الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخيل معي أن يعتمد كل معلم أو جهة من معالم المدينة توظيف مسؤول عن ذاكرة المكان وتاريخه مهما كان نوع هذا المعلم. وحين أشير إلى هذا الأمر فأنا أعني اهتمام جميع الجهات مهما كانت طبيعتها أو نوعها بقصة المكان وذاكرته، سواء أكان المعلم الذي نتحدث عنه ملعبا رياضيا، أو مجمعا تجاريا، أو حتى جامعة أو مدرسة.
هذا الشخص الذي أتمنى أن نراه لا ينبغي أن يكون حاضرا فقط للتعريف بالمكان بمعناه البسيط، بحيث يقوم بترديد نسخة مكررة لقصة يتم عرضها بأسلوب روتيني لكل زائر. لكني في حقيقة الأمر مؤمن أن اختيار شخص بمواصفات دقيقة، وشخصية جاذبة قادر على التفاعل مع كل زائر ليقوم بعملية التوثيق لكل فكرة، أو قصة جديدة يمكن أن تضيف للمكان رونقا وبهاء.
داخل كل منا تعيش الكثير من الذكريات التي لا ينبغي أن نتركها حتى تندثر مع الوقت. فهناك قيمة حقيقية للقصة تغيب عن أذهاننا حين ننسى أن ما نحمله من حكايا ربما يكون مكمل لقصة أخرى فيسهل علينا بعد ذلك الربط أن نصنع جوا من التسلسل الماتع للأحداث.
كم مرة التفتت على أحد الشوارع وأنت تمر من خلالها في مدينتك لينتابك شعور غريب وتتذكر موقف لا يمكنك نسيانه. كم مرة شعرت أن لديك قصة تعتقد أن من حق الآخرين أن يشاركوك جمالها، أو في أقل الأحوال تعتبرها حدث عام من الجيد أن يتعرفوا عليه.
صحيح أن لدينا متاحف ومعارض، لكن المسؤولية من وجهة نظري أكبر من أن تنحصر في جهة واحدة تعمل على وضع منهج عام. لا سيما وأننا هنا نحاول صناعة تاريخ يهتم به جميع سكان المدينة وقاطنيها، وليس فقط زوارها من السياح
سمعت قبل مدة ليست بالبعيدة عن فكرة إٌقامة مهرجانات للأطفال في مراكز المدن تهتم بتدوين أفكارهم، ورؤيتهم لمستقبل المدينة التي يعيشوا فيها، على اعتبار أنهم أولا وأخيرا سيكونون مسؤولون عن تلك المدن مستقبلا. بدأت أتأمل بعد ذلك في أهمية القصة بالنسبة لأي مدينة، وكم تمثل نسبة السكان الذين لديهم القدرة على سرد قصة مدينتهم بشكل جيد. ومع أن البعض قد يعتبر المسألة جهد مهدر، حيث يرى هؤلاء أن جدول الأولويات في إعداد استراتيجيات المدينة يحتم عليهم التركيز على جوانب أخرى يعتقدون أنها أكثر أهمية، لكنني وبكل موضوعية أقف في صف المؤيدين لأهمية السرد القصصي بالنسبة لأي مدينة تحاول أن تبث الروح بين جنباتها.
القصة هي في حقيقة الأمر الروح التي تربط عاطفتك بأحياء المدينة وجدرانها حتى تصبح جزءا لا يتجزأ منك. ذاكرة المكان هي الدافع الأساسي للاشتياق الذي يهز وجدانك فيبعث عاطفة تتجدد مع كل مناسبة.
وهنا أحب أن أرسل لك عزيزي القارئ رسالة هي بمثابة دعوة شخصية لتوثق قصتك مع المدينة، وتشارك الآخرين تفاصيل الرحلة الجميلة، فنحن جميعا مسؤولون عن خروج هذه التحفة الفنية التي نتشارك السكن فيها بأجمل صورة وحال. فالمدينة نصنعها للأجيال القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال