الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حالتان من استئصال الرحم في انجلترا انتهتا بتسوية مالية. الحالة الأولى، كانت في لندن في مستشفى الملك جورج حيث دخلت السيدة نينا في 21 سبتمبر 2015 بناء على موعد ولادة مفترض من طبيبها، بيدَ أن الولادة تأخرت أربعة أيام، وفي اليوم الرابع شرعوا في توليدها فلما خرج رأس الجنين ظل معلقاً، فبُذلت محاولات لإخراجه عن طريق Ventouse (الشفط) لكنها باءت بالفشل. فأُخطرت الأم بضرورة إجراء عملية قيصرية، وفي أثناء ذلك أُصيبت مثانتها بجرح فنزفت كثيراً رغم أن طلفلتها خرجت سليمة. ومع محاولات الفريق للسيطرة على النزيف، إلا أنه استمر ساعة ونصف نتيجة لعدم كفاية الدم الموجود في المستشفى، ففقدت كمية كبيرة من الدم. وعلى إثر ذلك زادت ضربات قلبها، مع انخفاض حاد في ضغط الدم فأدخلت العناية المركزة.
ونتيجة لاستمرار النزيف اضطر الفريق الطبي إلى استئصال الرحم حيث استغرقت العملية ثلاث ساعات، وأمضت الأم عشرة أيام في المستشفى. وبعد خروجها ظلت عاجزة عن المشي والقيام بشؤون أسرتها بما فيها ابنتها، كما أن فشل العملية تسبب باضطراب العلاقة مع زوجها وقد كانت خطتهما إنجاب طفلين على الأقل.
لذلك، استعانت بالمحامي: مارك بومان؛ لرفع قضية (إهمال) ضد قسم أمراض النساء في المستشفى. وسعى مارك في الحصول على تقرير خبير يوضح فيه ضعف رعاية المستشفى لها من استشاري تخدير واستشاري توليد، مع تقارير عن حالتها الحالية عقلياً وجسدياً، إضافة إلى خطر حدوث مشاكل في المستقبل.. وأخيراً، وافقت إدراة المستشفى على الدخول معه في مفاوضات تسوية حيث قدم عرضاً بتعويض الأم بمبلغ قدره 80 ألف جنيه إسترليني.
أما الحالة الثانية فقد كانت مع أنجيلا حيث انقطع الطمث عنها فعانت من نزيف بسبب هبوط الرحم، فخضعت لعلمية استئصال في مستشفى رويال أولدهام، بيدَ أن طريقة الاستئصال صاحبها أخطاء، ذلك أنها بعد خروجها من المستشفى بأيام ارتفعت حرارتها مع آلام في ظهرها. فشخصها طبيبها العام بالتهاب المسالك البولية فوصف لها مضادات حيوية. لكن ذلك لم يجدِ فساءت حالتها وصحبها انتفاخ بطني تدريجي مع مشاكل في أمعائها لبضعة أشهر. ثم باتت أنجيلا لا تستطيع الجلوس بسبب آلام فاضطرت إلى دخول المستشفى مرة أخرى حيث تفاجأت – بعد الفحص – بوجود ناسور في أسفلها، مما اضطُر إلى إجراء عملية لتنظيفه إلا أن الناسور – بعد ذلك – بقي ملتهباً ولم يلتئم. حصلت على توصية من طبيب بإجراء جراحة كبرى في البطن، لكن نظراً للمضاعفات وخطر الإصابة بالأمراض؛ رفضت أنجيلا الخضوع لعملية جراحية. وبعد استشارة طبيب استشاري رأى بأن المشكلة قد تكون في نسيان قطعة (شاش) داخل البطن أثناء معالجة الناسور. اضطر أخيراً المستشفى إلى تقديم تعويض مالي بقيمة 3751589 جنيهاً إسترلينياً بعد تبادل أدلة الخبراء.
تلك حالتان قد تحدث في أقسام النساء والولادة، إذ قد يضطر الفريق الطبي إلى استئصال الرحم لمضاعفات حصلت بعد الولادة، وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة مستمرة. وهي مضاعفات متوقعة، وعادة لا توصف بأنها إهمال طبي، غير أنه في حالة ظهور أي من المضاعفات، فعلى الطبيب تحديد الإصابة ومعالجتها قبل تسببها في مزيد من الآثار الذي لا يجبره إلا التعويض كما حدث في المثالين المذكورين. يمكن أن يختلف مبلغ التعويض استناداً على شدة المضاعفات والآثار اللاحقة حيث نلاحظ الفرق المالي الكبير في التعويض بين الحالة الأولى والثانية نظراً لترتب ضرر دائم مع تطلب رعاية طبية مستمرة.
وبقراءة الحالتين السابقتين نضع ملاحظات يتنبه لها ذوي الشأن:
أولاً: أن الخطأ الذي حصل في الحالتين سببه سرعة تدخل الفريق الطبي لإنقاذ الحالة دون أن يتخذ تدابير في التقليل من مضاعفات الإجراء.
ثانياً: أن تعويض الضرر شمل المادي والمعنوي، لوعي المتضرر بحقه ولو بعد حين.
ثالثاً: أن أهل المريض عادة يكون تفكيرهم في تجاوز الحالة بسلام فيكون التفكير منصباً على ذلك، حيث ترتفع أكفّ الضراعة والابتهال.. ثم ينتهي الأمر دون تفكير في أي آثار قد تحصل لاحقاً. مع أنه قد تتولد مضاعفات أو آثار لا تظهر عادة إلا تدريجياً. هذه المضاعفات قد تكون مباشرة أو متأخرة، فأما المباشرة فيمكن تدراكها، في حين أن اللاحق قد يُغفل عنه.
رابعاً: مع حرص النظام وثقتنا بأطبائنا، إلا أنه لا غنى عن الملاحظات السالفة، حيث يجب الحذر وعدم التساهل فإذا كانت هذه الحالات قد وقعت في بيئةٍ ثقافة الوعي بالحقوق فيها متجذرة، مع أسبقية الطب وخبرات الأطباء وقوة القانون؛ فكيف بمجتمع قد تقل فيه نسبة الوعي بالحقوق، مع قلة الخبرة لدى الأطباء مقارنة بأطباء البلد التي حصلت فيها الحالتان.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال