء في تحليل أسهم الشركات، من خلال حسابات وقنوات على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل وخارج المملكة وبلا مقابل، مما يطرح تساؤلات عن من وماذا وراء هذه القنوات التي التي تظهر وكأنها لا تستفيد ماديا مما تقدمه من توصيات.
كما أن وفي ظل شح القنوات الاستثمارية، وضعف أداء محافظ السوق المتاحة وضعف رسالتها التسويقية، هناك فئة أخرى – تنعم بكم مقبول من المعرفة – ليس أمامها سوى دخول السوق بمفردها لبناء استثمار مستقر، ولكن تتأثر مع الوقت بما تراه لتساق نحو التوصيات هي الأخرى.
الحاصل مقلق، ويستوجب العمل على حماية صغار المستثمرين وتحضيرهم جميعا لما سيقبلون عليه، وهذه مسألة ربما حان الوقت لدراستها واعتبارها، فعلى سبيل المثال يمكن تحضير المستثمر المبتدئ – قبل فتح محفظته الخاصة – من خلال إلزامه باختبار مستوى لكي يعرف مدى أهليته ومن ثم تقديم دورة تعليمية تساعده في إدارة محفظته الخاصة بشكل مستقل، ولا يمنع أيضا من أخذه لدورة تنشيطية إلزامية كل ثلاث سنوات لتحديث المعرفة والتعرف على ما هو جديد في هذا القطاع الحيوي.
كما أن العمل على سلامة مدخرات المستثمر الصغير الفرد، يحتم لدعمه بعدة دورات تؤخذ إما طوعا أو إلزاما في مواضيع هامة مثل إدارة المخاطر وأخلاقيات التداول والتشريعات والعقوبات التي تنتظر المتلاعبين، فالجهل بأساسيات السوق والاستثمار فيه لا يقل خطورة عن التلاعب والتحزب المتابعان والمحاربان لسلامة الجميع.
هنا، يظهر دور الأكاديمية المالية (أشرف على تدشينها هيئة السوق المالية والبنك المركزي السعودي ولتصبح كيان مستقل في عام 2020) التي أبهرت الجميع بما تقدمه من البرامج والدورات العامة والتخصصية في المالية والاستثمار، من ضمنها دورة في الاستثمار في الأسهم للتعرف على طبيعة الأسهم بشكل علمي وعلى القطاعات الاستثمارية وكيفية تحليل بيئاتها الاقتصادية، لصناعة قرار الاستثمار ومن ثم اتخاذه بمستوى عالي من الطمأنينة.
هذه بداية وستكون لها نتائج فعّالة وفورية، مثل رفع مستوى وعي صغار المستثمرين الأفراد، وليشهد السوق حراك ذو قيمة مضافة لهذه الفئة، وأيضا ستحرج الكثير من مدعي التحليل والتوصيات لأنهم سيواجهون فئة من الصعب استغفالها مما سيقلل من عدد تواجدهم مع الوقت، كما أنها ستتيح الفرصة لظهور الفئة المؤهلة والمعتمدة من المختصين المستقلين في سوق الأسهم السعودي لدعم صغار المستثمرين بشكل مهني.
التشريعات والمراقبة والمحاسبة – وكلها أدوات قوية وتزداد فعاليتها يوما بعد يوم – بحاجة لما يدعمها من الجهة المقابلة والمتمثلة في موثوقية مستوى الوعي والثقافة الأساسية عند صغار المستثمرين الأفراد، خاصة الشريحة التي تفتقد للفطنة الاستثمارية المؤهلة أن تزداد عرضا مع الوقت، ولا بد من اللحاق بها وحمايتها من الانزلاق وراء التوصيات التي لا يعرف ماذا وراءها، لذلك فإن الحراك في هذا المضمار مطلب لتجفيف مستنقع التوصيات المستنزف لموارد هذه الفئة في المجتمع، وأيضا حماية لأكبر سوق في المنطقة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734