3666 144 055
[email protected]
كثير من مشاريع التحول بغية التطور في العديد من المؤسسات التي تعاني من هيكلة مترهلة وبقيادات غير مؤهلة ومفتقرة للمخزون الثقافي والوعي الحضاري، تكون مخرجاتها مشوهة أو لا تعيش طويلا أو في بعض الأحيان تكون جنينًا ميتًا من البداية بالرغم من التحضير والتنفيذ لها بشكل جيد فنيا، وغالبا السبب هو الخطأ المتكرر في كون أن ما يركز عليه هو جناح واحد في عملية التغيير مع إهمال للجناح الآخر.
بينما يكون العمل جاد في جانب تطوير الأنظمة والإجراءات والهيكلة (Management of Change)، يهمل أو لا يعطى جانب الموظف (Change Management) القدر المفترض في معادلة التغيير، والذي يكون لديه مخاوف ويتساءل إذا ما كان سيتأثر مالياً أو معنويا أو ستتأثر بيئة العمل سلبا عليه، وهذا الخطأ يحصل في الكيانات التي يكون فيها منسوبيها آخر اهتماماتها.
عدم إيلاء اهتمام جاد لإدارة المخاوف وبشكل مستمر قبل وأثناء وبعد العمل على ترسيخ التغيير نحو التطور بالكامل – في طبيعة ومكان العمل – لا يؤدي فقط إلى فقدان الزخم أثناء التنفيذ بل وتآكل فوائد التغيير المناط بعد تنفيذه، فتجاهل الاهتمامات الشخصية لمنسوبي المؤسسة الذين من المفترض أنهم جزء من عملية التغيير، يكون ضارًا خاصة لقيادات هذه المؤسسات التي ستظهر فاشلة في لحظة ما لا محالة، لا سيما إذا بدأ التسرب الوظيفي في صفوف الشباب أو تعمق الشعور بالإحباط بعد تنفيذ مشروع التحول.
لذلك، يحتاج مدراء التغيير إلى تحديد السلوك الذي يشير إلى عدم وجود التزام أو معارضة للتغيير، ومناقشة هذه السلوكيات مع الموظفين ومعالجة القضايا التي قد تكون مصدر قلق لهم، مثل إهمال الموظفين المهمين في المنظومة واحتمالية حصول قلب للهرم بصعود عديمي الكفاءة فوق أصحاب الخبرات والكفاءات، أو احتمالية حصول اسقاط برشوتي للعنصر النسائي في بيئة رجالية، أو الأمن الوظيفي، الأثر المالي، علاقات العمل، مستويات المسؤولية، واحتياجات التطوير، وهذا لا بد أن يحصل من البداية لمواجهة المخاوف الشخصية عند الموظفين، وأيضا التحضير لمعالجة ردود أفعالهم تجاه تطبيقات التغييرات من أجل تقليل حالة القلق وعدم اليقين.
ظهور عدم الالتزام أو معارضة التحول يكون نتيجة حالة عدم اليقين عند الموظف بسبب نقص المعرفة أو عدم القدرة على التنبؤ بالظروف والشعور بفقدان السيطرة والذي بدوره يؤدي إلى التوتر، وهذا يوجب أن يشارك الموظفين بشكل فاعل في كل مراحل عملية التغيير، بما فيها المشاركة في صنع القرار المتعلق بالتغيير المراد، مما يساعد في تقليل مستوى عدم اليقين وتعزيز شعور الموظفين بالسيطرة على ظروف عملهم.
بدون خطة عمل تساعد منسوبي المؤسسة على بناء الالتزام والقدرة على امتلاك التغيير- من خلال إشراك الموظفين في تحديد المشكلات ثم صياغة الحلول لها، وتعزيزهم بالحوافز والمكافآت المادية الملموسة أو المعنوية تقديرا لانجازهم ومشاركتهم في المشروع – سيكون نتاجه تجاهلهم التغيير الذي تحتاجه المنظومة، خاصة من قبل الموظفين الرئيسيين المتأثرين، وهذا يلزم قيادات التغيير على إدراك وفهم شواغل وقلق وعدم اليقين الناجم عن التغيير المحتمل عندهم، والاستجابة لتأثير التغيير لا سيما من خلال تحديد الاستعداد وملكية التغيير بين الأفراد والفرق ذات الصلة.
لا يمكن لأي مشروع تطور في داخل أي مؤسسة أن ينجح مادام الجانب العاطفي لمنسوبيها مهملا، وهنا فإن إحتمال قدرة قيادة هذه المؤسسة على تنفيذ وإدارة التغيير بنجاح بدون جاهزية منسوبيها للتغيير، سيكون الفشل هو النتيجة الوحيدة المتوقعة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734