الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حملات المقاطعة التي يستخدمها المستهلكون هي من أقدم الطرق الفعالة لإيصال صوتهم للشركات. ولعل من أقدم حملات المقاطعة في تاريخنا ما ذكره الأثر عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما اشتكى الناس إليه غلاء اللحم، فقال أرخصوه واتركوه لهم. والأشهر منها ما حصل في القرن السابع عشر من مقاطعة منتجات شركات السكر التي تستخدم الرقيق للإنتاج. أما محلياً فلعل من أشهر حملات المقاطعة ما حصل في عام 2016/2015 كردة فعل من المستهلكين ضد إحدى شركات الألبان والإتصالات وذلك اعتراضا على ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات آنذاك.
خلال الأيام الماضية شاهدنا حملة مقاطعة لإحدى العلامات الشهيرة للشاي وذلك بعد التغطية الإعلامية التي انتشرت لمشاركة بعض المشهورات اللاتي أدين العرضة الشعبية والذي اعتبره بعض المشاهدين منظراًمسيئاً ومعارض للعادات والتقاليد السعودية، ومما زاد الوضع حدة هو تصريح بعض المشاهير بأنهم لن يقوموا بتلبية دعوة تلك العلامة التجارية نظراً للتجاوزات التي حصلت. ولو سلمنا جدلاً أن حملة المقاطعة لم تٌفتعل من قبل المنافسين وأنها حقيقية تعكس ردة فعل المستهلكين، فهي بلاشك اشتهرت وكان هناك هاشتاق عن الحملة باسم العلامة التجارية في منصة تويتر وكان فيه الكثير من ردات الفعل المصورة والمكتوبة عن تفعيل المقاطعة، ثمتبعها هاشتاق لدعم تلك العلامة التجارية بغرض التعاطف والمؤازرة لتلك العلامة وصاحبها.
تلك الأحداث أثارت نقاشاً تسويقياً عن ماهية التصرف الصحيح لو كنت مديراً للتسويق أو للعلاقات العامة لتلك العلامة التجارية؟ هل يكون هناك خطاب اعتذار عما حصل؟ أم التجاهل وكأن شيئاً لم يحصل؟ أم الرد بحملة اعلانية أخرى يوضح فيها احترام تلك العلامة للعادات والتقاليد مصحوباً بخصومات وعروض حصرية ؟ أم الإحتفال بنجاح الحملة كونها أصبحت ترند وزاد الوعي عن العلامة التجارية لفئات كبيرة من المستهلكين وبالتالي تم تحقيق أهداف الحملة بنجاح.
الحقيقة برأيي أنه لا يوجد حل سحري موحد يتناسب مع جميع الأحداث. فخطاب الإعتذار خطوة أكدت فاعليتها في كثير من الأحداث السابقة، ولكن ليست بالضرورة أن تكون هي الاستراتيجية الأنسب في حالتنا هذه، كذلك في حالة التجاهل أو التشتيت بحملة أخرى. وبرأيي أن بوصلة اختيار أي من الإستراتيجيات السابقة تحددها أرقام المبيعات. فكثير من الحالات تكون الحملات في منصات التواصل الاجتماعي شئ، والواقع شئ آخر. فليس بالضرورة أن الحملات السلبية المقامة ضد الشركات في قنوات التواصل الاجتماعي تعكسالحقيقة ورأي العملاء. لذلك، الحل الأنسب برأيي هو التريث بعض الشيء وانتظار أرقام المبيعات خلال اليومين الأولين بعد الحملة، فإن شهدت انخفاض كبيراً، لزم التحرك باعتذار مباشر وتوضيح يتم صياغته باحترافية عالية وحكمة، وإن كانت الأرقام غير ذلك، فيتم اختيار الاستراتيجية الأنسب بناء عليها.
الأمر ليس بالسهولة المتوقعة واتخاذ القرار في تلك الحالات يكاد يكون من أكثر القرارات الصعبة لأي مدير تسويق أو علاقات عامة لأن أي قرار أو ردة فعل سيتم اتخاذها سيكون لها أبعاد متوقعة وغير متوقعة تؤثر على المدى المتوسط والبعيد على اسم ومبيعات العلامة التجارية خصوصاً لو كان هناك منافسين شرسين.
خلاصة القول، لا يوجد حل واحد متفق عليه لمواجهة حملات المقاطعة بالشكل المطلوب، فلكل حالة ردة فعل تتناسب معها، ولابد من وجود خطة لإدارة الأزمات عند التخطيط لأي حملة إعلانية موجهة للمستهلكين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال