الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
غالباً ما تأتي الأزمات بالفرص ومنها الصناعية. وقد كتبت سابقاً حول ازمة كورونا والفرص الاستثمارية الصناعية التي نشأت عنها. ولعلي اشير إلى ازدهار صناعة الكمامات، والمعقمات، واللدائن، والتعبئة والتغليف، وغيرها مما انتعشت صناعته أثناء الجائحة واستمرت نظراً لوجود طلب مستمر. اليوم، يشهد العالم أزمة روسيا وأوكرانيا حيث أصبحت حديث الساعة. وبعيداً عن السياسة، أعتقد بأن من الفطنة بمكان البحث عن الفرص ومنها الصناعية والتجارية في هذه الأزمة.
فيما يتصل بالسلع، صدرت أوكرانيا للعالم ما قيمته ١٨٥ مليار ريال في عام ٢٠٢٠، منها ٥٠٪ تقريباً للقارة الأوروبية حيث تأتي صادرات الحديد في المرتبة الأولى، يليها الآلات والمعدات والأجهزة المنزلية ثم المنتجات الزراعية بأنواعها ثم عدد من المنتجات الأخرى المتنوعة.
أما صادرات أوكرانيا بشكل عام تأتي في مقدمتها الزراعيات ثم عدد من المنتجات منها الحديد، والآلات والمعدات، والبلاستيك، والسماد، وزيت الطهي، وخام الحديد، والخشب، والكابلات، والمحركات النفاثة، واللحم، والألبان، ومحركات الصواريخ، والأسلحة، وغاز الأمونيا، وقاطرات السكك الحديدية، والأحذية، ومضخات السوائل، والجلود والفراء، والعسل. أما فيما يخص الخدمات، فهي تصدر خدمات تقنية المعلومات والطاقة.
وإذا ما تمت مقارنة السلع التي تصدرها أوكرانيا، بما يتم انتاجه في المملكة، فإننا قد نجد عدد من الفرص تتمثل في عدد من المنتجات ومنها الحديد، والآلات والمعدات، والبلاستيك، والسماد، وزيت الطهي، والكابلات، واللحم، والألبان، ومضخات السوائل، والجلود والعسل.
ومن المعلوم تجارياً بأن السوق لا ينتظر (حل الأزمة)، بل ستتم تلبية الطلب بمنتجات أخرى من دول أخرى بناءً على قوى العرض والطلب، وهنا قد تكمن الفرصة للمصانع الوطنية والتي تنتج ذات المنتجات التي اشرت لها أعلاه على سبيل المثال لا الحصر.
كل ما يحتاجه المصنع ليقوم باستغلال الفرصة المحتملة هو معرفة الدول التي تستورد من أوكرانيا، ومن ثم استهدافها فوراً بالتسويق والترويج لمنتجاته، في محاولة لاستقطاع جزء من السوق. ولمعرفة هذه المعلومات، يستطيع المصنع البحث عبر موقع قاعدة بيانات احصائيات التجارة الدولية comtrade.un.org التابع للأمم المتحدة، أو موقع مركز التجارة العالمية intraccen.org التابع لمنظمة التجارة العالمية بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وقد ذكرت صادرات أوكرانيا إلى أوروبا أعلاه للتذكير بأن صادرات أوكرانيا ليست محصورة على المنتجات الحيوانية والزراعية خصوصاً مع وفرة هذه المنتجات محلياً في الدول الأوروبية. وقد توقفت عند المنتجات الأخرى التي يتم تصديرها من أوكرانيا للدول الأوروبية في إشارة إلى احتمالية وجود فرص تصدير على المدى القريب. وحتى إذا ما انفرجت الأزمة، فقد تعلمت الدول من أزمة كورونا درساً وهو تنويع مصادر الامدادات (الاستيراد) للحفاظ على سلاسل امداد مستدامة وإن اختلفت التكلفة في إطار المقبول. وبالتالي، قد تنشأ فرص تصديرية تستحق البحث لمن يرغب في أسواق تصدير جديدة.
أما الفرص الأخرى التي قد تنشأ فهي تتمثل في احلال الواردات في السوق المحلي بمنتجات بديلة إذا ما توفر البديل المحلي. فعلى سبيل المثال، قد تشكل منافسة الشعير السائب للأعلاف المركبة تحدياً لمصنعي الأعلاف المركبة سواءً في أسعار البيع أو رغبة العملاء. وفي ظل احتمالية وجود فرصة، فقد تكون الفرصة سانحة لمصنعي الأعلاف المركبة لأخذ حصة من سوق الشعير السائب، ورفع الطاقات الانتاجية لمصانع الأعلاف مما يحقق اهداف اقتصادية على مستوى الاقتصاد الجزئي أي المصنع، وكذلك الاقتصاد الكلي أي ميزان المدفوعات. ولربما قامت وزارة البيئة والمياه والزراعة، باستغلال الفرصة لتجديد حملتها التوعوية للتسويق والترويج لحث مربي الماشية على شراء الاعلاف المركبة كبديل للشعير السائب، فيما تحث وزارة الصناعة والثروة المعدنية مصنعي الأعلاف المركبة على انتهاز أي فرصة قد تلوح في الأفق.
وفي النهاية، نسأل الله أن يعم الأمن والسلام وتنتهي الأزمة بشكل سريع، لكن ذلك لا يعني عدم استغلال الفرص التي قد تلوح في الأفق. ففي النهاية، الأزمات تخلق فرص، والسوق لن ينتظر طويلاً حتى يصحح من نفسه بناءً على قوى العرض والطلب.
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال