الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الخوف شعور إنساني طبيعي له مسبباته وأبعاده ويختلف باختلاف الأشخاص والجماعات والبعض منه مبرر والبعض عكس ذلك، لكن ما أنا بصدد الحديث عنه هو الفجوة السوقية التي يتركها الخوف.
خذ مثالاً قطاع التأمين، فهذا القطاع يقوم في الأساس على مخاوف البشر على تجارتهم وممتلكاتهم وصحتهم بل قد يصل الأمر لأن يخافوا على حياتهم حتى وإن كانت احتمالية وقوع ما يقلقون حياله تحت واحد بالمليون. هذا النوع من الخوف خلق قطاعاً تراكمت خبراته عبر السنوات وأصبحت شركاته تحقق عوائد كبيرة في شتى بلدان العالم بسبب بيع الشعور بالأمان.
شكل آخر من أشكال صناعة المال من الخوف هو ما يصحب الأزمات والاضطرابات السياسية والاقتصادية من قلق و تخارجات مهولة في أسواق المال ولجوء للذهب كملاذ آمن بينما من يحتفظون بالكاش على أحر من الجمر ينتظرون هذا الهلع لامتلاك الأصول والأسهم ربما بأقل من نصف قيمها العادلة لإيمانهم بأن الأسواق تصلح نفسها في النهاية مهما كانت الظروف.
وبالحديث عن الاضطرابات السياسية بالتحديد فالجميع يعلم أن شركات تصنيع الأسلحة تحتفل في مكاتبها التي تفوح منها رائحة البارود بأي بوادر حرب بل قد تساهم في تأجيج الأوضاع والضغط على السياسيين لإطالة أمد الحروب وعرقلة الحلول الدبلوماسية لبيع أكبر كمية من السلاح لأن بقاء الدول في حالات حرب أو خوف من تهديد محتمل يجعلها في حالة تسلح مستمر وإذا ما عرفت قوة تأثير جماعة ضغط شركات السلاح في الولايات المتحدة مثلاً (أقوى دولة في العالم) على قرارات الرئيس والكونغرس فسأترك مساحةً لخيالك ليتصور مدى قوة تأثير آلتها الإعلامية في بث الذعر والخوف.
ختاماً، يوجع الكثير من الناس (خصوصاً الرعيل الأول) أسماعنا بندمهم على عدم شراء هذه الأراضي أو تلك والتي تضاعفت قيمها عشرات المرات لكنني دائماً أتمالك نفسي قبل أن أوشك أن أفجر آذانهم بقول “لأنكم ضعفاء” لقناعتي أنهم خسروا الملايين وربما المليارات بخوفهم واكتنازهم للأموال لفترة مبالغ بها حتى أكلتها دودة التضخم ولو تحلوا بذرة جرأة وشجاعة لكانت تكلفة الخوف عليهم وحتى على أبنائهم وأحفادهم صفرية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال