3666 144 055
[email protected]
تكتشف قيادة منشأة بعد تنفيذ مشروع تغيير، أنه لم يتغير شيء في نمطية الأداء أو تطور المكاسب كما كان المأمول فيه، وهذا طبيعي وإن كانت النيات صادقة في عملية التحول والتطور، لأن منسوبي المؤسسة ليسوا سوى سجلات رقمية وآخر اهتمامات الإدارة، لذلك فإن أي عملية تطور لا تعطي ما هو متوقع منها، وقد تُطُرِّقَ لهذا الموضوع في مقال الأسبوع الماضي (الرابط)، ولكن هناك قيادات في مؤسسات تهتم بمنسوبيها فعلا وببيئة العمل وتفشل أيضا، فما هو السبب؟
بيئة العمل تتمثل في الموقع الذي يُستخدم لأداء مهمة معيّنة حتى الانتهاء منها، وتشمل بيئة العمل المكان الجغرافي والمنطقة المحيطة بأداء العمل، مثل المكاتب ومباني المنشآت ومميزاتها الترفيهية، والمصانع وسلامة مخططاتها ومستوى الضوضاء فيها، وهذا كله صحيح ونرى الغالبية يهتمون بهذه المسألة، بل وتصل لمرحلة الإبهار إعلاميا وتسويقيا.
إلا أن السبب الرئيس في نجاح بيئة العمل الداخلية تقوم على عامل عادة ما يتم تجاهله – بقصد أو بدون قصد نتيجة ضعف الخبرة الإدارية أو شح في المخزون الثقافي – وهو العلاقة مع وبين الموظفين الذين بأيديهم نجاح أو فشل عملية التغيير.
لا تكون المصداقيّة – وهي أهم مؤشر قياسي لمدى رؤية الموظّفين لصدق الإدارة معهم – محل اهتمام جاد، مما يتسبب في إيجاد فجوة بين ما تدعيه الإدارة وبين ما تمارسه على أرض الواقع، فمصداقية وموثوقية الإدارة عند الموظف هي ما تدفعه ليبدأ على الفور للتعرف على العناصر المُؤثرة على نجاح المنشأة التي يعمل بها، خاصة إذا تعرف على مدى أهميته في المنشأة ولرؤيتها نحو تحقيق أهدافها، فيكون النتاج هو أن يركز الموظف على تنفيذ مهامه بكل جدية.
كما أن عامل الاحترام – مقدار ومستوى احترام الإدارة لكافة الموظفين – مسألة دقيقة، وتظهر ليس عن طريق الادعاء، ولكن من خلال التقييم والرعاية والتعاون الذي يحصل عليه الموظف أثناء تعامله مع إدارته وزملائه والجمهور، وتوفير كافة الموارد التي تنجحه في أداء مهمته، والتدريب والتطوير المستمر، وتقدير إنجازاته الوظيفيّة.
وتأتي مسألة العدالة وهي مؤشر قياس إدراكي ملموس عند الموظف بصرف النظر عن درجته العلمية أو مستواه الوظيفي، لأنها عادة تكون مرتبطة بسياسات الشركة المنصفة والتي تعطي الموظف مكانته المناسبة وتحميه من تنمر عملائه أو زملائه أو حتى رؤسائه، وهذا المبدأ نراه بوضوح في الشركات التي لا تسمح لمزاجية أي من كان في قيادتها الإدارية أن تعطل مبدأ الحيادية فيها والتأكد (بالمتابعة والمحاسبة) لتطبيق مبدأ العدالة داخل بيئة العمل، وتحقيق التوازن في التعامل مع جميع الموظفين وخصوصاً في مجال فتح الفرص وتقديم المكافآت.
إضافة للبناء الغني لمفهوم الزمالة كما هو حاصل في الأجهزة العسكرية لإيجاد الألفة واللحمة بين الموظفين والنجاح المشترك في أداء المهمة الوظيفية التكاملية، لابد أن يدعم الموظف لكي يفتخر بنفسه وإدارته وزملائه ومنشأته أثناء تنفيذه لعمله، وهذا يتطلب تقدير مستمر من الإدارة لمشاعر الموظف تجاه وظيفته، ومجموعة العمل أو الفريق الذي يعمل معه، وبيئة عمل هذا الموظف المُرتبطة مع المُنشأة.
لا شك في أن بيئة العمل تعتبر مسألة معقدة بسبب العلاقات المتشابكة بين البيئات الخارجية والداخلية والعامة والخاصة، إلا أن في خضم هذا الترابط الذي يحتاج أيدي ماهرة للتعامل معه، تظل العلاقة مع وبين الموظفين أمرا مفصليا في نجاح مشاريع التطور، وللأسف مهملا عند الكثير.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734